هل يستطيع العطار إصلاح ما يفسده الدهر؟
علي زبيدات – سخنين
أتذكر هذا المثل العربي الذي يؤكد أن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر كلما قرأت خبرا أو مقالا عن ضرورة إعادة بناء، ترميم أو إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية أو "لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في إسرائيل" واختصارا لطول الاسم الذي يثقل على الكاتب وعلى القارئ أكتفي بتسميتها: لجنة المتابعة.
هل يذكر أحد متى بدأ الكلام عن ضرورة إعادة بناء هاتين المؤسستين؟ منذ سنوات طويلة، صحيح؟ وأكاد أجزم منذ اليوم الأول لإقامتهما. أي قبل أن يعبث الدهر بأصابعه لإفسادهما. وذلك لسبب بسيط: لكونهما ولدتا أصلا مشوهتين. ولكن كما يبدو استطاع الجمال والشباب لفترة من الزمن ستر تشويهات الولادة هذه. غير أن هذه التشويهات بدأت تطفو على السطح وتطغى حتى أصبح من المستحيل تجاهلها. من هنا كثرت المطالبات بإصلاحها. بعض هذه المطالبات بريء وساذج وصادر عن حسن نية ولكن غالبيتها خبيث جاء ليحقق مآرب أخرى.
لا أريد أن أتطرق هنا إلى المطالب بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بالرغم من أهمية هذا الموضوع الجدير بتناوله بشكل مستقل خصوصا وأنه مطروح بقوة من قبل كافة الفصائل الفلسطينية الموجودة في سلطة أوسلو والمعارضة لها. سأكتفي هنا بالكلام عن لجنة المتابعة.
يبدو من الإخبار القليلة التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية مؤخرا أن الأجواء داخل لجنة المتابعة متعكرة وربما أكثر من متعكرة ولكني أكتفي هنا بهذا الوصف: الجميع عاتب على الجميع والزعلان أكثر من الراضي وازدادت حالات اللمز والغمز واللسع. ومع ذلك تحمل هذه اللجنة عكازها وتتابع سيرها الأعرج. وبشكل موسمي تعالت الأصوات المطالبة بالإصلاح.
التجمع الوطني الديمقراطي هو من الأحزاب الفاعلة داخل هذه اللجنة ولعله أكثر الأحزاب تحمسا لإصلاح أو إعادة بناء هذه اللجنة. وقد لفت نظري مقال بقلم السكرتير العام لهذا الحزب: عوض عبد الفتاح نشر مؤخرا بعنوان: الشعب يريد انتخاب "المتابعة". لنتغاضى للحظة عن تقزيم شعار الشعب يريد.... وعن اختزال الشعب بشخص السكرتير العام أو الحزب الذي ينتمي إليه، فهو لم يقل: أنا أريد أو حزبي يريد بل مرة واحدة على طريقة لويس الرابع عشر وليس على طريقة شباب ميدان التحرير: الشعب يريد...
حسنا، انتخاب المتابعة، هذا هو الأرنب السحري الذي يخرجه صاحب المشروع القومي الديمقراطي من قبعته لإصلاح لجنة المتابعة.
لقد جربنا الانتخابات في مواقع أخرى فهل تحسنت أوضاعنا يا ترى؟ ألم ننتخب رؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية؟ وماذا كانت النتيجة؟ لقد أعادتناهذه الانتخابات إلى العائلية والطائفية ونشرت الفساد في كل مكان داخل هذه المؤسسة المنتخبة ففي كل صباح نسمع عن قضية فساد ورشوات متورط بها رئيس بلدية أو نائبه أو موظف كبير. هل يستطيع أحدنا أن يقف ويذكر إيجابية واحدة جلبته لنا هذه الانتخابات؟
وقد جربنا الانتخابات داخل الأحزاب العربية تقليدا للأحزاب الصهيونية: البرايمرز. وأحمد الله أنني ابعد ما يكون عنها. ولكن طريقة انتخاب المرشحين للكنيست في هذه الأحزاب وطريقة انتخاب القياديين في كل حزب معروفة للجميع. هل جعلت الانتخابات الحزبية من أحزابنا أفضل؟ أترك الإجابة عن هذا التساؤل مفتوحا أمام القراء الحزبيين منهم وغير الحزبيين.
