شكرا ليبرمان
علي زبيدات - سخنين
قد يبدو غريبا، على عكس الشتائم التي انهالت على رأس وزير الخارجية الإسرائيلي أفغدور ليبرمان من قبل أعضاء الكنيست العرب،لجنة المتابعة،وسائل الإعلام العربية المحلية والقطرية، وبعض الجهات المعدودة على ما يسمى اليسار الإسرائيلي أو قوى السلام اليهودية، على عكس هؤلاء جميعا أن أبعث إليه بتحية شكر: أخيرا قام شخص وقال بصراحة: " قضية السكان العرب من مواطني دولة إسرائيل يجب أن تكون قضية مركزية على طاولة المفاوضات". أن هذا التصريح الصادر عن شخصية عنصرية معروفة يعبر أكثر من أي تصريح آخر في السنوات الأخيرة عن وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، أكثر بما لا يقاس من كافة شعارات زعامتنا الجوفاء التي تردد بأننا شعب واحد ذو قضية واحدة. هل هذه مفارقة؟
إحدى مساوئ اتفاقيات أوسلو الكثيرة هو تهميش هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي بقي منغرسا في أرضه واعتباره مسألة إسرائيلية داخلية. منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا يتبنى المفاوض الفلسطيني هذا الموقف. فنحن بالنسبة له لسنا موضوعا للتفاوض لأننا لسنا فلسطينيين كاملين. بالمقابل يتبنى المفاوض الإسرائيلي الموقف نفسه، فنحن لسنا فلسطينيين كاملين من جهة ولسنا إسرائيليين كاملين من جهة أخرى. منذ أن ظهر ليبرمان وأشكاله الظاهرين والمستترين، بدت الصورة تبرز على شكلها الطبيعي: الشعب الفلسطيني مهما عانى من التشتت والتمزق يبقى شعب واحد ذو قضية واحدة ذات حل واحد.
الشتائم المنهالة على الوزير الإسرائيلي مهما كانت صائبة وحقيقية فهي لا تعبر عن موقف سياسي مبدئي واضح وملتزم. أفكار هذا الوزير العنصري وحزبه لا تختلف من حيث الجوهر عن أفكار القيادات والأحزاب الصهيونية العمالية والدينية والقومية الأخرى التي صنعت النكبة الفلسطينية على مر العصور، إذن لماذا كل هذا التركيز عليه وفي الوقت نفسه التغاضي عن الآخرين؟ في هذه الحكومة، كما في الحكومات السابقة، إنها مسألة تقاسم أدوار: ليبرمان يجعجع، براك يمهد، يشاي يخطط ونتنياهو ينفذ. قد تتغير هذه الأدوار في الحكومات المختلفة حسب التقاسم الوظيفي وميزان القوى الداخلي. فرئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت الذي يقال أنه كان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على اتفاقية سلام هو من شن أشرس حربين في تاريخ إسرائيل: على لبنان وعلى قطاع غزة. أما وزير الحرب ورئيس الحكومة السابق، إيهود براك ألذي يقال أنه عرض على عرفات تنازلات غير مسبوقة في كرمها في مفاوضات كامب ديفيد الثانية ولكن هذا الأخير رفضها، فتاريخه حافل بجرائم الحرب ولو كان هناك حد أدنى من العدالة في عالمنا هذا لكان الآن يقف أمام المحكمة الجنائية الدولية أو يقبع في أحد السجون.
أقول لجميع المتسابقين، من الساسة المنافقين ومن ذوي النوايا الحسنة على حد سواء، الذين يبحثون عن شتائم جديدة لإلقائها على رأس ليبرمان: رويدكم، تمهلوا، فهذا العنصري الصغير لم يصل بعد حتى إلى كعب من اقترفوا الجرائم في حق الشعب الفلسطيني والإنسانية أمثال نتنياهو وبراك والمرت وموفاز وحالوتس واشكنازي والقائمة تطول.
قد يكون ليبرمان حمار في التاريخ، كما وصفه أحد أعضاء الكنيست العرب، ولكن معظم زعمائنا السياسيين هم أيضا حمير ليس فقط في التاريخ بل وفي الجغرافيا أيضا. التاريخ يقول: نحن سكان الأصليون لهذه البلاد وجميع من قدموا إليها من وراء البحار هم غزاة مستعمرون وعليهم أن يرحلوا. أصحاب الأرض فقط يحق لهم أن يقرروا من يبقى ومن يرحل منهم. والجغرافيا تقول: إن هذه البلاد لا تقبل القسمة، وعندما أقول هذه البلاد لا أقصد فلسطين فقط بل بلاد الشام بأسرها، هكذا خلقت وهكذا ستبقى مهما كانت محاولات تقطيع أوصالها.
