الشعب يريد إسقاط سلطة أوسلو
علي زبيدات – سخنين
بينما تنتشر الثورة العربية كالنار في الهشيم بعد انتصارها الساحق في تونس ومصر وقرب انتصارها في ليبيا واليمن والبحرين. وبينما ما زالت الجماهير العربية الثائرة ترفع شعار المرحلة: الشعب يريد إسقاط النظام، نرى بعض المأجورين وبعض المغرر بهم في رام الله وفي بعض الأماكن الفلسطينية الأخرى يرفعون الشعار المسخ والمشوه والخادع: "الشعب يريد إنهاء الانقسام". هذا الشعار الإنتهازي يعني من ضمن ما يعنيه تبرئة سلطة أوسلو من مسئوليتها عن خلق الظروف التي أدت إلى هذا الانقسام. أنا شخصيا، لا أؤمن بأن هذه المظاهرات قامت بمبادرة شباب فلسطين على غرار شباب ميدان التحرير بل على ثقة بأن الذين نظموها هم وجوه أكل الدهر عليها وشرب، ركبت الموجة الشبابية في محاولاتها اليائسة لإنقاذ سلطة أوسلو. يكفي أن نلقي نظرة خاطفة على الشخصيات التي سارت في الصف الأول من المظاهرة المركزية في رام الله ووقفت أمام الكاميرات: عزام الأحمد: رئيس كتلة فتح البرلمانية، قيس عبد الكريم: عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، خالدة جرار: عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، مصطفى البرغوثي: أمين عام المبادرة الوطنية. وقد استطعت أن المح ممثل "التيار القومي" لعرب الداخل، سكرتير التجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح. هذا بالإضافة إلى وجوه متعبة لم أتعرف على أصحابها تهتف بصوت مشروخ يخرج من بين الشفاه ويتلاشى قبل أن يصل إلى آذان الناس وإذا وصل إلى آذانهم فأنه لا يلامس شغاف قلوبهم: "الشعب يريد إنهاء الانقسام".
سلطة أوسلو التي ينبغي على الشعب الفلسطيني إسقاطها لا تقتصر على رئيس السلطة ورئيس حكومته وأجهزته الأمنية وباقي المؤسسات الرسمية، بل تشمل أيضا تلك المعارضة الداجنة المدجنة من التنظيمات التي تسمي نفسها وطنية، قومية، يسارية، أو إسلامية. وهي لا تقتصر على الضفة الغربية فحسب بل تشمل قطاع غزة أيضا. لقد كدنا أن ننسى أن سلطة حماس في قطاع غزة جاءت نتاجا لاتفاقيات أوسلو التفريطية. وقد كدنا أن ننسى أن الانقسام كان نتيجة صراع شرس على سلطة وهمية. مقاومة الاحتلال، والنضال من أجل العودة والحرية والاستقلال ليس بحاجة إلى سلطة تقدم التنازلات تلو التنازلات.
الانقسام سوف ينتهي من ذاته فور إسقاط سلطة أوسلو. نقطة سطر جديد.
مسرحية إدانة الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن لن تنقذ سلطة أوسلو ولن تجعل منها سلطة وطنية. مرة أخرى ينزل بعض المأجورين يرافقهم بعض المغرر فيهم إلى الشارع يهتفون للسلطة التي: "مضت قدما في إدانة الاستيطان بالرغم من الضغط الأمريكي والإسرائيلي". لم يخطر على بالهم أن هذه المسرحية كتبت، أنتجت وأخرجت بواسطة هذا الثالوث حيث خرجت كافة الأطراف رابحة: فالسلطة تريد أن تدحض ما فضحته وثائق "كشف المستور"، وإسرائيل تستطيع مواصلة الاستيطان وأمريكا ما زالت راعية "مفاوضات السلام" بالرغم من الفيتو.
واضح أن سلطة أوسلو هي جزء لا يتجزأ من النظام الرسمي العربي. علاقاتها الحميمة مع الرئيس التونسي الهارب، زين العابدين بن علي قديمة جدا وتعود إلى ما قبل تحولها إلى سلطة. استمرت هذه العلاقة الحميمة حتى اليوم الأخير. كان موقفا مخجلا أن يقف من يدعون زعامة الثورة الفلسطينية إلى جانب النظام التونسي وضد الثورة التونسية. وكانت علاقة هذه السلطة أكثر حميمية مع نظام كامب ديفيد الذي أسقطه الشعب المصري. وهي اليوم تقف إلى جانب الأنظمة الديكتاتورية التي تترنح على كراسيها. هذه السلطة هي وصمة عار في جبين الثورة الفلسطينية ويجب إسقاطها الآن قبل غدا. ما يقوم به نظام القذافي، الذي أشبعنا على مدى أكثر من 40 سنة بشعارات ثورية وقومية لا تسمن ولا تؤمن من جوع، من جرائم في قمع الجماهير الثائرة سوف تقوم به سلطة أوسلو بواسطة أجهزتها الأمنية لقمع كل معارضة تطالب في إسقاطها.
