هذه الخطوات الاحتجاجية لا تكفي لوقف سياسة الهدم
علي زبيدات – سخنين
أقدمت دولة إسرائيل، الدولة اليهودية الديمقراطية التي تطالبنا بالولاء لها، على اقتراف جريمة جديدة ليس فقط في حق أهالنا في قرية العراقيب بل أيضا في حق الإنسانية جمعاء، عندما قامت جرافاتها بهدم هذه القرية الصامدة التي بنيت قبل أن ترى هذه الدولة الغاصبة النور. جميع القوانين والمواثيق الدولية تقول أن هدم البيوت وتشريد سكانها الآمنين هي جريمة ضد الإنسانية يجب تقديم مقترفيها إلى المحاكمة وإنزال العقاب الرادع بهم. ولكن، بالطبع، دولة إسرائيل فوق القانون الدولي. هذه الجريمة ليست الأولى من هذا النوع التي تقترفها الدولة ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، فقد سبق ودمرت أكثر من 500 قرية فلسطينية وشردت أهلها، ولم تجد من يردعها، لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد الدولي.
دولة إسرائيل لم ولن تتغير فهي لا تستطيع أن تبني نفسها وتتطور إلا على أنقاض القرى والمدن العربية التي دمرتها وشردت أهلها. المصيبة الكبرى أن رد فعلنا، نحن كضحايا هذه السياسة الغاشمة لم يتغير. ما زلنا عاجزين عن تخطي موقف الاستنكار والإدانة وربما بعض الأمور الأخرى من باب تسكيت الأوجاع ومن ثم الاستكانة والخضوع للأمر الواقع.
ما حدث هو أن لجنة المتابعة، التي من المفروض أن تقود النضال ضد سياسة هدم البيوت قد دعت إلى اجتماع لأعضائها على ارض العراقيب وأصدرت سلسلة من القرارات، منها ما يبدو كقرارات جيدة وضرورية مثل إعادة بناء البيوت المدمرة ولكن تجارب الماضي تقول أن مثل هذا القرار يبقى حبر على ورق. والسعي لتوفير الدعم المادي والمعنوي، لاحظوا كلمة السعي لتوفير الدعم، ومن يضمن أن هذا السعي سوف يتمخض عن نتائج ملموسة؟ لا ضمان. وهكذا نبقى في دائرة الاستنكار والإدانة ليس إلا. ولا أدري ما هي ضرورة تشكيل لجنة خاصة تبقى في حالة استنفار وانعقاد دائم لملاحقة مثل هذه القرارات.
لقد آن الأوان أن تقوم لجنة المتابعة بكافة مركباتها السياسية والأهلية بإعادة تقييم نشاطاتها والعمل من أجل الارتقاء إلى مستوى الإحداث وتطوير جاهزيتها لمواجهة هذه الإحداث. بهذا الصدد أطرح هنا بعض الأفكار التي قد تساهم في بلوغ هذه المهمة:
1) من الواضح أن مواجهة سياسة الهدم تحظى بتعاطف ودعم أوساط واسعة من جماهيرنا ولكن هذا التعاطف وهذا الدعم لا يحظيان بالتعبير العملي عنهما. لجنة المتابعة تكتفي بتواجد بعض أعضائها القادرين على التنقل والتواجد ولا تعمل بما فيه الكفاية لتعبئة وتجنيد الجماهير. مثلا، بدل تواجد بعض الاشخاص في قرية العراقيب أثناء الهدم والذي كان معروفا مسبقا، كان من الأفضل بما لا يقاس وصول الحافلات من شتى قرانا ومدننا العربية للوقوف إلى جانب أهلنا في النقب. ليس كل واحد منا يملك الإمكانية والوسيلة التي تنقله إلى مسافات بعيدة، وعلى لجنة المتابعة تأمين مثل هذه الإمكانية وهذه والوسيلة. يجب على لجنة المتابعة ألا تكون بديلا للعمل الجماهيري بل منظما له.
