عملية "كوب الماء المسكوب"
علي زبيدات – سخنين
الموضوع بحد ذاته لا يستحق التعقيب أو التعليق: زميلان في بيت دافئ واحد وفي لجنة موقرة واحدة اختلفا فرفع أحدهما صوته بما لا يعجب الأخرى مما أثار عصبيتها فسكبت عليه كوبا من الماء. البعض يقول لكي تبرد من عصبيتها والبعض الآخر يقول لكي يبرد هو حماسه قليلا ومن ثم يهدأ. عادي، مثل هذه الأمور تحدث في أحسن العائلات وفي حالتنا هذه في أحسن البرلمانات. هذه السطور ليست دفاعا عن أحد وليست تشفيا بأحد. وعلى كل حال فقد عادت المياه إلى مجاريها بسرعة حيث قامت لجنة التأديب التابعة للكنيست بمعاقبة هذه الفاشية الصغيرة بإبعادها لشهر عن اجتماعات الكنيست الأمر الذي وصف بالعقوبة القاسية، وقامت هي بتقديم بعض عبارات الاعتذار للعضو المعتدى عليه الذي أسرع بالتعبير عن سروره بالعقاب الذي نالته المعتدية.
السؤال الذي يعود ويطرح نفسه بعناد: هل تشكل الكنيست ولجانها ونقاشاتها حقا حلبة جيدة وضرورية للنضال من أجل الدفاع وتحصيل حقوق الجماهير الفلسطينية في هذه البلاد؟ للوهلة الأولى يبدو الجواب قاطعا: نعم، طبعا. لو لم يكن كذلك فلماذا يتعرض النواب العرب بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والإيديولوجية إلى كل هذه الاهانات والمضايقات؟ النائب غالب مجادلة الذي ينتمي إلى حزب صهيوني عريق لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي يتعرض لمثل هذه المعاملة. فقد سبقه نواب ينتمون إلى أحزاب "قومية" و"تقدمية" وفي بعض الحالات من قبل النائبة الفاشية الصغيرة نفسها التي جاءتنا قبل سنوات معدودة من روسيا واليوم تريد أن تتحكم بمصائرنا.
ولكن هل تصرفات نواب اليمين المتطرف وغير المتطرف تجاه النواب العرب سبب كاف ومقنع لوجود نواب عرب بحجة النضال من أجل حقوقنا المشروعة من على منبر الكنيست؟ سمعت أحد الشباب الظرفاء يقول لأحد النواب العرب في إحدى المظاهرات التي انتهت بمواجهات طفيفة مع قوات الشرطة: في البلدان الأخرى يقوم نواب البرلمان عادة بحماية الجماهير من هراوات الشرطة ما عدا هنا حيث تقوم الجماهير بحماية نواب الكنيست العرب.
لسنا هنا بصدد تاريخ الكنيست الحافل بالجرائم ضد الشعب الفلسطيني ولسنا بصدد مكانتها ودورها في الدولة الصهيونية. فكل هذه الأمور أصبحت معروفة لكافة قطاعات الشعب. واليوم لسنا في أجواء انتخابات لكي ندعو للمقاطعة. يكفي أن نتذكر القوانين التي سنتها الكنيست في الفترة الأخيرة فقط: من قانون المواطنة والنكبة ولجان القبول مرورا بقانون المقاطعة والجمعيات وحتى قانون الولاء والدولة القومية اليهودية والحبل عالجرار.
طبعا سيقول البعض أن النواب العرب يعارضون هذه القوانين ويناضلون ضدها من أروقة الكنيست نفسها وبكل ما يملكونه من صراخ. وهذا صحيح بكل تأكيد: من أجل سن هذه القوانين العنصرية الأغلبية مضمونة ولكن الضرورة الأهم هو تأمين وجود معارضة صاخبة ولكن عقيمة لكي تتم اللعبة "الديمقراطية" وذلك من أجل ترويج الطابع الديمقراطي للدولة العبرية حتى يتم التصفيق لها في أوروبا وأمريكا وأماكن أخرى. هذه هي متعة اللعبة البرلمانية: حيث يخرج الجميع بعد يوم عمل شاق مبسوطين. الائتلاف الحاكم يسن القوانين العنصرية متى يشاء وكيفما يشاء، والمعارضين من النواب وخصوصا العرب منهم يملئون الدنيا ضجيجا ولكن تبقى طواحينهم فارغة.
يبدو أن بعض الناس قد أدمنوا هذه اللعبة البرلمانية ولا يستطيعون تركها ويحاولون إقناع أنفسهم وإقناع الآخرين بضرورة وجودهم وبقائهم في الكنيست هذا بالرغم من كونهم أول من يعرف أضرار هذه اللعبة.
يقول المثل العربي: "من يريد مداعبة القطط عليه أن يتحمل خراميشها". عندما تعرضت النائبة حنين الزعبي إلى هجمة شرسة بسبب مشاركتها في أسطول الحرية هب الجميع يدافعون عنها حتى الذين لا ينتمون لحزبها بصلة. ولكن عندما تعرضت لبعض المضايقات من قبل زملائها في الكنيست ومن بينها الاعتداء عليها من قبل النائبة ميخائيلي نفسها فإن القصة تختلف. وقس على ذلك باقي النواب.
عملية كأس " الماء المسكوب" وعملية"الرصاص المصبوب" هما وجهان لعملة واحدة صكت في الكنيست الصهيوني.