بالنسبة لنا، نحن فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948، قد يقول البعض: لا يوجد لدينا نظام نسقطه، وكما قال لي أحد أصدقائي "الوطنيين": لا نستطيع أصلا أن نسقط ذبابة، وخير ما نعمله هو أن نلتصق بأجهزة التلفزيون لمتابعة الأخبار، وقلوبنا ودعواتنا مع الشعوب العربية. وقد يشارك البعض في تظاهرة هنا رفع شعارات هناك ينظمها أحد الأحزاب، أو في مهرجان خطابي تنظمه لجنة المتابعة بعد السقوط وكأن النصر كان مستحيلا بدونها.
طبعا هذه النظرة خاطئة من أساسها. نستطيع أن نفعل الكثير لو تخطينا حاجز الخوف.
على صعيد الزعامة لا أمل للأسف الشديد. قبل أقل من عام قام وفد كبير يمثل هذه الزعامة أحسن تمثيل بالحجيج إلى ليبيا لزيارة قائد "ثورة الفاتح" بحجة التواصل. وقد تزاحم أعضاء الوفد من ينال شرف الكلام بين يدي القائد، ومن نال شرف الكلام منهم تنافس في إبداع آيات المدح والتبجيل من رئيس رؤساء العرب إلى ملك ملوك أفريقيا. حتى أن أحد ممثلي التيار "القومي الجذري" الذي يرفض حل الدولتين حيا القائد لتبنيه حل الدولة الواحدة التي تنادي به حركته مشيرا بذلك إلى ترهات "إسراطين". أنا أتحدى أعضاء الوفد الأربعين أن يجتمعوا من جديد ويدينوا قصف ملك الملوك لجماهير المتظاهرين العزل بالطيران الحربي.
ولكن على الصعيد الجماهيري يمكن فعل الكثير. لقد آن الأوان لكي ننفض عن أنفسنا غبار السلبية والخمول ونخرج إلى الشوارع لكي نثبت لأنفسنا أولا وللعالم بأسره بعد ذلك إننا لسنا فقط جزءا لا يتجزأ من الشعب العربي بل جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الثائر. علينا أن نساهم في رفع شعار: الشعب يريد إسقاط النظام العربي. وعندما يسقط هذا النظام من المحيط إلى الخليج يصبح زوال الهيمنة الكولونيالية والامبريالية مسألة وقت ليس أكثر.
علي زبيدات – سخنين
بينما تنتشر الثورة العربية كالنار في الهشيم بعد انتصارها الساحق في تونس ومصر وقرب انتصارها في ليبيا واليمن والبحرين. وبينما ما زالت الجماهير العربية الثائرة ترفع شعار المرحلة: الشعب يريد إسقاط النظام، نرى بعض المأجورين وبعض المغرر بهم في رام الله وفي بعض الأماكن الفلسطينية الأخرى يرفعون الشعار المسخ والمشوه والخادع: "الشعب يريد إنهاء الانقسام". هذا الشعار الإنتهازي يعني من ضمن ما يعنيه تبرئة سلطة أوسلو من مسئوليتها عن خلق الظروف التي أدت إلى هذا الانقسام. أنا شخصيا، لا أؤمن بأن هذه المظاهرات قامت بمبادرة شباب فلسطين على غرار شباب ميدان التحرير بل على ثقة بأن الذين نظموها هم وجوه أكل الدهر عليها وشرب، ركبت الموجة الشبابية في محاولاتها اليائسة لإنقاذ سلطة أوسلو. يكفي أن نلقي نظرة خاطفة على الشخصيات التي سارت في الصف الأول من المظاهرة المركزية في رام الله ووقفت أمام الكاميرات: عزام الأحمد: رئيس كتلة فتح البرلمانية، قيس عبد الكريم: عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، خالدة جرار: عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، مصطفى البرغوثي: أمين عام المبادرة الوطنية. وقد استطعت أن المح ممثل "التيار القومي" لعرب الداخل، سكرتير التجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح. هذا بالإضافة إلى وجوه متعبة لم أتعرف على أصحابها تهتف بصوت مشروخ يخرج من بين الشفاه ويتلاشى قبل أن يصل إلى آذان الناس وإذا وصل إلى آذانهم فأنه لا يلامس شغاف قلوبهم: "الشعب يريد إنهاء الانقسام".
سلطة أوسلو التي ينبغي على الشعب الفلسطيني إسقاطها لا تقتصر على رئيس السلطة ورئيس حكومته وأجهزته الأمنية وباقي المؤسسات الرسمية، بل تشمل أيضا تلك المعارضة الداجنة المدجنة من التنظيمات التي تسمي نفسها وطنية، قومية، يسارية، أو إسلامية. وهي لا تقتصر على الضفة الغربية فحسب بل تشمل قطاع غزة أيضا. لقد كدنا أن ننسى أن سلطة حماس في قطاع غزة جاءت نتاجا لاتفاقيات أوسلو التفريطية. وقد كدنا أن ننسى أن الانقسام كان نتيجة صراع شرس على سلطة وهمية. مقاومة الاحتلال، والنضال من أجل العودة والحرية والاستقلال ليس بحاجة إلى سلطة تقدم التنازلات تلو التنازلات.
