النكبة بين الذكرى والقانون
علي زبيدات – سخنين
من يظن أن قانون النكبة الذي سنه البرلمان الإسرائيلي مؤخرا ووصفناه بحق بالعنصرية هو الأسوأ في موضوع النكبة فهو مخطئ. حسب رأيي طريقة إحيائنا "لذكرى" النكبة هي الأسوأ. وضعت كلمة ذكرى بين هلالين عن قصد وذلك لأنها أصبحت فعلا مجرد ذكرى تضاف إلى أخواتها التي ينضح بها التاريخ الفلسطيني مثل ذكرى يوم الأرض المتخاصم مع الأرض، وذكرى هبة أكتوبر المغتربة عن كل هبة. إذن، لم يبق من النكبة سوى ذكرى نحييها كل سنة بقوة الروتين وحكم العادة. لكي لا ننسى يقول البعض. ولكي لا نحقق الحلم الصهيوني الذي يقول: "الكبار يموتون والصغار ينسون". ونربت على أكتاف بعضنا البعض بفخر واعتزاز ونحن نرى الأعداد المتزايدة من الشباب الفلسطيني يشاركون في "مسيرة العودة" كل سنة.
هل هذه هي مهمة الشباب الفلسطيني؟ أن يتذكروا؟؟ ألا ينسوا أنه قبل 63 عاما تعرض الشعب الفلسطيني للنكبة؟ وماذا بعد؟ لم ولن ننسى أن يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا، وماذا بعد ذلك؟ متى سوف نبدأ بإزالة آثار هذه النكبة؟ لقد قلنا كل ما يمكن أن يقال عن حقنا القانوني والسياسي والإنساني والأخلاقي في العودة، وكررنا ما قلناه عشرات المرات، في كل ذكرى، في كل مسيرة "عودة" لإحدى قرانا المهجرة، ولكن متى سوف نخطو خطوة واحدة في طريق العودة الحقيقية؟؟
لقد أقرت جمعية "الدفاع عن حقوق المهجرين" ولا أدري من هي هذه الجمعية بالضبط ومن منحها حق احتكار هذه المناسبة، أن تكون المسيرة الرابعة عشرة هذه السنة إلى القريتين المهجرتين الرويس والدامون. وعممت بيانا على وسائل الإعلام بهذه المناسبة. من المخجل أنه بعد العواصف التي هبت في العالم العربي من ثورات أسقطت أنظمة عاتية أن نرى برنامج المهرجان المركزي لم يتزحزح قيد أنملة. التغيير الوحيد، إذا صح أن نسميه تغييرا، هو أن هذه الجمعية حملت هذا البرنامج الجاهز منذ سنوات على ظهرها وتنقلت به بين مسكة والكفرين وصفورية واللجون وغيرها من قرانا المهجرة. هل ينبغي أن ننتظر 500 سنة أخرى لكي نعطي كافة قرانا المهجرة حقها؟
جاء في بيان الجمعية أن المسيرة سوف تنتهي بمهرجان خطابي يتضمن كلمة للجنة المتابعة وكلمة لجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين وكلمة لمهجري القريتين وكلمة للجمعيات اليهودية التي تدعم حق العودة. ألم نحضر هذا الفلم عدة مرات؟ من يملك تسجيل لخطاب رئيس لجنة المتابعة من السنة الماضية في مسكة ليقارنه بالخطاب الذي سوف يلقيه بعد أيام في الدامون، ومن يجد فرقا واحدا، على غرار المسابقات التافه في بعض القنوات الفضائية العربية لإيجاد فارق واحد بين صورتين متشابهتين، فله جائزة. وكذلك الأمر بالنسبة لباقي الخطابات.