إذن لماذا كل هذا الخوف من ليبرمان؟ لأنه يطرح حل الترانسفر؟ أو كما يسمى حاليا: التبادل السكاني، لكي يحافظ على "يهودية" الدولة؟ الرد على ذلك بسيط جدا وقد عبرت عنه الصحفية الأمريكية التي طردت من البيت الأبيض، هيلين ثوماس: ليعودوا إلى ديارهم من حيث أتوا. موقفنا يجب أن يكون واضحا: على ليبرمان أن يعود إلى مولدافيا من حيث أتى وعلى شمعون بيرس أن يعود إلى بولندا، وهكذا بالنسبة لجميع الغزاة. الشعب الفلسطيني وحده هو صاحب الحق من يقبل للعيش هنا ومن يرفض. مثله مثل باقي شعوب العالم. هكذا تعمل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها ديمقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان. أنظروا كيف تعامل أوروبا مهاجريها مع أنهم لم يأتوا كغزاة مستوطنين، بل أتوا كضحايا لقرون طويلة من الاستعمار والنهب. لقد أصبحت أوروبا مرتعا للأحزاب اليمينية المتطرفة التي وضعت على رأس سلم أولوياتها ملاحقة ومعادة المهاجرين، بينما تقوم الحكومات "الديمقراطية" كل يوم بسن قانون جديد للتضييق على المهاجرين. أما سياسة الهجرة الأمريكية فهي وصمة عار على مجتمع هو نفسه وليد هجرة بعد أكبر عملية تطهير عرقي في تاريخ البشرية.
سوف تكون فلسطين الديمقراطية الحرة أفضل بما لا يقاس من جميع الدول الأوروبية ومن أمريكا لأنها سوف تفتح صدرها للمهاجرين بشرط ألا يكونوا غزاة مستوطنين.
علي زبيدات - سخنين
قد يبدو غريبا، على عكس الشتائم التي انهالت على رأس وزير الخارجية الإسرائيلي أفغدور ليبرمان من قبل أعضاء الكنيست العرب،لجنة المتابعة،وسائل الإعلام العربية المحلية والقطرية، وبعض الجهات المعدودة على ما يسمى اليسار الإسرائيلي أو قوى السلام اليهودية، على عكس هؤلاء جميعا أن أبعث إليه بتحية شكر: أخيرا قام شخص وقال بصراحة: " قضية السكان العرب من مواطني دولة إسرائيل يجب أن تكون قضية مركزية على طاولة المفاوضات". أن هذا التصريح الصادر عن شخصية عنصرية معروفة يعبر أكثر من أي تصريح آخر في السنوات الأخيرة عن وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، أكثر بما لا يقاس من كافة شعارات زعامتنا الجوفاء التي تردد بأننا شعب واحد ذو قضية واحدة. هل هذه مفارقة؟
إحدى مساوئ اتفاقيات أوسلو الكثيرة هو تهميش هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي بقي منغرسا في أرضه واعتباره مسألة إسرائيلية داخلية. منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا يتبنى المفاوض الفلسطيني هذا الموقف. فنحن بالنسبة له لسنا موضوعا للتفاوض لأننا لسنا فلسطينيين كاملين. بالمقابل يتبنى المفاوض الإسرائيلي الموقف نفسه، فنحن لسنا فلسطينيين كاملين من جهة ولسنا إسرائيليين كاملين من جهة أخرى. منذ أن ظهر ليبرمان وأشكاله الظاهرين والمستترين، بدت الصورة تبرز على شكلها الطبيعي: الشعب الفلسطيني مهما عانى من التشتت والتمزق يبقى شعب واحد ذو قضية واحدة ذات حل واحد.
