كل مفاوضات وأنتم بخير
علي زبيدات – سخنين
سوف تتجدد غدا المفاوضات المباشرة بين دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية بإشراف وتحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية. على عكس معظم المحللين "المتشائمين" الذين يعلنون سلفا فشل هذه المفاوضات أسوة بالجولات السابقة على مدى العشرين سنة السابقة أؤكد أن هذه المفاوضات سوف تحقق نجاحات باهرة. المسألة تتعلق بمقاييس النجاح والفشل ليس إلا. وأقول أكثر من ذلك، أن هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات في البيت الأبيض قد نجحت حتى قبل أن تبدأ. حيث اتفقت جميع الإطراف المتفاوضة على إدانة واستنكار العملية التي طالت إحدى المستوطنات في منطقة الخليل. فها هو رئيس السلطة الفلسطينية يصرح أن الهدف من هذه العملية هو المس بالعملية السلمية والسياسية. بينما يصرح رئيس حكومته أن هذه العملية تتعارض مع المصالح الفلسطينية ويشن حملة اعتقالات واسعة تطول كافة المعارضين للمفاوضات. في الجانب الآخر يصرح رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هذه العملية أكدت مطالب إسرائيل الأمنية وضرورة حماية المستوطنات في كل الظروف. بينما صرحت الإدارة الأمريكية بالتناغم مع الموقف الإسرائيلي – الفلسطيني الرسمي وعلى لسان الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته على ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل وإدانة هذه العملية الإجرامية ضد "المدنيين". ألا يعد هذا الاتفاق نجاحا للمفاوضات حتى قبل أن تبدأ. ولا كلمة واحدة عن المستوطنات والمستوطنين المدججين بالسلاح. مساكين هؤلاء المستوطنين المسالمين الأبرياء، لقد لاقوا حتفهم وهم نيام من غير ذنب اقترفوه.
من يقول أن المفاوضات التي بدأت منذ قبل أسلو واتفاقياتها وحتى اليوم قد فشلت؟ العكس تماما هو الصحيح، فقد حققت هذه المفاوضات أهدافها كاملة. حيث نجحت في تفريغ النضال الفلسطيني من مضمونه التقدمي التحرري وورطت منظمة التحرير في مسيرة طويلة من التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية ومنحت الشرعية للاحتلال الإسرائيلي وأصبحت طرفا ملحقا بالمعسكر الصهيوني – الامبريالي - الرجعي. أليس هذا نجاحا؟ هل يوجد من يصدق أن هدف المفاوضات هو الوصول إلى سلام عادل ودائم؟
على عكس باقي الزملاء والرفاق الذين ترتفع أصواتهم عاليا ضد المفاوضات من على الموائد الرمضانية في دمشق حيث اجتمع مؤخرا 11 تنظيما معارضا أدانوا المفاوضات واصفين إياها بأبشع العبارات، والمعارضون الذين حاولوا الاجتماع في رام الله وتراجعوا عن اجتماعهم بعد تدخل مرتزقة القوى الأمنية التابعة للسلطة، أقول أن هذه المفاوضات جيدة ومفيدة. يجب أن نخرج رؤوسنا من تحت الرمل ونرى الصورة كما هي. أقول للذين يتهمون رئيس السلطة الفلسطينية بالتفريط: دعوا الرجل وشأنه. ماذا تتوقعون من شخص يقول أن المقاومة عبثية وأن عملياتها حقيرة؟ ماذا تتوقعون من شخص يقول أنه يتفهم معاناة "الشعب اليهودي" بينما معاناة شعبه لا تهمه وكأنها قشرة برتقالة؟ وأكثر من ذلك، فهو لا يشكك أبدا في حق "الشعب اليهودي" في فلسطين؟ هل تتوقعون أن يقود المقاومة؟ هل من غرابة في أن يقود مثل هذه المفاوضات؟ وماذا تتوقعون من رئيس حكومة عينته أمريكا ويتلقى معاشه منها مباشرة كأي موظف أمريكي عادي؟
بدل الصراخ بمناسبة ومن غير مناسبة ضد المفاوضات لماذا لا يجري العمل على طرح البديل وبنائه على أسس جديدة؟ لماذا يسكت المعارضون في الفترة الأخيرة عن حقيقة كون محمود عباس رئيسا غير شرعي انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة حتى حسب النظم التي وضعها هو وأسياده وأن حكومته هي الأخرى تفتقد أية شرعية؟ لماذا هذا التركيز على رفض المفاوضات والسكوت عن المفاوض نفسه؟ دعوا رئيس السلطة ورئيس حكومته وكبير مفاوضيه وباقي طاقم "الحياة مفاوضات" وشأنهم، دعوهم يفاوضون على راحتهم، هذا هو الدور المرسوم لهم. لن تكون مفاوضاتهم والاتفاقيات التي قد يوقعونها في نهاية المطاف أكثر من فقاعات صابون سرعان ما تنفجر وتتلاشى.