بما أن قضية اللاجئين والمهجرين وبالتالي حق العودة ليست ملكا لأحد حتى ليس للاجئين والمهجرين أنفسهم، فهي قضية وطنية من الدرجة الأولى فانا أطالب بكسر احتكار أية جمعية أو مؤسسة لهذه القضية وفتح المجال أمام كل فلسطيني يريد ويستطيع أن يساهم في خدمة هذه القضية. أنا لا أطالب بعزل أو اعتزال الناشطين الحاليين في هذا المجال فقد قاموا بجهود جبارة تستحق الثناء، الله يعطيهم العافية، كل ما أطلبه هو عدم الاحتكار، ألا تكون القرارات في اجتماعات مغلقة لا يعلم بها إلا بعض الأفراد، الكف عن أسلوب الإقصاء وإلغاء الآخرين.
منذ بداية مسيرات العودة في سنوات التسعين وحتى اليوم اقترحت أنا شخصيا في مناسبات مختلفة بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تخدم قضية العودة وتدفعها إلى الأمام. ولكن لم يكن هناك حتى من يستمع إليها ويناقشها وذلك لأني لا انتمي لأية جمعية أو حزب سياسي. وأنا على يقين أن الكثيرين من المهتمين الآخرين في هذا الموضوع قد قدموا العديد من المقترحات التي لم يتم الاستماع إليها أو مناقشتها للأسباب مشابهة. وها أنا أعود وأذكر بعض هذه المقترحات:
لماذا تم حتى الآن استثناء المدن الفلسطينية التي تعرضت هي الأخرى للتصفية عرقية في عام النكبة من مسيرات العودة؟ لماذا تم تجاهل عكا، حيفا، يافا، اللد، الرملة، طبريا، صفد؟ أليست هذه المدن أهم، مع كل الاحترام لجميع قرانا المهجرة، من قرية الكفرين النائية مثلا التي ضل الطريق إليها عدد كبير من المشاركين هذا بالرغم من الجهود لتعليم الطريق؟ هل هي مجرد صدفة أم سياسة الجمعية التي تتلاءم مع سياسة السلطات الإسرائيلية لمنح التصريح للمسيرة؟
منذ سنوات والقدس تتعرض لعملية غاشمة من التهويد وتهجير أهلها وآخرها المخططات الاستيطانية في الشيخ جراح وسلوان، هل لسياسة إسرائيل الراهنة في القدس علاقة بالنكبة أم لا؟ إذا كان الجواب نعم، وهو كذلك فلماذا لا نفكر حتى بأن تكون مسيرة العودة في شوارع القدس؟ بل لماذا لم نجرؤ لأن تكون المسيرة في احدى قرى القدس المهجرة مثل دير ياسين، لفتا، عين كارم، المالحة، الخ.
نحن نعيش في عصر الفضائيات والإعلام السريع العابر للقارات فلماذا لا نقوم بالعودة الفعلية إلى قرية معينة تحت تغطية إعلامية مكثفة والاعتصام في هذه القرية لفترة طويلة حتى تأتي قوات الأمن الإسرائيلية لإخلائنا بالقوة؟
اليوم يوجد تحرك شبابي فلسطيني – عربي – عالمي للزحف الملاييني نحو فلسطين في الخامس عشر من أيار، ما هو موقف لجنة المتابعة ولجنة الدفاع عن حقوق المهجرين من هذا التحرك؟ لماذا هذا الصمت؟ هل هو نابع عن استهتار بهذه الفكرة ودمغها بالخيالية؟ أم أن اسم "انتفاضة فلسطينية ثالثة" يخيفهم؟
هذه الفكرة التي تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن الواقع هي أكثر واقعية من كل الخطابات التي سوف نستمع إليها في المهرجان الخطابي. لماذا لا نفكر بتنظيم مسيرة سلمية لاستقبال اللاجئين الذين سوف يتوجهون إلى فلسطين في هذا اليوم؟ إلى قرية عرب العرامشة مثلا أو إلى بوابة فاطمة أو إلى أحد الجسور مع الأردن. لن تقدم العودة على طبق من ذهب أو فضة لأحد. لقد انتظرنا 63 عاما أكثر من اللازم للعودة وقد آن الأوان ليقوم كل لاجئ على رجليه يحمل عصاه ويسلك الطريق التي سوف تعيده إلى دياره.