والآن يريدون استخدام هذه الوصفة السحرية لإعادة بناء لجنة المتابعة: انتخاب اللجنة!!
هل ستكون طبيعة هذه الانتخابات مختلفة عن طبيعة الانتخابات المحلية والحزبية من حيث المعايير السياسية والاخلاقية؟ هل نصبح ديمقراطيين بمجرد مناداتنا بالانتخابات؟
ولكي لا أفهم خطأ أنا لست ضد الانتخابات من حيث المبدأ. ولكني ضد الانتخابات عندما تصبح مسخرة، عندما تكون لعبة تحكمها قوانين المصالح الشخصية والفئوية والعائلية والطائفية. قبل الانتخابات يجب أن نتمتع بمستوى كاف من الوعي لما نريد، يجب أن تكون لدينا رؤيا واضحة لمشروع سياسي وطني. قبل أن نطالب بالانتخابات يجب أن نناقش بعمق هل نحن بحاجة إلى لجنة متابعة أصلا؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي مهمات هذه اللجنة؟ ما هي الشؤون التي تتابعها وأمام من؟ وما هي علاقة هذه اللجنة بالجماهير العربية؟ الشعب يريد أن يعرف طريقه أولا.
رأيي الشخصي يقول: أن لجنة المتابعة لا تعرف طريقها وهي بالتالي عاجزة عن معرفة طريق الشعب وأعجز من أن تقود هذا الشعب لأي طريق. على العطارين أن يصغوا لما يقوله الدهر، لقد آن الأوان لكي نبحث عن بدائل لهذه اللجنة.
علي زبيدات – سخنين
أتذكر هذا المثل العربي الذي يؤكد أن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر كلما قرأت خبرا أو مقالا عن ضرورة إعادة بناء، ترميم أو إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية أو "لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في إسرائيل" واختصارا لطول الاسم الذي يثقل على الكاتب وعلى القارئ أكتفي بتسميتها: لجنة المتابعة.
هل يذكر أحد متى بدأ الكلام عن ضرورة إعادة بناء هاتين المؤسستين؟ منذ سنوات طويلة، صحيح؟ وأكاد أجزم منذ اليوم الأول لإقامتهما. أي قبل أن يعبث الدهر بأصابعه لإفسادهما. وذلك لسبب بسيط: لكونهما ولدتا أصلا مشوهتين. ولكن كما يبدو استطاع الجمال والشباب لفترة من الزمن ستر تشويهات الولادة هذه. غير أن هذه التشويهات بدأت تطفو على السطح وتطغى حتى أصبح من المستحيل تجاهلها. من هنا كثرت المطالبات بإصلاحها. بعض هذه المطالبات بريء وساذج وصادر عن حسن نية ولكن غالبيتها خبيث جاء ليحقق مآرب أخرى.
لا أريد أن أتطرق هنا إلى المطالب بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بالرغم من أهمية هذا الموضوع الجدير بتناوله بشكل مستقل خصوصا وأنه مطروح بقوة من قبل كافة الفصائل الفلسطينية الموجودة في سلطة أوسلو والمعارضة لها. سأكتفي هنا بالكلام عن لجنة المتابعة.
يبدو من الإخبار القليلة التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية مؤخرا أن الأجواء داخل لجنة المتابعة متعكرة وربما أكثر من متعكرة ولكني أكتفي هنا بهذا الوصف: الجميع عاتب على الجميع والزعلان أكثر من الراضي وازدادت حالات اللمز والغمز واللسع. ومع ذلك تحمل هذه اللجنة عكازها وتتابع سيرها الأعرج. وبشكل موسمي تعالت الأصوات المطالبة بالإصلاح.
