أين الأرض في يوم الأرض؟
علي زبيدات – سخنين
منذ سنوات طويلة ونحن نطلق عليه مجازا اسم "يوم الأرض" ونضيف عليه في كل خطاباتنا ونشراتنا كلمة خالد حتى أصبح يعرف للقاصي والداني باسم "يوم الأرض الخالد". ولكن مع مرور السنين فقدت الأرض علاقتها بهذا اليوم بعد أن اختلطت علينا الأمور ولم نعد ندري عن أية أرض نتكلم؟ هل نتكلم عن الأرض الفلسطينية التي أغتصبت عام 1948 وأقامت عليها الحركة الصهيونية دولة إسرائيل؟ أم نتكلم عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967؟ أم نقصد تلك المنطقة المحددة التي تسمى في القاموس العسكري الإسرائيلي منطقة رقم 9 والتي كانت محاولة مصادرتها منذ أكثر من ربع قرن السبب المباشر لانفجار يوم الأرض الأول؟
مهما كانت الأرض المقصودة فقد وصلت القطيعة بين الأرض وبين اليوم الذي يحمل أسمها إلى أوجها وأصبحت شبه كاملة. تقول الإحصائيات، ولا أدري إن كانت رسمية أو غير رسمية، الأمر الذي لا يغير في الواقع شيئا، أن الدولة العبرية قد استولت على 97 % منها، هذا في الأراضي التي احتلت عام 1948. أما في الأراضي التي احتلت بعد ذلك فقد تم حتى الآن ابتلاع حوالي نصفها بينما يعرف النصف الآخر بأنه أراض متنازع عليها.
وهكذا أصبح الكلام حول الدفاع عن الأرض كلاما سرياليا. إذ كيف يمكن الدفاع عن شيء تم فقدانه منذ زمن طويل؟ ولعل الكلام الواقعي الوحيد ينبغي أن يكون المطالبة باسترجاع الأرض المفقودة ، ولكن للأسف يبدو هذا الواقع أبعد من الخيال ولا يجرؤ على المجاهرة به أحد.
أظن، بعد هذه السنوات الطويلة، قد آن الأوان لكسر الروتين الذي جعل من يوم الأرض أشبه بجثة هامدة محنطة تحيط بها حالة من القدسية. أصبح إحياء ذكرى يوم الأرض يتم بحكم العادة وقانون القصور الذاتي ولأنه موجود على الرزنامة ولا يستطيع أحد يشطبه بجرة قلم. أقصد بالروتين الذي يجب كسره هنا تعامل لجنة المتابعة، بكافة مركباتها، وهي الجهة المكلفة باتخاذ القرار لإحياء يوم الأرض، بعد غياب لجنة الدفاع عن الأراضي. حيث تبقي النقاش حول هذا الموضوع مكبوتا حتى الأسبوع الأخير من الشهر ومن ثم تعقد جلسة طارئة ومستعجلة وتخرج من الدرج الوصفة المعروفة: مسيرة مركزية في إحدى قرى مثلث يوم الأرض بالإضافة إلى بعض النشاطات المحلية الأخرى وفي أحسن الظروف يتم النقاش ما إذا كان من الضروري بالإضافة للمسيرة المركزية الإعلان عن يوم إضراب أم لا. في النهاية، تتوصل إلى قرار توافقي بحيث لا يكون هناك فرق كبير بين الإضراب العام أو عدمه. وبعد المسيرة تعتلي الشخصيات القيادية نفسها المنصة، الاختلاف الوحيد هو تبدل بعض الخطباء حسب البلد المضيف. والتي تخرج من جيوبها خطاباتها القديمة، بتغيير بعض المفردات فقط لكي لا يكون التناقض صارخا مع المستجدات. وعادة ما تكون هذه الخطابات خطابات عصماء تنضح بالحماس والشعارات الرنانة وكأن الأرض بألف خير. وهكذا تنتهي الذكرى، وينتهي يوم الأرض ونبدأ بانتظار ذكرى العام القادم. بينما الهجمة الحكومية لنهب المزيد من النزر القليل المتبقي من الأرض الفلسطينية مستمرة وفي السنوات الأخيرة يتم التركيز على أرض النقب والقدس.
أظن أنه ليس فقط قد آن الأوان لكسر هذا الروتين بل أصبح ذلك ضرورة قصوى وفي الوقت نفسه أصبح ممكنا أيضا. هناك اليوم تحرك عالمي لتنظيم مسيرة مليونية تتوجه هذه السنة في يوم الأرض إلى القدس التي تتعرض لعملية تهويد شرسة وهي ليست أقل من عملية تطهير عرقي واسعة النطاق. في الثلاثين من آذار هذه السنة سوف يسير الآلاف من شتى بقاع العالم نحو القدس، فهل نقف وقفة المتفرج ونحن لا نبعد سوى كيلومترات معدودة عنها؟ هل تستطيع لجنة المتابعة العليا وكافة الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والأفراد أن يتخذوا موقفا تاريخيا جريئا ويقرروا التوجه في هذا اليوم نحو القدس؟ هل نستطيع أن نخرج من التقوقع الذي فرضناه على أنفسنا في مثلث يوم الأرض ونتجه إلى رحاب القدس ونلتحم مع الذين هدمت بيوتهم في الشيخ جراح وسلوان والمهددين بالترحيل من كافة أحياء القدس؟
هل يوجد هناك مكان في هذه الأيام أفضل من القدس لكي تحتضن يوم الأرض وتتم المصالحة بين اليوم والأرض؟
للقدس رايحين متظاهرين (ولا أقول شهداء) بالملايين.