الانقسام سوف ينتهي من ذاته فور إسقاط سلطة أوسلو. نقطة سطر جديد.
مسرحية إدانة الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن لن تنقذ سلطة أوسلو ولن تجعل منها سلطة وطنية. مرة أخرى ينزل بعض المأجورين يرافقهم بعض المغرر فيهم إلى الشارع يهتفون للسلطة التي: "مضت قدما في إدانة الاستيطان بالرغم من الضغط الأمريكي والإسرائيلي". لم يخطر على بالهم أن هذه المسرحية كتبت، أنتجت وأخرجت بواسطة هذا الثالوث حيث خرجت كافة الأطراف رابحة: فالسلطة تريد أن تدحض ما فضحته وثائق "كشف المستور"، وإسرائيل تستطيع مواصلة الاستيطان وأمريكا ما زالت راعية "مفاوضات السلام" بالرغم من الفيتو.
واضح أن سلطة أوسلو هي جزء لا يتجزأ من النظام الرسمي العربي. علاقاتها الحميمة مع الرئيس التونسي الهارب، زين العابدين بن علي قديمة جدا وتعود إلى ما قبل تحولها إلى سلطة. استمرت هذه العلاقة الحميمة حتى اليوم الأخير. كان موقفا مخجلا أن يقف من يدعون زعامة الثورة الفلسطينية إلى جانب النظام التونسي وضد الثورة التونسية. وكانت علاقة هذه السلطة أكثر حميمية مع نظام كامب ديفيد الذي أسقطه الشعب المصري. وهي اليوم تقف إلى جانب الأنظمة الديكتاتورية التي تترنح على كراسيها. هذه السلطة هي وصمة عار في جبين الثورة الفلسطينية ويجب إسقاطها الآن قبل غدا. ما يقوم به نظام القذافي، الذي أشبعنا على مدى أكثر من 40 سنة بشعارات ثورية وقومية لا تسمن ولا تؤمن من جوع، من جرائم في قمع الجماهير الثائرة سوف تقوم به سلطة أوسلو بواسطة أجهزتها الأمنية لقمع كل معارضة تطالب في إسقاطها.
بالنسبة لنا، نحن فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948، قد يقول البعض: لا يوجد لدينا نظام نسقطه، وكما قال لي أحد أصدقائي "الوطنيين": لا نستطيع أصلا أن نسقط ذبابة، وخير ما نعمله هو أن نلتصق بأجهزة التلفزيون لمتابعة الأخبار، وقلوبنا ودعواتنا مع الشعوب العربية. وقد يشارك البعض في تظاهرة هنا رفع شعارات هناك ينظمها أحد الأحزاب، أو في مهرجان خطابي تنظمه لجنة المتابعة بعد السقوط وكأن النصر كان مستحيلا بدونها.
طبعا هذه النظرة خاطئة من أساسها. نستطيع أن نفعل الكثير لو تخطينا حاجز الخوف.
على صعيد الزعامة لا أمل للأسف الشديد. قبل أقل من عام قام وفد كبير يمثل هذه الزعامة أحسن تمثيل بالحجيج إلى ليبيا لزيارة قائد "ثورة الفاتح" بحجة التواصل. وقد تزاحم أعضاء الوفد من ينال شرف الكلام بين يدي القائد، ومن نال شرف الكلام منهم تنافس في إبداع آيات المدح والتبجيل من رئيس رؤساء العرب إلى ملك ملوك أفريقيا. حتى أن أحد ممثلي التيار "القومي الجذري" الذي يرفض حل الدولتين حيا القائد لتبنيه حل الدولة الواحدة التي تنادي به حركته مشيرا بذلك إلى ترهات "إسراطين". أنا أتحدى أعضاء الوفد الأربعين أن يجتمعوا من جديد ويدينوا قصف ملك الملوك لجماهير المتظاهرين العزل بالطيران الحربي.
ولكن على الصعيد الجماهيري يمكن فعل الكثير. لقد آن الأوان لكي ننفض عن أنفسنا غبار السلبية والخمول ونخرج إلى الشوارع لكي نثبت لأنفسنا أولا وللعالم بأسره بعد ذلك إننا لسنا فقط جزءا لا يتجزأ من الشعب العربي بل جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الثائر. علينا أن نساهم في رفع شعار: الشعب يريد إسقاط النظام العربي. وعندما يسقط هذا النظام من المحيط إلى الخليج يصبح زوال الهيمنة الكولونيالية والامبريالية مسألة وقت ليس أكثر.