الشتائم المنهالة على الوزير الإسرائيلي مهما كانت صائبة وحقيقية فهي لا تعبر عن موقف سياسي مبدئي واضح وملتزم. أفكار هذا الوزير العنصري وحزبه لا تختلف من حيث الجوهر عن أفكار القيادات والأحزاب الصهيونية العمالية والدينية والقومية الأخرى التي صنعت النكبة الفلسطينية على مر العصور، إذن لماذا كل هذا التركيز عليه وفي الوقت نفسه التغاضي عن الآخرين؟ في هذه الحكومة، كما في الحكومات السابقة، إنها مسألة تقاسم أدوار: ليبرمان يجعجع، براك يمهد، يشاي يخطط ونتنياهو ينفذ. قد تتغير هذه الأدوار في الحكومات المختلفة حسب التقاسم الوظيفي وميزان القوى الداخلي. فرئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت الذي يقال أنه كان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على اتفاقية سلام هو من شن أشرس حربين في تاريخ إسرائيل: على لبنان وعلى قطاع غزة. أما وزير الحرب ورئيس الحكومة السابق، إيهود براك ألذي يقال أنه عرض على عرفات تنازلات غير مسبوقة في كرمها في مفاوضات كامب ديفيد الثانية ولكن هذا الأخير رفضها، فتاريخه حافل بجرائم الحرب ولو كان هناك حد أدنى من العدالة في عالمنا هذا لكان الآن يقف أمام المحكمة الجنائية الدولية أو يقبع في أحد السجون.
أقول لجميع المتسابقين، من الساسة المنافقين ومن ذوي النوايا الحسنة على حد سواء، الذين يبحثون عن شتائم جديدة لإلقائها على رأس ليبرمان: رويدكم، تمهلوا، فهذا العنصري الصغير لم يصل بعد حتى إلى كعب من اقترفوا الجرائم في حق الشعب الفلسطيني والإنسانية أمثال نتنياهو وبراك والمرت وموفاز وحالوتس واشكنازي والقائمة تطول.
قد يكون ليبرمان حمار في التاريخ، كما وصفه أحد أعضاء الكنيست العرب، ولكن معظم زعمائنا السياسيين هم أيضا حمير ليس فقط في التاريخ بل وفي الجغرافيا أيضا. التاريخ يقول: نحن سكان الأصليون لهذه البلاد وجميع من قدموا إليها من وراء البحار هم غزاة مستعمرون وعليهم أن يرحلوا. أصحاب الأرض فقط يحق لهم أن يقرروا من يبقى ومن يرحل منهم. والجغرافيا تقول: إن هذه البلاد لا تقبل القسمة، وعندما أقول هذه البلاد لا أقصد فلسطين فقط بل بلاد الشام بأسرها، هكذا خلقت وهكذا ستبقى مهما كانت محاولات تقطيع أوصالها.
إذن لماذا كل هذا الخوف من ليبرمان؟ لأنه يطرح حل الترانسفر؟ أو كما يسمى حاليا: التبادل السكاني، لكي يحافظ على "يهودية" الدولة؟ الرد على ذلك بسيط جدا وقد عبرت عنه الصحفية الأمريكية التي طردت من البيت الأبيض، هيلين ثوماس: ليعودوا إلى ديارهم من حيث أتوا. موقفنا يجب أن يكون واضحا: على ليبرمان أن يعود إلى مولدافيا من حيث أتى وعلى شمعون بيرس أن يعود إلى بولندا، وهكذا بالنسبة لجميع الغزاة. الشعب الفلسطيني وحده هو صاحب الحق من يقبل للعيش هنا ومن يرفض. مثله مثل باقي شعوب العالم. هكذا تعمل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها ديمقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان. أنظروا كيف تعامل أوروبا مهاجريها مع أنهم لم يأتوا كغزاة مستوطنين، بل أتوا كضحايا لقرون طويلة من الاستعمار والنهب. لقد أصبحت أوروبا مرتعا للأحزاب اليمينية المتطرفة التي وضعت على رأس سلم أولوياتها ملاحقة ومعادة المهاجرين، بينما تقوم الحكومات "الديمقراطية" كل يوم بسن قانون جديد للتضييق على المهاجرين. أما سياسة الهجرة الأمريكية فهي وصمة عار على مجتمع هو نفسه وليد هجرة بعد أكبر عملية تطهير عرقي في تاريخ البشرية.
سوف تكون فلسطين الديمقراطية الحرة أفضل بما لا يقاس من جميع الدول الأوروبية ومن أمريكا لأنها سوف تفتح صدرها للمهاجرين بشرط ألا يكونوا غزاة مستوطنين.
No comments:
Post a Comment