علي زبيدات – سخنين
منذ سنوات طويلة ونحن نطلق عليه مجازا اسم "يوم الأرض" ونضيف عليه في كل خطاباتنا ونشراتنا كلمة خالد حتى أصبح يعرف للقاصي والداني باسم "يوم الأرض الخالد". ولكن مع مرور السنين فقدت الأرض علاقتها بهذا اليوم بعد أن اختلطت علينا الأمور ولم نعد ندري عن أية أرض نتكلم؟ هل نتكلم عن الأرض الفلسطينية التي أغتصبت عام 1948 وأقامت عليها الحركة الصهيونية دولة إسرائيل؟ أم نتكلم عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967؟ أم نقصد تلك المنطقة المحددة التي تسمى في القاموس العسكري الإسرائيلي منطقة رقم 9 والتي كانت محاولة مصادرتها منذ أكثر من ربع قرن السبب المباشر لانفجار يوم الأرض الأول؟
مهما كانت الأرض المقصودة فقد وصلت القطيعة بين الأرض وبين اليوم الذي يحمل أسمها إلى أوجها وأصبحت شبه كاملة. تقول الإحصائيات، ولا أدري إن كانت رسمية أو غير رسمية، الأمر الذي لا يغير في الواقع شيئا، أن الدولة العبرية قد استولت على 97 % منها، هذا في الأراضي التي احتلت عام 1948. أما في الأراضي التي احتلت بعد ذلك فقد تم حتى الآن ابتلاع حوالي نصفها بينما يعرف النصف الآخر بأنه أراض متنازع عليها.
وهكذا أصبح الكلام حول الدفاع عن الأرض كلاما سرياليا. إذ كيف يمكن الدفاع عن شيء تم فقدانه منذ زمن طويل؟ ولعل الكلام الواقعي الوحيد ينبغي أن يكون المطالبة باسترجاع الأرض المفقودة ، ولكن للأسف يبدو هذا الواقع أبعد من الخيال ولا يجرؤ على المجاهرة به أحد.
أظن، بعد هذه السنوات الطويلة، قد آن الأوان لكسر الروتين الذي جعل من يوم الأرض أشبه بجثة هامدة محنطة تحيط بها حالة من القدسية. أصبح إحياء ذكرى يوم الأرض يتم بحكم العادة وقانون القصور الذاتي ولأنه موجود على الرزنامة ولا يستطيع أحد يشطبه بجرة قلم. أقصد بالروتين الذي يجب كسره هنا تعامل لجنة المتابعة، بكافة مركباتها، وهي الجهة المكلفة باتخاذ القرار لإحياء يوم الأرض، بعد غياب لجنة الدفاع عن الأراضي. حيث تبقي النقاش حول هذا الموضوع مكبوتا حتى الأسبوع الأخير من الشهر ومن ثم تعقد جلسة طارئة ومستعجلة وتخرج من الدرج الوصفة المعروفة: مسيرة مركزية في إحدى قرى مثلث يوم الأرض بالإضافة إلى بعض النشاطات المحلية الأخرى وفي أحسن الظروف يتم النقاش ما إذا كان من الضروري بالإضافة للمسيرة المركزية الإعلان عن يوم إضراب أم لا. في النهاية، تتوصل إلى قرار توافقي بحيث لا يكون هناك فرق كبير بين الإضراب العام أو عدمه. وبعد المسيرة تعتلي الشخصيات القيادية نفسها المنصة، الاختلاف الوحيد هو تبدل بعض الخطباء حسب البلد المضيف. والتي تخرج من جيوبها خطاباتها القديمة، بتغيير بعض المفردات فقط لكي لا يكون التناقض صارخا مع المستجدات. وعادة ما تكون هذه الخطابات خطابات عصماء تنضح بالحماس والشعارات الرنانة وكأن الأرض بألف خير. وهكذا تنتهي الذكرى، وينتهي يوم الأرض ونبدأ بانتظار ذكرى العام القادم. بينما الهجمة الحكومية لنهب المزيد من النزر القليل المتبقي من الأرض الفلسطينية مستمرة وفي السنوات الأخيرة يتم التركيز على أرض النقب والقدس.
أظن أنه ليس فقط قد آن الأوان لكسر هذا الروتين بل أصبح ذلك ضرورة قصوى وفي الوقت نفسه أصبح ممكنا أيضا. هناك اليوم تحرك عالمي لتنظيم مسيرة مليونية تتوجه هذه السنة في يوم الأرض إلى القدس التي تتعرض لعملية تهويد شرسة وهي ليست أقل من عملية تطهير عرقي واسعة النطاق. في الثلاثين من آذار هذه السنة سوف يسير الآلاف من شتى بقاع العالم نحو القدس، فهل نقف وقفة المتفرج ونحن لا نبعد سوى كيلومترات معدودة عنها؟ هل تستطيع لجنة المتابعة العليا وكافة الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والأفراد أن يتخذوا موقفا تاريخيا جريئا ويقرروا التوجه في هذا اليوم نحو القدس؟ هل نستطيع أن نخرج من التقوقع الذي فرضناه على أنفسنا في مثلث يوم الأرض ونتجه إلى رحاب القدس ونلتحم مع الذين هدمت بيوتهم في الشيخ جراح وسلوان والمهددين بالترحيل من كافة أحياء القدس؟
هل يوجد هناك مكان في هذه الأيام أفضل من القدس لكي تحتضن يوم الأرض وتتم المصالحة بين اليوم والأرض؟
للقدس رايحين متظاهرين (ولا أقول شهداء) بالملايين.
No comments:
Post a Comment