جميع الإطراف المشاركة في المفاوضات تعرف تمام المعرفة أن الهدف منها ليس التوصل إلى سلام شامل ودائم، حتى وإن لم يكن عادلا، في المنطقة. بل هدفها الإبقاء على الأوضاع تحت السيطرة بما يحقق مصالحها: إسرائيل تريد الحفاظ على كيانها من خلال تخليد الاحتلال من جهة وبناء دولة أبرتها يد كولونيالية. بينما تريد الشريحة الكومبرادورية الفلسطينية نصيبا أوفر من السلطة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تريد تثبيت هيمنتها على المنطقة وفرض سيطرتها على مصادر الطاقة.
في المقابل على الشعوب المضطهدة وقواها التقدمية والثورية أن تعيد بناء صفوفها على مبادئ تحررية إنسانية متينة وتواصل النضال حتى التحرير الكامل.
علي زبيدات – سخنين
سوف تتجدد غدا المفاوضات المباشرة بين دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية بإشراف وتحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية. على عكس معظم المحللين "المتشائمين" الذين يعلنون سلفا فشل هذه المفاوضات أسوة بالجولات السابقة على مدى العشرين سنة السابقة أؤكد أن هذه المفاوضات سوف تحقق نجاحات باهرة. المسألة تتعلق بمقاييس النجاح والفشل ليس إلا. وأقول أكثر من ذلك، أن هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات في البيت الأبيض قد نجحت حتى قبل أن تبدأ. حيث اتفقت جميع الإطراف المتفاوضة على إدانة واستنكار العملية التي طالت إحدى المستوطنات في منطقة الخليل. فها هو رئيس السلطة الفلسطينية يصرح أن الهدف من هذه العملية هو المس بالعملية السلمية والسياسية. بينما يصرح رئيس حكومته أن هذه العملية تتعارض مع المصالح الفلسطينية ويشن حملة اعتقالات واسعة تطول كافة المعارضين للمفاوضات. في الجانب الآخر يصرح رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هذه العملية أكدت مطالب إسرائيل الأمنية وضرورة حماية المستوطنات في كل الظروف. بينما صرحت الإدارة الأمريكية بالتناغم مع الموقف الإسرائيلي – الفلسطيني الرسمي وعلى لسان الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته على ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل وإدانة هذه العملية الإجرامية ضد "المدنيين". ألا يعد هذا الاتفاق نجاحا للمفاوضات حتى قبل أن تبدأ. ولا كلمة واحدة عن المستوطنات والمستوطنين المدججين بالسلاح. مساكين هؤلاء المستوطنين المسالمين الأبرياء، لقد لاقوا حتفهم وهم نيام من غير ذنب اقترفوه.
