الثورة العربية وعيد العمال العالمي
علي زبيدات – سخنين
عندما ولد يوم الأول من أيار كيوم عالمي للطبقة العاملة قبل حوالي قرن وربع قرن من الزمن كان العامل يعمل من شروق الشمس إلى مغيبها. فكان من الطبيعي أن يكون مطلبه الأساسي في ذلك الوقت تحديد يوم العمل بثماني ساعات حتى يبقى لديه بعض الوقت للراحة وتجديد طاقته والاستمتاع ولو قليلا بالحياة. بعد ذلك تطور النضال العمالي ليشمل الأجور المتدنية حين ذاك، وتمت المطالبة بحد أدنى للأجور والحق في التنظيم وإقامة النقابات العمالية والمطالبة في الضمانات الاجتماعية. في أماكن كثيرة من العالم اقترن النضال العمالي بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والتحرر من نير الاستعمار بأشكاله المختلفة القديمة منها والحديثة، من أجل حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة ومن أجل حقوق الإنسان بشكل عام.
كاد هذا اليوم، خلال هذه الفترة الطويلة، أن يقفز عن عالمنا العربي. فما زال العامل العربي بشكل عام حتى يومنا هذا يعمل من شروق الشمس إلى مغيبها، هذا إذا توفر العمل أصلا ولم يكن ملقى في أحضان البطالة ومن ثم في أحضان الحاجة والفقر المدقع، في عالمنا العربي من الخيال أن نتكلم عن ضمانات اجتماعية أو شيء يسمى حد أدنى من الأجور أو ضمان للدخل وغيرها من الأمور التي حققها العمال في معظم أرجاء العالم منذ وقت طويل. وقد حاولت الطبقات الحاكمة وما زالت إقناع العمال العرب عدم الاهتمام بيوم العمال العالمي تارة لكونه ولد في أمريكا فهو إذن يوم مستورد من العالم الامبريالي، وقد عزف على هذا الوتر الأنظمة التي تضع على وجهها قناعا قوميا أو وطنيا، وطورا لكونه مستوردا من الاتحاد السوفيتي السابق والأحزاب الشيوعية والعمالية وقد ضرب على هذا الوتر العديد من الحركات الدينية.
صحيح تاريخيا أن يوم الأول من أيار ولد في أمريكا ولكنه ولد من خلال الصراع الدامي ضد النظام الرأسمالي الأمريكي الذي يتغنى بالدمقراطية. ولو ولد في أحضان النظام الرأسمالي لتلقفته الطبقات الحاكمة عندنا بالترحاب وبدون أية مشكلة كما فعلت بعيد العشاق "الفلانتاين" على سبيل المثال. وصحيح أيضا أن الأممية الثانية عندما كانت ثورية بزعامة فريدريك انجلز وآخرين قد تبنت هذا اليوم وجعلت منه يوما يرمز لوحدة الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق المبدأ الذي أعلن قبل ذلك بحوالي نصف قرن في البيان الشيوعي: "يا عمال العالم اتحدوا"، ومن ثم تم تبني هذا اليوم من قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا والأحزاب الشيوعية الثورية في ذلك الوقت. هذه الحقائق لا تجعل أبدا من هذا اليوم يوما أمريكيا أو روسيا أو أجنبيا دخيلا يجب مقاطعته. بل على العكس من ذلك فإن الطبقة العاملة العربية اليوم أحوج ما تكون إلى عيد العمال العالمي أولا من أجل توحيد صفوفها في مواجهة الأنظمة المستشرسة وثانيا لمد الجسور بينها وبين عمال العالم الذين يناضلون من أجل قضية واحدة ألا وهي التحرر من نير الاضطهاد والاستغلال الرأسمالي.
بالرغم من أن الثورة العربية الراهنة المتفجرة في أكثر من قطر لا يمكن تصورها بدون الدور الحاسم للطبقة العاملة ولباقي الطبقات الكادحة والمثقفين الثوريين إلا انه تجري محاولات حثيثة لإقصاء العمال عن قيادة هذه الثورات والاكتفاء بتحقيق بعض الإصلاحات ومنع تطور هذه الثورات لتصبح ثورات عمالية. ومما يساعد على نجاح هذه المهمة هو هيمنة شريحة ارستقراطية من الطبقة العاملة تتكلم باسم الطبقة العاملة ولكنها تنفذ في نهاية المطاف سياسة تخدم الطبقات الرأسمالية الحاكمة.
النضال العمالي بدون وعي طبقي يؤدي في أحسن الحالات إلى بعض الإصلاحات ولكنه يبقي النظام الاجتماعي والسياسي كما هو. وعندما تشعر الطبقات الحاكمة بالقوة ثانية سوف تنقض على هذه الإصلاحات وتعيد الوضع السابق إلى نصابه. الثورة السياسية يجب أن ترافقها ثورة اجتماعية وثقافية. الضمان الوحيد لاستمرارية ونجاح الثورة هو تحويلها من ثورة وطنية ديمقراطية إلى ثورة عمالية بقيادة طبقة عاملة تتبنى أيديولوجية عمالية ثورية.
وعندما نقول ثورة عمالية نعني إلغاء كافة أشكال الاستغلال الرأسمالي: إلغاء نظام الأجور والنقد والربح. نعني إلغاء كافة أشكال العنصرية والتمييز على أساس عرقي، ديني أو جنسي. الثورة العمالية بطبيعتها تعني تخطي وهدم كافة الحدود الجغرافية والاجتماعية التي تفرق بين الشعوب.
العامل الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من الطبقة العاملة العربية والعالمية وتقع على عاتقه ليس فقط النضال من أجل تأمين لقمة العيش بل أيضا وفي الأساس النضال من أجل الحرية والاستقلال من الاحتلال الصهيوني وحلفائه من متعاونين فلسطينيين وعرب. ينبغي على العامل الفلسطيني حتى يستطيع أن يقوم بدوره التاريخي جنبا إلى جنب مع عمال العالم أن ينفض عن نفسه غبار الخنوع الذي تنميه وتفرضه الأحزاب والحركات الانتهازية والتحريفية التي تسمي نفسها عمالية زورا وبهتانا ولكنها في الحقيقة تخدم الطبقات الرأسمالية الحاكمة.
ليكن يوم الأول من أيار هذا العام يوما مشهودا لانطلاق الثورة العمالية العربية.
علي زبيدات – سخنين
عندما ولد يوم الأول من أيار كيوم عالمي للطبقة العاملة قبل حوالي قرن وربع قرن من الزمن كان العامل يعمل من شروق الشمس إلى مغيبها. فكان من الطبيعي أن يكون مطلبه الأساسي في ذلك الوقت تحديد يوم العمل بثماني ساعات حتى يبقى لديه بعض الوقت للراحة وتجديد طاقته والاستمتاع ولو قليلا بالحياة. بعد ذلك تطور النضال العمالي ليشمل الأجور المتدنية حين ذاك، وتمت المطالبة بحد أدنى للأجور والحق في التنظيم وإقامة النقابات العمالية والمطالبة في الضمانات الاجتماعية. في أماكن كثيرة من العالم اقترن النضال العمالي بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والتحرر من نير الاستعمار بأشكاله المختلفة القديمة منها والحديثة، من أجل حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة ومن أجل حقوق الإنسان بشكل عام.
كاد هذا اليوم، خلال هذه الفترة الطويلة، أن يقفز عن عالمنا العربي. فما زال العامل العربي بشكل عام حتى يومنا هذا يعمل من شروق الشمس إلى مغيبها، هذا إذا توفر العمل أصلا ولم يكن ملقى في أحضان البطالة ومن ثم في أحضان الحاجة والفقر المدقع، في عالمنا العربي من الخيال أن نتكلم عن ضمانات اجتماعية أو شيء يسمى حد أدنى من الأجور أو ضمان للدخل وغيرها من الأمور التي حققها العمال في معظم أرجاء العالم منذ وقت طويل. وقد حاولت الطبقات الحاكمة وما زالت إقناع العمال العرب عدم الاهتمام بيوم العمال العالمي تارة لكونه ولد في أمريكا فهو إذن يوم مستورد من العالم الامبريالي، وقد عزف على هذا الوتر الأنظمة التي تضع على وجهها قناعا قوميا أو وطنيا، وطورا لكونه مستوردا من الاتحاد السوفيتي السابق والأحزاب الشيوعية والعمالية وقد ضرب على هذا الوتر العديد من الحركات الدينية.
صحيح تاريخيا أن يوم الأول من أيار ولد في أمريكا ولكنه ولد من خلال الصراع الدامي ضد النظام الرأسمالي الأمريكي الذي يتغنى بالدمقراطية. ولو ولد في أحضان النظام الرأسمالي لتلقفته الطبقات الحاكمة عندنا بالترحاب وبدون أية مشكلة كما فعلت بعيد العشاق "الفلانتاين" على سبيل المثال. وصحيح أيضا أن الأممية الثانية عندما كانت ثورية بزعامة فريدريك انجلز وآخرين قد تبنت هذا اليوم وجعلت منه يوما يرمز لوحدة الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق المبدأ الذي أعلن قبل ذلك بحوالي نصف قرن في البيان الشيوعي: "يا عمال العالم اتحدوا"، ومن ثم تم تبني هذا اليوم من قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا والأحزاب الشيوعية الثورية في ذلك الوقت. هذه الحقائق لا تجعل أبدا من هذا اليوم يوما أمريكيا أو روسيا أو أجنبيا دخيلا يجب مقاطعته. بل على العكس من ذلك فإن الطبقة العاملة العربية اليوم أحوج ما تكون إلى عيد العمال العالمي أولا من أجل توحيد صفوفها في مواجهة الأنظمة المستشرسة وثانيا لمد الجسور بينها وبين عمال العالم الذين يناضلون من أجل قضية واحدة ألا وهي التحرر من نير الاضطهاد والاستغلال الرأسمالي.
بالرغم من أن الثورة العربية الراهنة المتفجرة في أكثر من قطر لا يمكن تصورها بدون الدور الحاسم للطبقة العاملة ولباقي الطبقات الكادحة والمثقفين الثوريين إلا انه تجري محاولات حثيثة لإقصاء العمال عن قيادة هذه الثورات والاكتفاء بتحقيق بعض الإصلاحات ومنع تطور هذه الثورات لتصبح ثورات عمالية. ومما يساعد على نجاح هذه المهمة هو هيمنة شريحة ارستقراطية من الطبقة العاملة تتكلم باسم الطبقة العاملة ولكنها تنفذ في نهاية المطاف سياسة تخدم الطبقات الرأسمالية الحاكمة.
النضال العمالي بدون وعي طبقي يؤدي في أحسن الحالات إلى بعض الإصلاحات ولكنه يبقي النظام الاجتماعي والسياسي كما هو. وعندما تشعر الطبقات الحاكمة بالقوة ثانية سوف تنقض على هذه الإصلاحات وتعيد الوضع السابق إلى نصابه. الثورة السياسية يجب أن ترافقها ثورة اجتماعية وثقافية. الضمان الوحيد لاستمرارية ونجاح الثورة هو تحويلها من ثورة وطنية ديمقراطية إلى ثورة عمالية بقيادة طبقة عاملة تتبنى أيديولوجية عمالية ثورية.
وعندما نقول ثورة عمالية نعني إلغاء كافة أشكال الاستغلال الرأسمالي: إلغاء نظام الأجور والنقد والربح. نعني إلغاء كافة أشكال العنصرية والتمييز على أساس عرقي، ديني أو جنسي. الثورة العمالية بطبيعتها تعني تخطي وهدم كافة الحدود الجغرافية والاجتماعية التي تفرق بين الشعوب.
العامل الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من الطبقة العاملة العربية والعالمية وتقع على عاتقه ليس فقط النضال من أجل تأمين لقمة العيش بل أيضا وفي الأساس النضال من أجل الحرية والاستقلال من الاحتلال الصهيوني وحلفائه من متعاونين فلسطينيين وعرب. ينبغي على العامل الفلسطيني حتى يستطيع أن يقوم بدوره التاريخي جنبا إلى جنب مع عمال العالم أن ينفض عن نفسه غبار الخنوع الذي تنميه وتفرضه الأحزاب والحركات الانتهازية والتحريفية التي تسمي نفسها عمالية زورا وبهتانا ولكنها في الحقيقة تخدم الطبقات الرأسمالية الحاكمة.
ليكن يوم الأول من أيار هذا العام يوما مشهودا لانطلاق الثورة العمالية العربية.