أين التضامن؟ أين الوفاء؟
علي زبيدات – سخنين
تدخل الثورة المصرية مرحلة بالغة الخطورة من مراحل تطورها. التناقضات الداخلية التناحرية تحتدم وتصل إلى أوجها: إما النظام وإما الشعب. لا يوجد هناك خيار آخر. لقد أصبح تراجع الثورة عن مطلبها الأساسي ألا وهو إسقاط النظام مستحيلا. النظام نفسه يعرف هذه الحقيقة لذلك نراه يلجأ إلى كافة الأساليب من أجل إنقاذ نفسه، تارة بالقمع والتنكيل وتارة باللجوء إلى تقديم التنازلات ووعود بالإصلاحات.
لقد أثبت الشعب المصري أنه قادر على تحقيق النصر وذلك من خلال صموده ومن خلال إيمانه الذي لا يتزعزع بعدالة قضيته. ولكن الثورة في نهاية المطاف ليست لعبة وليست نزهة. إنها صراع دامي مليء بالفداء والتضحيات. لن تترك الطبقة الحاكمة الملتصقة بالكراسي أماكنها بمحض إرادتها. بل سوف تتمسك بها حتى الرمق الأخير، حتى يتم اقتلاعها بالقوة وطرحها في سلة مهملات التاريخ. ولكن على الشعب المصري ألا يبقى وحيدا. انه بحاجة إلى تضامن كافة الشعوب والطبقات المضطهدة معه، حتى التوصل إلى تشكيل جبهة عالمية للدفاع ولنصرة الثورة المصرية. هذه الجبهة ضرورية لصد تدخلات الامبريالية الأمريكية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.
خيبة الأمل الكبيرة تكمن بالموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي المخزي إزاء الثورة المصرية. أين التضامن؟ أين الوفاء؟ لقد قدم الشعب المصري آلاف بل عشرات الآلاف من الضحايا دفاعا عن فلسطين منذ عام 1948 مرورا بعام 1956 وحرب حزيران 1967 وحتى حرب تشرين عام 1973. واليوم يقف هذا الشعب في وجه النظام الذي باع القضية الفلسطينية قبل أن يغتصب حقوق الشعب المصري نفسه. وماذا كانت النتيجة؟ صمت، مشاهدة عن بعد، هذا في أفضل الأحيان وتواطؤ وتأييد النظام في حالات عديدة.
وأنا هنا لا أقصد الموقف الرسمي للسلطة في رام الله: هذه السلطة كانت قبل الثورة حليفة إستراتيجية للنظام المصري وستبقى كذلك إذا تمكن هذا النظام لا سمح الله من النجاة والبقاء. لذلك لن أعلق حتى ولو بكلمة واحدة على موقف هذه السلطة التي تنتظر بدورها تحويل ساحة المنارة إلى ميدان تحرير.
المصيبة الكبرى تأتي من موقف سلطة حماس في قطاع غزة. لقد صدمت من تصريحات القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار والتي نشرتها إحدى الصحف المحلية حيث يقول:" سنبقى على الحياد حتى يحسم الشعب المصري خياراته ونحن سنتعامل مع هذه الخيارات بما فيه مصلحة القضية الفلسطينية" ويتابع: " من الحكمة أن نترك لمصر تخطي هذه المرحلة حتى تتمكن من استرداد دورها العربي والإقليمي". الوقوف على الحياد في هذه القضية لن يكون خطأ استراتيجيا فحسب، بل هو جريمة يصل إلى حد الخيانة. ألا يفهم الزهار وهو القيادي البارز أن مصلحة القضية الفلسطينية يمكن في الوقوف بقوة وصلابة إلى جانب الشعب المصري في ثورته؟ هل نسي هو وغيره في حركة حماس نزول الجماهير المصرية إلى الشوارع احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل سنتين؟ تتحدى آلة القمع التي يستعملها النظام الآن؟ لماذا تمنع المسيرات المؤيدة للثورة في شوارع غزة ورفح وخان يونس وباقي المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية؟ باختصار: موقف سلطة غزة لا يقل خزيا عن موقف سلطة رام الله، إذا لم تقم فورا بقلبه رأسا على عقب قبل فوات الأوان.