علي زبيدات – سخنين
من يظن أن قانون النكبة الذي سنه البرلمان الإسرائيلي مؤخرا ووصفناه بحق بالعنصرية هو الأسوأ في موضوع النكبة فهو مخطئ. حسب رأيي طريقة إحيائنا "لذكرى" النكبة هي الأسوأ. وضعت كلمة ذكرى بين هلالين عن قصد وذلك لأنها أصبحت فعلا مجرد ذكرى تضاف إلى أخواتها التي ينضح بها التاريخ الفلسطيني مثل ذكرى يوم الأرض المتخاصم مع الأرض، وذكرى هبة أكتوبر المغتربة عن كل هبة. إذن، لم يبق من النكبة سوى ذكرى نحييها كل سنة بقوة الروتين وحكم العادة. لكي لا ننسى يقول البعض. ولكي لا نحقق الحلم الصهيوني الذي يقول: "الكبار يموتون والصغار ينسون". ونربت على أكتاف بعضنا البعض بفخر واعتزاز ونحن نرى الأعداد المتزايدة من الشباب الفلسطيني يشاركون في "مسيرة العودة" كل سنة.
هل هذه هي مهمة الشباب الفلسطيني؟ أن يتذكروا؟؟ ألا ينسوا أنه قبل 63 عاما تعرض الشعب الفلسطيني للنكبة؟ وماذا بعد؟ لم ولن ننسى أن يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا، وماذا بعد ذلك؟ متى سوف نبدأ بإزالة آثار هذه النكبة؟ لقد قلنا كل ما يمكن أن يقال عن حقنا القانوني والسياسي والإنساني والأخلاقي في العودة، وكررنا ما قلناه عشرات المرات، في كل ذكرى، في كل مسيرة "عودة" لإحدى قرانا المهجرة، ولكن متى سوف نخطو خطوة واحدة في طريق العودة الحقيقية؟؟
لقد أقرت جمعية "الدفاع عن حقوق المهجرين" ولا أدري من هي هذه الجمعية بالضبط ومن منحها حق احتكار هذه المناسبة، أن تكون المسيرة الرابعة عشرة هذه السنة إلى القريتين المهجرتين الرويس والدامون. وعممت بيانا على وسائل الإعلام بهذه المناسبة. من المخجل أنه بعد العواصف التي هبت في العالم العربي من ثورات أسقطت أنظمة عاتية أن نرى برنامج المهرجان المركزي لم يتزحزح قيد أنملة. التغيير الوحيد، إذا صح أن نسميه تغييرا، هو أن هذه الجمعية حملت هذا البرنامج الجاهز منذ سنوات على ظهرها وتنقلت به بين مسكة والكفرين وصفورية واللجون وغيرها من قرانا المهجرة. هل ينبغي أن ننتظر 500 سنة أخرى لكي نعطي كافة قرانا المهجرة حقها؟
جاء في بيان الجمعية أن المسيرة سوف تنتهي بمهرجان خطابي يتضمن كلمة للجنة المتابعة وكلمة لجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين وكلمة لمهجري القريتين وكلمة للجمعيات اليهودية التي تدعم حق العودة. ألم نحضر هذا الفلم عدة مرات؟ من يملك تسجيل لخطاب رئيس لجنة المتابعة من السنة الماضية في مسكة ليقارنه بالخطاب الذي سوف يلقيه بعد أيام في الدامون، ومن يجد فرقا واحدا، على غرار المسابقات التافه في بعض القنوات الفضائية العربية لإيجاد فارق واحد بين صورتين متشابهتين، فله جائزة. وكذلك الأمر بالنسبة لباقي الخطابات.