التجمع الوطني الديمقراطي هو من الأحزاب الفاعلة داخل هذه اللجنة ولعله أكثر الأحزاب تحمسا لإصلاح أو إعادة بناء هذه اللجنة. وقد لفت نظري مقال بقلم السكرتير العام لهذا الحزب: عوض عبد الفتاح نشر مؤخرا بعنوان: الشعب يريد انتخاب "المتابعة". لنتغاضى للحظة عن تقزيم شعار الشعب يريد.... وعن اختزال الشعب بشخص السكرتير العام أو الحزب الذي ينتمي إليه، فهو لم يقل: أنا أريد أو حزبي يريد بل مرة واحدة على طريقة لويس الرابع عشر وليس على طريقة شباب ميدان التحرير: الشعب يريد...
حسنا، انتخاب المتابعة، هذا هو الأرنب السحري الذي يخرجه صاحب المشروع القومي الديمقراطي من قبعته لإصلاح لجنة المتابعة.
لقد جربنا الانتخابات في مواقع أخرى فهل تحسنت أوضاعنا يا ترى؟ ألم ننتخب رؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية؟ وماذا كانت النتيجة؟ لقد أعادتناهذه الانتخابات إلى العائلية والطائفية ونشرت الفساد في كل مكان داخل هذه المؤسسة المنتخبة ففي كل صباح نسمع عن قضية فساد ورشوات متورط بها رئيس بلدية أو نائبه أو موظف كبير. هل يستطيع أحدنا أن يقف ويذكر إيجابية واحدة جلبته لنا هذه الانتخابات؟
وقد جربنا الانتخابات داخل الأحزاب العربية تقليدا للأحزاب الصهيونية: البرايمرز. وأحمد الله أنني ابعد ما يكون عنها. ولكن طريقة انتخاب المرشحين للكنيست في هذه الأحزاب وطريقة انتخاب القياديين في كل حزب معروفة للجميع. هل جعلت الانتخابات الحزبية من أحزابنا أفضل؟ أترك الإجابة عن هذا التساؤل مفتوحا أمام القراء الحزبيين منهم وغير الحزبيين.
والآن يريدون استخدام هذه الوصفة السحرية لإعادة بناء لجنة المتابعة: انتخاب اللجنة!!
هل ستكون طبيعة هذه الانتخابات مختلفة عن طبيعة الانتخابات المحلية والحزبية من حيث المعايير السياسية والاخلاقية؟ هل نصبح ديمقراطيين بمجرد مناداتنا بالانتخابات؟
ولكي لا أفهم خطأ أنا لست ضد الانتخابات من حيث المبدأ. ولكني ضد الانتخابات عندما تصبح مسخرة، عندما تكون لعبة تحكمها قوانين المصالح الشخصية والفئوية والعائلية والطائفية. قبل الانتخابات يجب أن نتمتع بمستوى كاف من الوعي لما نريد، يجب أن تكون لدينا رؤيا واضحة لمشروع سياسي وطني. قبل أن نطالب بالانتخابات يجب أن نناقش بعمق هل نحن بحاجة إلى لجنة متابعة أصلا؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي مهمات هذه اللجنة؟ ما هي الشؤون التي تتابعها وأمام من؟ وما هي علاقة هذه اللجنة بالجماهير العربية؟ الشعب يريد أن يعرف طريقه أولا.
رأيي الشخصي يقول: أن لجنة المتابعة لا تعرف طريقها وهي بالتالي عاجزة عن معرفة طريق الشعب وأعجز من أن تقود هذا الشعب لأي طريق. على العطارين أن يصغوا لما يقوله الدهر، لقد آن الأوان لكي نبحث عن بدائل لهذه اللجنة.
No comments:
Post a Comment