Wednesday, September 07, 2011

من المفاوضات العبثية إلى الاستحقاقات الوهمية

من المفاوضات العبثية إلى الاستحقاقات الوهمية
علي زبيدات – سخنين

أنا لا أفهم عربي، هل يستطيع أحد أن يشرح لي ماذا تعني كلمة"استحقاق" بالضبط؟ ولماذا "استحقاق أيلول/سبتمبر" بالذات؟ هل يسمى هذا استحقاقا لأنه جاء بناء على وعد قطعه رئيس الولايات المتحدة براك أوباما على نفسه وأمام العالم، ومن ثم تملص منه، لإقامة دولة فلسطينية حتى أيلول من هذا العام؟ أم هذا الاستحقاق قد جاء كمكافأة للسلطة الفلسطينية بسبب قضائها نهائيا على نهج المقاومة وإخلاصها ومثابرتها على التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال؟ ومن ثم فإنها تستحق وتستأهل أن تتحول إلى دولة خصوصا وإن رئيس حكومتها سلام فياض قد صرح منذ فترة طويلة أنه يعمل على بناء مؤسسات الدولة لكي تصبح جاهزة في أيلول. وبناء المؤسسات يتم من خلال دمج الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي بتمويل ورعاية الدول المانحة ومن خلال تقوية أجهزة الأمن التي ساهم في إنشائها الجنرال الأمريكي دايتون والتي تعمل بالتنسيق الكامل مع دولة إسرائيل. لماذا نكرر كالببغاوات استعمال مصطلحات هلامية تفوح من أحشائها رائحة نتنة لا تمت بأية صلة إلى الدولة الحقيقية ذات السيادة والاستقلال. استحقاق الدولة لا يمكن أن يعني سوى أمرا واحدا لا غير: وهو انه قد حان أجل قيامها كنتيجة طبيعية لتراكم النضالات وتحقيق الانتصارات والانجازات التي فرضت نفسها على العالم أجمع وليس عن طريق الاستجداءات المذلة.
يقول البعض: من يعارض "استحقاق أيلول/سبتمبر"، من يعارض أن تتحول السلطة الفلسطينية إلى دولة تكون عضوا في الأمم المتحدة تحظى باعتراف دولي، فأنه يقف إلى جانب إسرائيل وأمريكا اللتان ترفضان هذه العملية وتسعيان إلى إفشالها. هذه الحجة التي انطلت على الكثيرين هي من أغبى الحجج.
أولا: من الخطأ أن يحدد شعب، يناضل من أجل حريته واستقلاله، إستراتيجيته بناء على مواقف أعدائه من قبول أو رفض بل بناء على اعتبارات مبدئية نابعة من صميم حقوقه ومصالحة الوطنية.
ثانيا: من يقول أن إسرائيل وأمريكا تقف فعلا ضد التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بهذه الدولة المسخ التي تتمتع دولة جنوب السودان المقامة حديثا باستقلالية أكثر منها بما لا يقاس؟ مسرحية الرفض الإسرائيلية واضحة الأهداف. فقد جاءت لاعتبارات استهلاكية داخلية لكي تحول أنظار واهتمامات المواطن الإسرائيلي إلى عدو خارجي وهمي على ضوء الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة التي عصفت بها. فهي تقوم بعملية تعبئة وتجنيد هؤلاء المواطنين من خلال التحريض والتخويف. من هذا المنطلق قامت بتدريب المستوطنين لكي "يدافعوا" عن أنفسهم في أعقاب الاستحقاق. هذا بالرغم من أن رئيس السلطة قد صرح مرات عديدة بأن التنسيق الأمني سوف يستمر وسوف تتعاون قوى الأمن الفلسطينية مع جنود الاحتلال لحماية المستوطنات. ودعا الفلسطينيين للركون إلى الهدوء. وصرح أيضا أن اللجوء إلى الأمم المتحدة لن يكون بديلا عن المفاوضات. إذن لماذا كل هذا الضجيج الفارغ من المضمون؟ إنه يتيح للسلطة الفلسطينية بعد عشرين سنة من المفاوضات العبثية الهروب إلى الأمام لاستحقاق وهمي. ويتيح لحكومة إسرائيل كما قلنا معالجة وحل مشاكلها الداخلية.
السيناريو واضح: إذا عرضت قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مجلس الأمن فهناك الفيتو الأمريكي. وإذا عرضت على الجمعية العمومية ونالت الأغلبية فإنها ستتحول في أحسن الحالات إلى دولة غير كاملة العضوية وبالتالي لن يتغير على وضعها شيء اللهم سوى أنها سوف تصبح أكثر قبولا للتنازل والابتزاز.
ما يثير القلق هنا هو موقف الفصائل الفلسطينية وقد انطلت عليها الكذبة وكأننا مقدمون على معركة وطنية من الدرجة الأولى وتجندت كرجل واحد وراء محمد عباس. على هذه الفصائل أن تخجل من نفسها وأن تبدأ بتغيير أسمائها الخادعة. شعارات هذه الفصائل تقتصر على: "الشعب يريد إنهاء الاحتلال"، "الشعب يريد إنهاء الانقسام"، "الشعب يريد الحرية والعودة والاستقلال". الخ. من هذا الصنف من الشعارات. وقد تم شطب كلمة "تحرير" من جميعها. وأنا اقترح عليها، إذا كان هناك من لا يزال بداخلها يخجل من نفسه، أن تبدأ بتغيير أسمائها: فلماذا "منظمة التحرير الفلسطينية"؟ ولماذا "حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح"؟ ولماذا "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"؟ ولماذا "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"؟ هل ما زال هناك من يتحلى ببعض الجرأة والاستقامة ليقف ويقول: أيها الشعب الفلسطيني، انس كلمة تحرير، انس 80% من فلسطين، انس العودة. فكل ما تستطيع أن نحصل لك عليه هو هذا الاستحقاق التعيس.

2 comments:

أخبار said...

موضوع قيم جدا
شكرا جزيلا

Umzug Wien said...

ممتاز جدا
مدونه قيمه جدا
شكرا جزيلا لمجهوداتكم