أين التنظيمات الفلسطينية، اليسارية والوطنية والإسلامية، الجذرية منها والانتهازية، الموجودة في السلطة أو في المعارضة مما يجري الآن في مصر؟ أين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟ أين الجبهة الديمقراطية، والنضال الشعبي وحزب الشعب؟ أين الجهاد الإسلامي وحماس؟
أين التحرك الفلسطيني في الشتات؟ في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن؟ لا تقولوا إننا نلجأ إلى أضعف الإيمان فقلوبنا مع الشعب المصري ودعواتنا لهم بالنصر. الشعب المصري في هذه الساعات ينتظر أقوى الإيمان وليس أضعفه.
قلت في مناسبات عديدة، وها أنا أكرر ما قلته: إن موقف الجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 من القمة وحتى القاعدة هو موقف بائس وتعيس. يقول رئيس لجنة المتابعة أن ما يجري في مصر هو شأن داخلي ويرفض أن يعلن عن موقف رسمي للجنة. بل يتحاشى حتى مناقشة هذا الموضوع في جلسة بحضور كافة مركبات هذه اللجنة. الأحزاب العربية، وخاصة الجبهة الديمقراطية والتجمع الوطني الديمقراطي، تكرس حالة الشرذمة وكل منها يقاطع النشاطات التي ينظمها الطرف الآخر. كل حزب يجمع شلة ضئيلة من كوادره على أحد المفارق أو في إحدى الساحات ويدعي أنه الوحيد الذي يدعم الثورة المصرية. إذا كان هذا كل ما تستطيع أن تفعله الأحزاب العربية فذلك مصيبة وإذا كانت تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك ولا تفعله الآن فالمصيبة أكبر.
الثورة في مصر هي الأمل الوحيد في عودة الشعوب العربية إلى التاريخ والى الحضارة الإنسانية الحديثة وانتصارها هو الضمان الوحيد لانتصار الثورة في كافة البلدان العربية.
علي زبيدات – سخنين
تدخل الثورة المصرية مرحلة بالغة الخطورة من مراحل تطورها. التناقضات الداخلية التناحرية تحتدم وتصل إلى أوجها: إما النظام وإما الشعب. لا يوجد هناك خيار آخر. لقد أصبح تراجع الثورة عن مطلبها الأساسي ألا وهو إسقاط النظام مستحيلا. النظام نفسه يعرف هذه الحقيقة لذلك نراه يلجأ إلى كافة الأساليب من أجل إنقاذ نفسه، تارة بالقمع والتنكيل وتارة باللجوء إلى تقديم التنازلات ووعود بالإصلاحات.
لقد أثبت الشعب المصري أنه قادر على تحقيق النصر وذلك من خلال صموده ومن خلال إيمانه الذي لا يتزعزع بعدالة قضيته. ولكن الثورة في نهاية المطاف ليست لعبة وليست نزهة. إنها صراع دامي مليء بالفداء والتضحيات. لن تترك الطبقة الحاكمة الملتصقة بالكراسي أماكنها بمحض إرادتها. بل سوف تتمسك بها حتى الرمق الأخير، حتى يتم اقتلاعها بالقوة وطرحها في سلة مهملات التاريخ. ولكن على الشعب المصري ألا يبقى وحيدا. انه بحاجة إلى تضامن كافة الشعوب والطبقات المضطهدة معه، حتى التوصل إلى تشكيل جبهة عالمية للدفاع ولنصرة الثورة المصرية. هذه الجبهة ضرورية لصد تدخلات الامبريالية الأمريكية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.
خيبة الأمل الكبيرة تكمن بالموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي المخزي إزاء الثورة المصرية. أين التضامن؟ أين الوفاء؟ لقد قدم الشعب المصري آلاف بل عشرات الآلاف من الضحايا دفاعا عن فلسطين منذ عام 1948 مرورا بعام 1956 وحرب حزيران 1967 وحتى حرب تشرين عام 1973. واليوم يقف هذا الشعب في وجه النظام الذي باع القضية الفلسطينية قبل أن يغتصب حقوق الشعب المصري نفسه. وماذا كانت النتيجة؟ صمت، مشاهدة عن بعد، هذا في أفضل الأحيان وتواطؤ وتأييد النظام في حالات عديدة.
