Wednesday, May 02, 2012

النداء الأخير لإنقاذ أسرى الحرية
علي زبيدات – سخنين

لم يعد هناك مجال للتأتاة أو للتلعثم. لم يعد هناك مجال للمجاملة أو للنفاق. لقد أصبح الصمت عارا والسكوت جريمة. الصورة واضحة بدون أية رتوش: تعامل كافة المستويات القيادية الفلسطينية مع قضية الأسرى السياسيين المضربين عن الطعام أصبحت فضيحة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. وبناء على ذلك لم يعد أمامها سوى خيارين لا ثالث لهما: إما أن تتحمل المسؤولية كاملة وتقوم بواجبها كما ينبغي وإما أن ترحل مرة واحدة وإلى الأبد.
الساعة الرملية على وشك النفاد. في كل لحظة أسير مضرب عن الطعام معرض للإستشهاد. الأسير ثائر حلاحلة بعد 64 يوما من الإضراب في غيبوبة، الأسير بلال ذياب هو الآخر يواجه خطر الموت، صحة الأسير أحمد سعدات في تدهور خطير، وهكذا عشرات الأسرى. مئات الأسرى الآخرين يدخلون الأسبوع الثالث من الإضراب. السلطات الإسرائيلية مصرة على موقفها المتعنت ومما يشجعها على تعنتها هذا هو الموقف المخزي لكافة المستويات القيادية الفلسطينية والعربية.
ماذا تنتظرون حتى تتحركوا؟ استشهاد واحد؟ اثنين؟ عشرة؟ يصرح رئيس السلطة الفلسطينية بأن السلطة سوف تعمل على تحويل قضية الأسرى إلى الأمم المتحدة وسوف تعمل على تدويل القضية برمتها؟ ماذا تنتظر؟ لماذا لم تحول القضية إلى الأمم المتحدة (العقيمة أصلا) حتى الآن؟ خصوصا وأن قضية الأسرى ملتهبة منذ فترة طويلة. على الأقل لكي نقول إنك فعلت ما تستطيعه. ولكن لكي نصدقك ولو قليلا يا سيادة الرئيس توقف حالا عن كافة أشكال التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، توقف عن بعث الرسائل لرئيس الحكومة الإسرائيلية والتي تلقى في سلة المهملات من غير أن تفتح، توقف عن التصريحات المشينة بأن نتنياهو شريكك للسلام الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
إسماعيل هنية، رئيس حكومة غزة يدعو إلى انتفاضة في الدول العربية والإسلامية لنصرة الأسرى. من الأحرى بك أن تدعو إلى انتفاضة في فلسطين أولا، بل من الأحرى أن تضرب التهدئة بعرض الحائط أولا.  عن أية تهدئة تتكلم يا رجل؟ أقوى الحبوب المهدئة في العالم لم تعد تنفع لتهدئة الشارع الفلسطيني.
وعندنا في فلسطين المحتلة عام 1948: لجنة المتابعة العليا بلعت لسانها، لا بيان، لا تصريح ، لا اجتماع. وكيف تجتمع أصلا ورئيسها في زيارة إلى مولدوفا لتفقد طلاب طب الأسنان، ورئيس اللجنة لقطرية للسلطات المحلية العربية في أمريكا لجمع الأموال؟ وحدث بلا حرج عن أعضاء الكنيست العرب الذين يملؤون قاعة وأروقة الكنيست بالصراخ حول كل موضوع مهما بلغت تفاهته ولكنهم يصمتون صمت أهل القبور فيما يتعلق بقضية الأسرى.
تعيش الجماهير الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها حالة من التأهب والغليان. وهي، مثلها مثل الحركة الأسيرة نفسها، على أتم الاستعداد للصمود وتصعيد النضال. إذن لا يوجد هناك أي تبرير أمام المؤسسات القيادية لكي تدعي كعادتها بأن الجماهير غير جاهزة لخوض النضال.
مع كل احترامي وتقديري لعشرات الشباب والناشطين الذين ينزلون إلى الشوارع والمفارق والساحات في مدن وقرى عربية عديدة والذين يشاركون في خيم الاعتصام والمظاهرات أمام بعض السجون. غير أنه في هذه القضية بالذات لا بد من قرار سياسي  على مستوى قطري لحشد وتنظيم وتعبئة كافة طبقات المجتمع. للأسف الشديد، قرار كهذا ما زال حكرا على المستويات القيادية التي تكلمت عنها. على الشباب والناشطين المنتمين لأحزاب سياسية وغير المنتمين أن يعملوا على زيادة الضغط على المؤسسات القيادية بدءا من قياداتهم الحزبية الخاصة ووضعهم أمام مسؤولياتهم الوطنية: إما القيام بالواجب كما تمليه القضية وإما الرحيل.
الأسرى بعد الشهداء هم الشعلة التي تبقي قضيتنا الوطنية حية. لولاهم لماتت القضية منذ زمن بعيد في أروقة مدريد وأسلو وواشنطن وتحت أقدام جنودا الاحتلال. لذلك من حقهم علينا أن نعمل كل ما نستطيعه حتى تبقى هذه الشعلة ملتهبة.
                                                               

No comments: