هل على القدس أن تنتظر حتى يكتمل التهويد؟
علي زبيدات – سخنين
أقرت لجنة المتابعة العليا، كما هو معروف، إحياء ذكرى يوم الأرض بمسيرتين مركزيتين تختتم بمهرجانيين إحداهما في مثلث يوم الأرض والأخرى في النقب. على ضوء الأخبار حول "المسيرة العالمية لمناهضة تهويد القدس" والتي من المحتمل أن تدخل روحا جديدة لذكرى يوم الأرض كنت قد اقترحت في مقال سابق أن تكون الجماهير الفلسطينية في الداخل في قلب هذا الحدث وتقرر أن تكون المسيرة المركزية إلى القدس وأن يكون المهرجان المركزي في القدس. ولكن مع السف الشديد، الجماهير الفلسطينية ليست هي من يتخذ القرارات بل ينوب عنها لجنة تطلق على نفسها: "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في ...". وقد علمت، من وسائل الإعلام طبعا، أن الحضور في اجتماع اللجنة الذي اتخذ القرار كان هزيلا وشهد مقاطعة أو تغيب بعض مركباتها هذا بالإضافة إلى النقاش العقيم والمتكرر حول ضرورة الإضراب في هذا اليوم أو عدمه. وكان القرار هذا العام عدم الإضراب على عكس السنة الماضية.
على كل حال، بينما ستكون أنظار العالم في 30 آذار، يوم الأرض متجهة نحو القدس ستكون أنظارنا وأقدامنا متجهة نحو قرية دير حنا. فالسيناريو هنا معد مسبقا ومضمون: فالشباب المتحمس سوف يبدأ المسيرة من سخنين وسوف يقطع أكثر من عشرة كيلومترات حتى أرض المهرجان في دير حنا. والأقل حماسا سوف يبدؤون مسيرتهم في منتصف الطريق من قرية عرابة أما الآخرون ومن بينهم معظم القيادات سيكتفون بمسيرة متواضعة في دير حنا نفسها. وفي المهرجان نفسه سوف يستمعون إلى خطابين ليس أكثر: الأول من رئيس السلطة المحلية للبلد المضيف والثاني من رئيس لجنة المتابعة.
إذن، لماذا المخاطرة والتوجه إلى القدس وقد تكون النتائج لا يحمد عقباها من مواجهات وقنابل مسيلة للدموع؟ بل وقد تعيد إلى الاذهان ما حدث السنة الماضية في مجدل شمس في ذكرى النكسة.
منذ اليوم الأول لاحتلالها والقدس تتعرض للتهويد ولعملية منهجية من التطهير العرقي أمام سمع وبصر العالم. وكان رد العالم خجولا لا يتعدى الإدانات اللفظية. ولم يكن الرد العربي والفلسطيني أفضل من ذلك بكثير إن لم يكن أسوأ. فالقدس تستحق أكثر من يوم أرض واحد وها نحن نبخل عليها حتى بالمسيرة المركزية ليوم الأرض ونفضل أن نبقى متقوقعين في مثلثنا الآمن.
تهويد القدس جار على قدم وساق ولكنه لم يكتمل بعد. ويظن منظمو نشاطات يوم الأرض أن الإدانات شديدة اللهجة تكفي لوقف التهويد وأن كيل المدائح للمقدسيين على صمودهم كاف للجم قطعان المستوطنين. ويظنون أن القدس تستطيع أن تنتظر وعلى يوم الأرض أن يبقى داخل مثلث يوم الأرض وينتقل بالتناوب من قرية إلى أخرى.
أغلب الظن ألا تستطيع "المسيرة العالمية لمناهضة تهويد القدس" الوصول إلى القدس. فهناك أطراف عديدة سوف تعمل على أبقافها: اللوبي الصهيوني في شتى أنحاء العالم بدأ يستعمل نفوذه ويمارس ضغوطه لإيقافها. أذرع الأمن الإسرائيلية على مختلف أشكالها مستنفرة لمواجهتها. دول الطوق العربية بما فيها السلطة الفلسطينية سوف تعمل على صدها بالتنسيق مع الدولة العبرية وأمريكا.
الجماهير الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة سوف يتم إيقافها بالقوة إذا لزم الأمر على الحواجز. فلسطينيو الداخل، وهم الطرف الوحيد الذي يستطيع الوصول إلى القدس بسهولة نسبية، ليسوا في هذا الوارد لأن زعامتهم قد اختارت ألا تنام بين القبور وألا تحلم أحلام مرعبة. وتبنت قول جرير: "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا فابشر بطول سلامة يا مربع". خطابات المهرجان المركزي لن توقف مصادرة أراضي الجليل والنقب ولن تمنع هدم البيوت وتهويد القدس وإفراغها من سكانها الأصليين.
لقد أصبح يوم الأرض يوما وطنيا فلسطينيا يوحد الفلسطينيين أينما كانوا: في الأراضي المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات. ويوحد الأرض الفلسطينية المغتصبة في كافة أرجاء فلسطين فلماذا نصر على إبقائه حبيسا في زاوية ضيقة؟
القدس لا تستطيع أن تنتظر أكثر مما انتظرته. كل يوم بيت يهدم أو أرض تصادر أو مستوطن يعيث فسادا. فإلى متى هذا الخذلان؟ أدعو الشباب أن يأخذوا زمام الأمور في أيديهم، يضربوا بقرارات المتابعة بعرض الحائط ويقودوا المسيرة المركزية ليوم الأرض إلى القدس.
علي زبيدات – سخنين
أقرت لجنة المتابعة العليا، كما هو معروف، إحياء ذكرى يوم الأرض بمسيرتين مركزيتين تختتم بمهرجانيين إحداهما في مثلث يوم الأرض والأخرى في النقب. على ضوء الأخبار حول "المسيرة العالمية لمناهضة تهويد القدس" والتي من المحتمل أن تدخل روحا جديدة لذكرى يوم الأرض كنت قد اقترحت في مقال سابق أن تكون الجماهير الفلسطينية في الداخل في قلب هذا الحدث وتقرر أن تكون المسيرة المركزية إلى القدس وأن يكون المهرجان المركزي في القدس. ولكن مع السف الشديد، الجماهير الفلسطينية ليست هي من يتخذ القرارات بل ينوب عنها لجنة تطلق على نفسها: "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في ...". وقد علمت، من وسائل الإعلام طبعا، أن الحضور في اجتماع اللجنة الذي اتخذ القرار كان هزيلا وشهد مقاطعة أو تغيب بعض مركباتها هذا بالإضافة إلى النقاش العقيم والمتكرر حول ضرورة الإضراب في هذا اليوم أو عدمه. وكان القرار هذا العام عدم الإضراب على عكس السنة الماضية.
على كل حال، بينما ستكون أنظار العالم في 30 آذار، يوم الأرض متجهة نحو القدس ستكون أنظارنا وأقدامنا متجهة نحو قرية دير حنا. فالسيناريو هنا معد مسبقا ومضمون: فالشباب المتحمس سوف يبدأ المسيرة من سخنين وسوف يقطع أكثر من عشرة كيلومترات حتى أرض المهرجان في دير حنا. والأقل حماسا سوف يبدؤون مسيرتهم في منتصف الطريق من قرية عرابة أما الآخرون ومن بينهم معظم القيادات سيكتفون بمسيرة متواضعة في دير حنا نفسها. وفي المهرجان نفسه سوف يستمعون إلى خطابين ليس أكثر: الأول من رئيس السلطة المحلية للبلد المضيف والثاني من رئيس لجنة المتابعة.
إذن، لماذا المخاطرة والتوجه إلى القدس وقد تكون النتائج لا يحمد عقباها من مواجهات وقنابل مسيلة للدموع؟ بل وقد تعيد إلى الاذهان ما حدث السنة الماضية في مجدل شمس في ذكرى النكسة.
منذ اليوم الأول لاحتلالها والقدس تتعرض للتهويد ولعملية منهجية من التطهير العرقي أمام سمع وبصر العالم. وكان رد العالم خجولا لا يتعدى الإدانات اللفظية. ولم يكن الرد العربي والفلسطيني أفضل من ذلك بكثير إن لم يكن أسوأ. فالقدس تستحق أكثر من يوم أرض واحد وها نحن نبخل عليها حتى بالمسيرة المركزية ليوم الأرض ونفضل أن نبقى متقوقعين في مثلثنا الآمن.
تهويد القدس جار على قدم وساق ولكنه لم يكتمل بعد. ويظن منظمو نشاطات يوم الأرض أن الإدانات شديدة اللهجة تكفي لوقف التهويد وأن كيل المدائح للمقدسيين على صمودهم كاف للجم قطعان المستوطنين. ويظنون أن القدس تستطيع أن تنتظر وعلى يوم الأرض أن يبقى داخل مثلث يوم الأرض وينتقل بالتناوب من قرية إلى أخرى.
أغلب الظن ألا تستطيع "المسيرة العالمية لمناهضة تهويد القدس" الوصول إلى القدس. فهناك أطراف عديدة سوف تعمل على أبقافها: اللوبي الصهيوني في شتى أنحاء العالم بدأ يستعمل نفوذه ويمارس ضغوطه لإيقافها. أذرع الأمن الإسرائيلية على مختلف أشكالها مستنفرة لمواجهتها. دول الطوق العربية بما فيها السلطة الفلسطينية سوف تعمل على صدها بالتنسيق مع الدولة العبرية وأمريكا.
الجماهير الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة سوف يتم إيقافها بالقوة إذا لزم الأمر على الحواجز. فلسطينيو الداخل، وهم الطرف الوحيد الذي يستطيع الوصول إلى القدس بسهولة نسبية، ليسوا في هذا الوارد لأن زعامتهم قد اختارت ألا تنام بين القبور وألا تحلم أحلام مرعبة. وتبنت قول جرير: "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا فابشر بطول سلامة يا مربع". خطابات المهرجان المركزي لن توقف مصادرة أراضي الجليل والنقب ولن تمنع هدم البيوت وتهويد القدس وإفراغها من سكانها الأصليين.
لقد أصبح يوم الأرض يوما وطنيا فلسطينيا يوحد الفلسطينيين أينما كانوا: في الأراضي المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات. ويوحد الأرض الفلسطينية المغتصبة في كافة أرجاء فلسطين فلماذا نصر على إبقائه حبيسا في زاوية ضيقة؟
القدس لا تستطيع أن تنتظر أكثر مما انتظرته. كل يوم بيت يهدم أو أرض تصادر أو مستوطن يعيث فسادا. فإلى متى هذا الخذلان؟ أدعو الشباب أن يأخذوا زمام الأمور في أيديهم، يضربوا بقرارات المتابعة بعرض الحائط ويقودوا المسيرة المركزية ليوم الأرض إلى القدس.
No comments:
Post a Comment