وأنا هنا لا أقصد الموقف الرسمي للسلطة في رام الله: هذه السلطة كانت قبل الثورة حليفة إستراتيجية للنظام المصري وستبقى كذلك إذا تمكن هذا النظام لا سمح الله من النجاة والبقاء. لذلك لن أعلق حتى ولو بكلمة واحدة على موقف هذه السلطة التي تنتظر بدورها تحويل ساحة المنارة إلى ميدان تحرير.
المصيبة الكبرى تأتي من موقف سلطة حماس في قطاع غزة. لقد صدمت من تصريحات القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار والتي نشرتها إحدى الصحف المحلية حيث يقول:" سنبقى على الحياد حتى يحسم الشعب المصري خياراته ونحن سنتعامل مع هذه الخيارات بما فيه مصلحة القضية الفلسطينية" ويتابع: " من الحكمة أن نترك لمصر تخطي هذه المرحلة حتى تتمكن من استرداد دورها العربي والإقليمي". الوقوف على الحياد في هذه القضية لن يكون خطأ استراتيجيا فحسب، بل هو جريمة يصل إلى حد الخيانة. ألا يفهم الزهار وهو القيادي البارز أن مصلحة القضية الفلسطينية يمكن في الوقوف بقوة وصلابة إلى جانب الشعب المصري في ثورته؟ هل نسي هو وغيره في حركة حماس نزول الجماهير المصرية إلى الشوارع احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل سنتين؟ تتحدى آلة القمع التي يستعملها النظام الآن؟ لماذا تمنع المسيرات المؤيدة للثورة في شوارع غزة ورفح وخان يونس وباقي المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية؟ باختصار: موقف سلطة غزة لا يقل خزيا عن موقف سلطة رام الله، إذا لم تقم فورا بقلبه رأسا على عقب قبل فوات الأوان.
أين التنظيمات الفلسطينية، اليسارية والوطنية والإسلامية، الجذرية منها والانتهازية، الموجودة في السلطة أو في المعارضة مما يجري الآن في مصر؟ أين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟ أين الجبهة الديمقراطية، والنضال الشعبي وحزب الشعب؟ أين الجهاد الإسلامي وحماس؟
أين التحرك الفلسطيني في الشتات؟ في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن؟ لا تقولوا إننا نلجأ إلى أضعف الإيمان فقلوبنا مع الشعب المصري ودعواتنا لهم بالنصر. الشعب المصري في هذه الساعات ينتظر أقوى الإيمان وليس أضعفه.
قلت في مناسبات عديدة، وها أنا أكرر ما قلته: إن موقف الجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 من القمة وحتى القاعدة هو موقف بائس وتعيس. يقول رئيس لجنة المتابعة أن ما يجري في مصر هو شأن داخلي ويرفض أن يعلن عن موقف رسمي للجنة. بل يتحاشى حتى مناقشة هذا الموضوع في جلسة بحضور كافة مركبات هذه اللجنة. الأحزاب العربية، وخاصة الجبهة الديمقراطية والتجمع الوطني الديمقراطي، تكرس حالة الشرذمة وكل منها يقاطع النشاطات التي ينظمها الطرف الآخر. كل حزب يجمع شلة ضئيلة من كوادره على أحد المفارق أو في إحدى الساحات ويدعي أنه الوحيد الذي يدعم الثورة المصرية. إذا كان هذا كل ما تستطيع أن تفعله الأحزاب العربية فذلك مصيبة وإذا كانت تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك ولا تفعله الآن فالمصيبة أكبر.
الثورة في مصر هي الأمل الوحيد في عودة الشعوب العربية إلى التاريخ والى الحضارة الإنسانية الحديثة وانتصارها هو الضمان الوحيد لانتصار الثورة في كافة البلدان العربية.
No comments:
Post a Comment