من أخطر من من؟
علي زبيدات – سخنين
في استطلاع للرأي أجرته مؤخرا أل بي بي سي شمل 22 دولة
احتلت إسرائيل المرتبة الثالثة كأسوأ دولة في العالم وصاحبة التأثير السلبي على
العالم. وقبل عدة سنوات جرى استطلاع آخر للرأي في أوروبا تبين من خلاله أن دولة إسرائيل
تشكل أكبر خطر على أمن العالم. وفي هذه الأيام بينما يشهد العالم جوا من الانفراج
في الملف النووي الإيراني في أعقاب التوصل إلى اتفاق بين إيران والوكالة الدولية
للطاقة النووية وإمكانية التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول النووية العظمى وفي
مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، جن جنون حكام إسرائيل الذين لا يقبلون عن
الحرب بديلا. وكأن الحرب بالنسبة لهم لعبة أطفال تتم بأسلحة بلاستكية ولا تتمخض عن
قتل ودمار.
دولة إسرائيل وباعتراف العالم هي أكبر محرض ومثير للحروب
في العالم. فقد كانت القوة الدافعة وراء الحروب في العراق ولبنان وغزة والدول
العربية الأخرى بل أن يديها الطويلتين قد وصلتا أيضا إلى إفريقيا واسيا وأمريكا
اللاتينية إما مباشرة وإما بشكل غير مباشر عن طريق تصدير الأسلحة الفتاكة والخبراء
والمرتزقة. لم يشهد العالم خلال تاريخه الطويل أبدا دولة صغيرة كهذه تثير كل هذه الحروب.
ولم يشهد التاريخ البشري دولة عسكرية بل دولة أصبحت ترسانة من أسلحة الدمار الشامل
مثل دولة إسرائيل. حتى أن إسبارطة القديمة أصبحت نموذجا لطيفا بالمقارنة بها.
أنا شخصيا ضد السلاح النووي مهما كان مصدره ومهما كان
حامله. لا يوجد هناك قنبلة نووية إسلامية أو عربية أو غربية. السلاح النووي أعمى
ومجرم لا دينا له ولا قومية يدمر كل ما حوله بشكل عشوائي. صنعه، امتلاكه واستعماله
هو جريمة في حق البشرية. لا يوجد شيء في الدنيا يمكن أن يبرره. يعتقد البعض أن
السلم العالمي يكون مضمونا أكثر إذا ما انكسر احتكار الدول العظمى للسلاح النووي
وامتلكته دولا أخرى لأن ذلك من شأنه أن يشكل ميزانا من الرعب يردع كل دولة من
استعمال أسلحتها. هذه نظرية فاسدة وخطيرة. أولا، أي حياة هذه يمكن أن تتمتع بها
شعوب الأرض تعيش دوما في ظل رهيب من الرعب؟ وثانيا، بدل إنفاق المليارات على تطوير
وتصنيع الأسلحة النووية يمكن إنفاقها على مكافحة المجاعات والأمراض في العالم.
عدالة القضية هي التي تحدد عدالة السلاح الذي يستعمل
للدفاع عنها. ولكن لا يوجد هناك أية قضية في العالم تستطيع أن تحدد عدالة السلاح
النووي. ليس سرا أن كرتنا الأرضية تقف على كف عفريت. وأن الترسانة النووية
الموجودة الآن كافية لأن تدمرها عدة مرات. البرنامج النووي الإيراني مهما بلغت
خطورته ومهما صدقنا الدعاية الغربية والإسرائيلية بشأنه فإنه أقل خطورة بما لا
يقاس من الترسانة النووية التي تمتلكها إسرائيل. والعالم المنافق الذي يعرف هذه الحقيقة
جيدا يصمت صمت أهل القبور. الأسلحة النووية لم ولن تجلب الأمن لأية دولة ولكنها
جلبت الرعب والقلق والرعب للجميع وإذا استمر العالم في تطويرها وصنعها فإنها سوف
تجلب نهايته أيضا. يجب البدء بنزع وتدمير هذه الأسلحة فورا ابتداء من الولايات
المتحدة الأمريكية وباقي الدول الأخرى التي تمتلكها بما فيها دولة إسرائيل.
يقود دولة إسرائيل
الآن مجموعة من المهووسين وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي لا يهدأ له بال إلا
إذا أثار المزيد من الحروب والمزيد من الأزمات في العالم، ووزير خارجية يهدد
بتفجير السد العالي لإغراق 80 مليون مصري،
ويصرح بأن مصر تشكل خطر على إسرائيل أكثر من نووي إيران ويدعو إلى إعادة
احتلال سيناء. فهل من الغرابة أن يعتبر الرأي العام العالمي هذه الدولة الأخطر على
أمنه؟
دولة إسرائيل مهددة بالزوال، وهذا أمر طبيعي مثلها مثل
دول عديدة قامت وزالت في العالم. ولكني أستطيع أن أطمئن حكام هذه الدولة إنها لن
تزول عن طريق النووي الإيراني أو نووي عربي أو غيره. لأن الأسلحة النووية تدمر البلاد
ولا تحررها، ونحن نريد فلسطين محررة وليست مدمرة. وهذا هو الفرق الأساسي بين الحرب
والثورة. زوال الدولة لا يعني زوال الشعب. قد يكون العكس صحيحا: قد يكون زوال
الدولة شرطا أساسيا لبقاء الشعب. الأمن الوجودي لدولة إسرائيل شيء والأمن الوجودي
لسكان هذه الدولة هو شيء آخر.
كلما تفاقمت الدعوة للحرب كلما تصاعدت الأصوات المعارضة
لها حتى من الأوساط الحاكمة نفسها. فها هو وزير الحرب الإسرائيلي يشكك في خطورة
إيران وفي حتمية الحل العسكري، وقد لحق به شخصيات أمنية أخرى مثل رئيس الموساد
السابق وغيره. ولكن طبعا مثل هذه الأصوات ليست بديلا عن تحرك شعبي محلي وإقليمي
وعالمي ضد الحرب بشكل عام وضد الأسلحة النووية والحرب النووية بشكل خاص.
1 comment:
شكرا على الموضوع
Post a Comment