ديمقراطية سيربيروس - الكلب ذو الرؤوس الثلاثة
علي زبيدات – سخنين
يحكى كما جاء في الميثولوجيا الإغريقية أنه كان هناك كلب مشوه شرس يسيطر عليه الحقد يسمى سيربيروس. وكان لهذا الكلب ثلاثة رؤوس في غاية القبح والمسخ وجسد واحد. وكان هذا الكلب حارس المدخل الوحيد لعالم الموت وخادم بوابة العالم السفلي وكانت مهمته منع خروج الأرواح التي دخلت العالم السفلي وفي الوقت نفسه منع أي شخص من عالم الأحياء الدخول إليه. وكل من كانت تسول له نفسه الدخول كان سيربيروس يمزقه إربا إربا ويفترسه.
في بلادنا، سيربيروس هو جهاز "الدولة اليهودية الديمقراطية" ذو الرؤوس الثلاثة والجسد الواحد.
الرأس الأول: السلطة التشريعية أي الكنيست حيث يتكاتف رجال عصابات يسمون أنفسهم ممثلي الجمهور، يشكلون أغلبية ويسنون القوانين التي تعبر عن أحقادهم الدفينة.
الرأس الثاني: السلطة التنفيذية، أي الحكومة التي تنفذ القوانين على أرض الواقع بالعنف تارة وبالإكراه تارة أخرى. والرأس الثالث: السلطة القضائية أي المحاكم على أنواعها ودرجاتها والتي مهمتها أن تضفي الشرعية على القوانين الصادرة عن الرأس الأول وتؤمن الحماية القانونية للرأس الثاني عندما يبطش بالشعب الأعزل. ويقولون أن هذه السلطات مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض حسب النظريات الكلاسيكية في الفكر السياسي الديمقراطي من جون لوك وجان جاك روسو إلى مونتسكيه والبعض يعود بهذا الفصل إلى منبع الفلسفة الإغريقية نفسها إلى أفلاطون وأرسطو.
ثلاثة رؤوس وجسد واحد هذا ما أكدته مرة أخرى المحكمة العليا عندما صادقت على قانون المواطنة: الكنيست تشرع، الحكومة تنفذ والمحكمة تصادق. عاشت ديمقراطية سيربيروس المجيدة.
نحن لا نتكلم هنا عن وعران احتضنهم حزب "يسرائيل بيتينو" العنصري جاؤوا من بارات وشوارع روسيا سعيا وراء حياة أفضل بل نتكلم عن زبدة المجتمع الإسرائيلي، عن النخبة، عن جهابذة القضاء، عن ضمائر الدولة العبرية. فهذا القاضي أشر غرونيس الذي سوف يصبح قريبا رئيس المحكمة العليا يقول" حقوق الإنسان ليست وصفة للانتحار القومي" ويضيف: " لا يوجد في العالم دولة تسمح بدخول مواطنين أعداء إليها في ساعة حرب. ولا يوجد محكمة في العالم تسمح بدخول مواطنين أعداء إلى دولتها". لقد نسي "سعادة" القاضي أن هؤلاء الأعداء هم سكان البلد الأصليين. وآخر يقول: رفض القانون يعني التفريط بأمن الدولة. ويضيف آخر: رفض القانون يعني الاعتراف بحق عودة اللاجئين. أما الصحفي العنصري في جريدة معاريف بن درور يميني فيقول: " لقد أنقذت المحكمة نفسها من نفسها، فلو سقط القانون لحصلت هزة أرضية وكانت خطوة صغيرة في طريق طويل لإلغاء دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي".
قد يقول البعض: ولكن خمسة قضاة ومن ضمنهم رئيسة المحكمة نفسها صوتوا ضد القانون. أولا، هذا جزء من اللعبة التي تفترض تقسيم الأدوار. لكي تنجح اللعبة لا بد من وجود معارضة. وفي هذه الحالة دور المعارضين لا بقل من حيث الأهمية عن دور الموافقين. ثانيا، الخلافات بين القضاة المعارضين والقضاة المؤيدين للقانون لم تكن مبدئية أو كيفية أصلا، بل كانت حول التفاصيل وشمولية القانون.
تصوروا أن مثل هذا القانون كان قد سن وصادقت عليه المحاكم العليا في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إحدى الدول الأوروبية وكان موجها بشكل خاص ضد اليهود فماذا ستكون النتيجة؟ أظن لا حاجة هنا للإسهاب فالجواب معروف. المأساة هي أن بعض مؤسساتنا القيادية من أحزاب سياسية ومنظمات أهلية مهتمة بحقوق الإنسان كانت (وما زالت) تظن أن المحاكم الإسرائيلية من حيث المبدأ هي محاكم نزيهة وعادلة خصوصا إذا ما قورنت بالكنيست أو الحكومة.وكانوا إذا ما حصل لهم أي غبن من الكنيست أو الحكومة يهرولون إلى المحكمة طلبا للعدالة. وأن ما يحصل حاليا في أروقة المحاكم من أحكام جائرة وعنصرية هو من التأثير الخارجي السلبي. ونرى هذه المؤسسات تدين بكل ما لديها من عبارات وصراخ القوانين العنصرية الصادرة عن الكنيست والسياسة الحكومية التي تنفذ هذه القوانين ولكن إدانتها تصبح قريبة من العتاب عندما يتعلق الأمر بالسلطة القضائية.