من يقول أن المفاوضات التي بدأت منذ قبل أسلو واتفاقياتها وحتى اليوم قد فشلت؟ العكس تماما هو الصحيح، فقد حققت هذه المفاوضات أهدافها كاملة. حيث نجحت في تفريغ النضال الفلسطيني من مضمونه التقدمي التحرري وورطت منظمة التحرير في مسيرة طويلة من التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية ومنحت الشرعية للاحتلال الإسرائيلي وأصبحت طرفا ملحقا بالمعسكر الصهيوني – الامبريالي - الرجعي. أليس هذا نجاحا؟ هل يوجد من يصدق أن هدف المفاوضات هو الوصول إلى سلام عادل ودائم؟
على عكس باقي الزملاء والرفاق الذين ترتفع أصواتهم عاليا ضد المفاوضات من على الموائد الرمضانية في دمشق حيث اجتمع مؤخرا 11 تنظيما معارضا أدانوا المفاوضات واصفين إياها بأبشع العبارات، والمعارضون الذين حاولوا الاجتماع في رام الله وتراجعوا عن اجتماعهم بعد تدخل مرتزقة القوى الأمنية التابعة للسلطة، أقول أن هذه المفاوضات جيدة ومفيدة. يجب أن نخرج رؤوسنا من تحت الرمل ونرى الصورة كما هي. أقول للذين يتهمون رئيس السلطة الفلسطينية بالتفريط: دعوا الرجل وشأنه. ماذا تتوقعون من شخص يقول أن المقاومة عبثية وأن عملياتها حقيرة؟ ماذا تتوقعون من شخص يقول أنه يتفهم معاناة "الشعب اليهودي" بينما معاناة شعبه لا تهمه وكأنها قشرة برتقالة؟ وأكثر من ذلك، فهو لا يشكك أبدا في حق "الشعب اليهودي" في فلسطين؟ هل تتوقعون أن يقود المقاومة؟ هل من غرابة في أن يقود مثل هذه المفاوضات؟ وماذا تتوقعون من رئيس حكومة عينته أمريكا ويتلقى معاشه منها مباشرة كأي موظف أمريكي عادي؟
بدل الصراخ بمناسبة ومن غير مناسبة ضد المفاوضات لماذا لا يجري العمل على طرح البديل وبنائه على أسس جديدة؟ لماذا يسكت المعارضون في الفترة الأخيرة عن حقيقة كون محمود عباس رئيسا غير شرعي انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة حتى حسب النظم التي وضعها هو وأسياده وأن حكومته هي الأخرى تفتقد أية شرعية؟ لماذا هذا التركيز على رفض المفاوضات والسكوت عن المفاوض نفسه؟ دعوا رئيس السلطة ورئيس حكومته وكبير مفاوضيه وباقي طاقم "الحياة مفاوضات" وشأنهم، دعوهم يفاوضون على راحتهم، هذا هو الدور المرسوم لهم. لن تكون مفاوضاتهم والاتفاقيات التي قد يوقعونها في نهاية المطاف أكثر من فقاعات صابون سرعان ما تنفجر وتتلاشى.
جميع الإطراف المشاركة في المفاوضات تعرف تمام المعرفة أن الهدف منها ليس التوصل إلى سلام شامل ودائم، حتى وإن لم يكن عادلا، في المنطقة. بل هدفها الإبقاء على الأوضاع تحت السيطرة بما يحقق مصالحها: إسرائيل تريد الحفاظ على كيانها من خلال تخليد الاحتلال من جهة وبناء دولة أبرتها يد كولونيالية. بينما تريد الشريحة الكومبرادورية الفلسطينية نصيبا أوفر من السلطة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تريد تثبيت هيمنتها على المنطقة وفرض سيطرتها على مصادر الطاقة.
في المقابل على الشعوب المضطهدة وقواها التقدمية والثورية أن تعيد بناء صفوفها على مبادئ تحررية إنسانية متينة وتواصل النضال حتى التحرير الكامل.
No comments:
Post a Comment