علي زبيدات – سخنين
الموضوع بحد ذاته لا يستحق التعقيب أو التعليق: زميلان في بيت دافئ واحد وفي لجنة موقرة واحدة اختلفا فرفع أحدهما صوته بما لا يعجب الأخرى مما أثار عصبيتها فسكبت عليه كوبا من الماء. البعض يقول لكي تبرد من عصبيتها والبعض الآخر يقول لكي يبرد هو حماسه قليلا ومن ثم يهدأ. عادي، مثل هذه الأمور تحدث في أحسن العائلات وفي حالتنا هذه في أحسن البرلمانات. هذه السطور ليست دفاعا عن أحد وليست تشفيا بأحد. وعلى كل حال فقد عادت المياه إلى مجاريها بسرعة حيث قامت لجنة التأديب التابعة للكنيست بمعاقبة هذه الفاشية الصغيرة بإبعادها لشهر عن اجتماعات الكنيست الأمر الذي وصف بالعقوبة القاسية، وقامت هي بتقديم بعض عبارات الاعتذار للعضو المعتدى عليه الذي أسرع بالتعبير عن سروره بالعقاب الذي نالته المعتدية.
السؤال الذي يعود ويطرح نفسه بعناد: هل تشكل الكنيست ولجانها ونقاشاتها حقا حلبة جيدة وضرورية للنضال من أجل الدفاع وتحصيل حقوق الجماهير الفلسطينية في هذه البلاد؟ للوهلة الأولى يبدو الجواب قاطعا: نعم، طبعا. لو لم يكن كذلك فلماذا يتعرض النواب العرب بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والإيديولوجية إلى كل هذه الاهانات والمضايقات؟ النائب غالب مجادلة الذي ينتمي إلى حزب صهيوني عريق لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي يتعرض لمثل هذه المعاملة. فقد سبقه نواب ينتمون إلى أحزاب "قومية" و"تقدمية" وفي بعض الحالات من قبل النائبة الفاشية الصغيرة نفسها التي جاءتنا قبل سنوات معدودة من روسيا واليوم تريد أن تتحكم بمصائرنا.
ولكن هل تصرفات نواب اليمين المتطرف وغير المتطرف تجاه النواب العرب سبب كاف ومقنع لوجود نواب عرب بحجة النضال من أجل حقوقنا المشروعة من على منبر الكنيست؟ سمعت أحد الشباب الظرفاء يقول لأحد النواب العرب في إحدى المظاهرات التي انتهت بمواجهات طفيفة مع قوات الشرطة: في البلدان الأخرى يقوم نواب البرلمان عادة بحماية الجماهير من هراوات الشرطة ما عدا هنا حيث تقوم الجماهير بحماية نواب الكنيست العرب.
لسنا هنا بصدد تاريخ الكنيست الحافل بالجرائم ضد الشعب الفلسطيني ولسنا بصدد مكانتها ودورها في الدولة الصهيونية. فكل هذه الأمور أصبحت معروفة لكافة قطاعات الشعب. واليوم لسنا في أجواء انتخابات لكي ندعو للمقاطعة. يكفي أن نتذكر القوانين التي سنتها الكنيست في الفترة الأخيرة فقط: من قانون المواطنة والنكبة ولجان القبول مرورا بقانون المقاطعة والجمعيات وحتى قانون الولاء والدولة القومية اليهودية والحبل عالجرار.
طبعا سيقول البعض أن النواب العرب يعارضون هذه القوانين ويناضلون ضدها من أروقة الكنيست نفسها وبكل ما يملكونه من صراخ. وهذا صحيح بكل تأكيد: من أجل سن هذه القوانين العنصرية الأغلبية مضمونة ولكن الضرورة الأهم هو تأمين وجود معارضة صاخبة ولكن عقيمة لكي تتم اللعبة "الديمقراطية" وذلك من أجل ترويج الطابع الديمقراطي للدولة العبرية حتى يتم التصفيق لها في أوروبا وأمريكا وأماكن أخرى. هذه هي متعة اللعبة البرلمانية: حيث يخرج الجميع بعد يوم عمل شاق مبسوطين. الائتلاف الحاكم يسن القوانين العنصرية متى يشاء وكيفما يشاء، والمعارضين من النواب وخصوصا العرب منهم يملئون الدنيا ضجيجا ولكن تبقى طواحينهم فارغة.
يبدو أن بعض الناس قد أدمنوا هذه اللعبة البرلمانية ولا يستطيعون تركها ويحاولون إقناع أنفسهم وإقناع الآخرين بضرورة وجودهم وبقائهم في الكنيست هذا بالرغم من كونهم أول من يعرف أضرار هذه اللعبة.
يقول المثل العربي: "من يريد مداعبة القطط عليه أن يتحمل خراميشها". عندما تعرضت النائبة حنين الزعبي إلى هجمة شرسة بسبب مشاركتها في أسطول الحرية هب الجميع يدافعون عنها حتى الذين لا ينتمون لحزبها بصلة. ولكن عندما تعرضت لبعض المضايقات من قبل زملائها في الكنيست ومن بينها الاعتداء عليها من قبل النائبة ميخائيلي نفسها فإن القصة تختلف. وقس على ذلك باقي النواب.
عملية كأس " الماء المسكوب" وعملية"الرصاص المصبوب" هما وجهان لعملة واحدة صكت في الكنيست الصهيوني.
No comments:
Post a Comment