نعود إلى قصة سيربيروس في المتولوجيا الإغريقية: فقط البطل هرقل استطاع أن يصارع هذا الكلب المشوه وينتصر عليه، فهل ما زال هناك أبطال من هذا النوع؟
علي زبيدات – سخنين
يحكى كما جاء في الميثولوجيا الإغريقية أنه كان هناك كلب مشوه شرس يسيطر عليه الحقد يسمى سيربيروس. وكان لهذا الكلب ثلاثة رؤوس في غاية القبح والمسخ وجسد واحد. وكان هذا الكلب حارس المدخل الوحيد لعالم الموت وخادم بوابة العالم السفلي وكانت مهمته منع خروج الأرواح التي دخلت العالم السفلي وفي الوقت نفسه منع أي شخص من عالم الأحياء الدخول إليه. وكل من كانت تسول له نفسه الدخول كان سيربيروس يمزقه إربا إربا ويفترسه.
في بلادنا، سيربيروس هو جهاز "الدولة اليهودية الديمقراطية" ذو الرؤوس الثلاثة والجسد الواحد.
الرأس الأول: السلطة التشريعية أي الكنيست حيث يتكاتف رجال عصابات يسمون أنفسهم ممثلي الجمهور، يشكلون أغلبية ويسنون القوانين التي تعبر عن أحقادهم الدفينة.
الرأس الثاني: السلطة التنفيذية، أي الحكومة التي تنفذ القوانين على أرض الواقع بالعنف تارة وبالإكراه تارة أخرى. والرأس الثالث: السلطة القضائية أي المحاكم على أنواعها ودرجاتها والتي مهمتها أن تضفي الشرعية على القوانين الصادرة عن الرأس الأول وتؤمن الحماية القانونية للرأس الثاني عندما يبطش بالشعب الأعزل. ويقولون أن هذه السلطات مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض حسب النظريات الكلاسيكية في الفكر السياسي الديمقراطي من جون لوك وجان جاك روسو إلى مونتسكيه والبعض يعود بهذا الفصل إلى منبع الفلسفة الإغريقية نفسها إلى أفلاطون وأرسطو.
ثلاثة رؤوس وجسد واحد هذا ما أكدته مرة أخرى المحكمة العليا عندما صادقت على قانون المواطنة: الكنيست تشرع، الحكومة تنفذ والمحكمة تصادق. عاشت ديمقراطية سيربيروس المجيدة.
نحن لا نتكلم هنا عن وعران احتضنهم حزب "يسرائيل بيتينو" العنصري جاؤوا من بارات وشوارع روسيا سعيا وراء حياة أفضل بل نتكلم عن زبدة المجتمع الإسرائيلي، عن النخبة، عن جهابذة القضاء، عن ضمائر الدولة العبرية. فهذا القاضي أشر غرونيس الذي سوف يصبح قريبا رئيس المحكمة العليا يقول" حقوق الإنسان ليست وصفة للانتحار القومي" ويضيف: " لا يوجد في العالم دولة تسمح بدخول مواطنين أعداء إليها في ساعة حرب. ولا يوجد محكمة في العالم تسمح بدخول مواطنين أعداء إلى دولتها". لقد نسي "سعادة" القاضي أن هؤلاء الأعداء هم سكان البلد الأصليين. وآخر يقول: رفض القانون يعني التفريط بأمن الدولة. ويضيف آخر: رفض القانون يعني الاعتراف بحق عودة اللاجئين. أما الصحفي العنصري في جريدة معاريف بن درور يميني فيقول: " لقد أنقذت المحكمة نفسها من نفسها، فلو سقط القانون لحصلت هزة أرضية وكانت خطوة صغيرة في طريق طويل لإلغاء دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي".
قد يقول البعض: ولكن خمسة قضاة ومن ضمنهم رئيسة المحكمة نفسها صوتوا ضد القانون. أولا، هذا جزء من اللعبة التي تفترض تقسيم الأدوار. لكي تنجح اللعبة لا بد من وجود معارضة. وفي هذه الحالة دور المعارضين لا بقل من حيث الأهمية عن دور الموافقين. ثانيا، الخلافات بين القضاة المعارضين والقضاة المؤيدين للقانون لم تكن مبدئية أو كيفية أصلا، بل كانت حول التفاصيل وشمولية القانون.
تصوروا أن مثل هذا القانون كان قد سن وصادقت عليه المحاكم العليا في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إحدى الدول الأوروبية وكان موجها بشكل خاص ضد اليهود فماذا ستكون النتيجة؟ أظن لا حاجة هنا للإسهاب فالجواب معروف. المأساة هي أن بعض مؤسساتنا القيادية من أحزاب سياسية ومنظمات أهلية مهتمة بحقوق الإنسان كانت (وما زالت) تظن أن المحاكم الإسرائيلية من حيث المبدأ هي محاكم نزيهة وعادلة خصوصا إذا ما قورنت بالكنيست أو الحكومة.وكانوا إذا ما حصل لهم أي غبن من الكنيست أو الحكومة يهرولون إلى المحكمة طلبا للعدالة. وأن ما يحصل حاليا في أروقة المحاكم من أحكام جائرة وعنصرية هو من التأثير الخارجي السلبي. ونرى هذه المؤسسات تدين بكل ما لديها من عبارات وصراخ القوانين العنصرية الصادرة عن الكنيست والسياسة الحكومية التي تنفذ هذه القوانين ولكن إدانتها تصبح قريبة من العتاب عندما يتعلق الأمر بالسلطة القضائية.
نعود إلى قصة سيربيروس في المتولوجيا الإغريقية: فقط البطل هرقل استطاع أن يصارع هذا الكلب المشوه وينتصر عليه، فهل ما زال هناك أبطال من هذا النوع؟
No comments:
Post a Comment