بما أن قضية اللاجئين والمهجرين وبالتالي حق العودة ليست ملكا لأحد حتى ليس للاجئين والمهجرين أنفسهم، فهي قضية وطنية من الدرجة الأولى فانا أطالب بكسر احتكار أية جمعية أو مؤسسة لهذه القضية وفتح المجال أمام كل فلسطيني يريد ويستطيع أن يساهم في خدمة هذه القضية. أنا لا أطالب بعزل أو اعتزال الناشطين الحاليين في هذا المجال فقد قاموا بجهود جبارة تستحق الثناء، الله يعطيهم العافية، كل ما أطلبه هو عدم الاحتكار، ألا تكون القرارات في اجتماعات مغلقة لا يعلم بها إلا بعض الأفراد، الكف عن أسلوب الإقصاء وإلغاء الآخرين.
منذ بداية مسيرات العودة في سنوات التسعين وحتى اليوم اقترحت أنا شخصيا في مناسبات مختلفة بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تخدم قضية العودة وتدفعها إلى الأمام. ولكن لم يكن هناك حتى من يستمع إليها ويناقشها وذلك لأني لا انتمي لأية جمعية أو حزب سياسي. وأنا على يقين أن الكثيرين من المهتمين الآخرين في هذا الموضوع قد قدموا العديد من المقترحات التي لم يتم الاستماع إليها أو مناقشتها للأسباب مشابهة. وها أنا أعود وأذكر بعض هذه المقترحات:
لماذا تم حتى الآن استثناء المدن الفلسطينية التي تعرضت هي الأخرى للتصفية عرقية في عام النكبة من مسيرات العودة؟ لماذا تم تجاهل عكا، حيفا، يافا، اللد، الرملة، طبريا، صفد؟ أليست هذه المدن أهم، مع كل الاحترام لجميع قرانا المهجرة، من قرية الكفرين النائية مثلا التي ضل الطريق إليها عدد كبير من المشاركين هذا بالرغم من الجهود لتعليم الطريق؟ هل هي مجرد صدفة أم سياسة الجمعية التي تتلاءم مع سياسة السلطات الإسرائيلية لمنح التصريح للمسيرة؟
منذ سنوات والقدس تتعرض لعملية غاشمة من التهويد وتهجير أهلها وآخرها المخططات الاستيطانية في الشيخ جراح وسلوان، هل لسياسة إسرائيل الراهنة في القدس علاقة بالنكبة أم لا؟ إذا كان الجواب نعم، وهو كذلك فلماذا لا نفكر حتى بأن تكون مسيرة العودة في شوارع القدس؟ بل لماذا لم نجرؤ لأن تكون المسيرة في احدى قرى القدس المهجرة مثل دير ياسين، لفتا، عين كارم، المالحة، الخ.
نحن نعيش في عصر الفضائيات والإعلام السريع العابر للقارات فلماذا لا نقوم بالعودة الفعلية إلى قرية معينة تحت تغطية إعلامية مكثفة والاعتصام في هذه القرية لفترة طويلة حتى تأتي قوات الأمن الإسرائيلية لإخلائنا بالقوة؟
اليوم يوجد تحرك شبابي فلسطيني – عربي – عالمي للزحف الملاييني نحو فلسطين في الخامس عشر من أيار، ما هو موقف لجنة المتابعة ولجنة الدفاع عن حقوق المهجرين من هذا التحرك؟ لماذا هذا الصمت؟ هل هو نابع عن استهتار بهذه الفكرة ودمغها بالخيالية؟ أم أن اسم "انتفاضة فلسطينية ثالثة" يخيفهم؟
هذه الفكرة التي تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن الواقع هي أكثر واقعية من كل الخطابات التي سوف نستمع إليها في المهرجان الخطابي. لماذا لا نفكر بتنظيم مسيرة سلمية لاستقبال اللاجئين الذين سوف يتوجهون إلى فلسطين في هذا اليوم؟ إلى قرية عرب العرامشة مثلا أو إلى بوابة فاطمة أو إلى أحد الجسور مع الأردن. لن تقدم العودة على طبق من ذهب أو فضة لأحد. لقد انتظرنا 63 عاما أكثر من اللازم للعودة وقد آن الأوان ليقوم كل لاجئ على رجليه يحمل عصاه ويسلك الطريق التي سوف تعيده إلى دياره.
No comments:
Post a Comment