2) يجب العمل على إنشاء صندوق خاص يتكفل بتعويض الأضرار وإعادة بناء البيوت المدمرة، صندوق يستطيع مواجهة الصندوق القومي اليهودي، الكيرن كييمت، الذي يلعب دورا حاسما في سياسة الهدم والاقتلاع الإسرائيلية وتهويد المكان. بعد مرور 62 عاما من الهدم والتشريد ما زلنا نتكلم عن "السعي" لتوفير الدعم المادي. على كافة الجماهير العربية أن تساهم في تمويل هذا الصندوق من كل حسب طاقته.
3) منذ سنوات ونحن نتكلم عن ضرورة طرق أبواب الهيئات الدولية ولكننا حتى الآن لم نحرك ساكنا. ما المانع للتوجه إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية أو الأمم المتحدة وباقي المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان؟
4) الإعلام العربي متخلف في تغطية هذه الناحية أيضا. تصوروا لو أن دولة في العالم مهما كانت قامت بإخلاء عائلة يهودية من بيتها لمجرد كونها يهودية، ماذا سيحدث لهذه الدولة؟ سوف يقوم الإعلام الإسرائيلي والغربي المؤيد لها بشن حرب إعلامية عالمية عليها. أما نحن فلا يصل إعلامنا إلى أكثر من بعض المواقع الصفراء التي لا تخاطب سوانا. أين المؤسسات الإعلامية التي ترقد تحت مظلة لجنة المتابعة مثل إعلام، عدالة، مدى الكرمل وغيرها؟
5) يقول المثل: إذا أردت أن تدفن قضية معينة فأقم لها لجنة لمتابعتها. لقد أثبتت سياسة "تشكيل لجنة خاصة" لمتابعة قضايا الهدم فشلها. إننا بحاجة إلى خطة عمل مدروسة ومبرمجة حسب المعايير العلمية والعملية التي تضمن نجاحها. مشكلتنا أننا ما زلنا أسرى سياسة رد الفعل لا يوجد هناك أية بوادر للانتقال إلى العمل المخطط والمدروس.
أرجو أن تعلمنا قرية العراقيب درسا يخلصنا من أوهامنا ففي نهاية المطاف جميع قرانا ومدننا ليست بأفضل من قرية العقاريب ومصيرها ليس بأفضل من مصير قرية العقاريب.
علي زبيدات – سخنين
أقدمت دولة إسرائيل، الدولة اليهودية الديمقراطية التي تطالبنا بالولاء لها، على اقتراف جريمة جديدة ليس فقط في حق أهالنا في قرية العراقيب بل أيضا في حق الإنسانية جمعاء، عندما قامت جرافاتها بهدم هذه القرية الصامدة التي بنيت قبل أن ترى هذه الدولة الغاصبة النور. جميع القوانين والمواثيق الدولية تقول أن هدم البيوت وتشريد سكانها الآمنين هي جريمة ضد الإنسانية يجب تقديم مقترفيها إلى المحاكمة وإنزال العقاب الرادع بهم. ولكن، بالطبع، دولة إسرائيل فوق القانون الدولي. هذه الجريمة ليست الأولى من هذا النوع التي تقترفها الدولة ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، فقد سبق ودمرت أكثر من 500 قرية فلسطينية وشردت أهلها، ولم تجد من يردعها، لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد الدولي.
دولة إسرائيل لم ولن تتغير فهي لا تستطيع أن تبني نفسها وتتطور إلا على أنقاض القرى والمدن العربية التي دمرتها وشردت أهلها. المصيبة الكبرى أن رد فعلنا، نحن كضحايا هذه السياسة الغاشمة لم يتغير. ما زلنا عاجزين عن تخطي موقف الاستنكار والإدانة وربما بعض الأمور الأخرى من باب تسكيت الأوجاع ومن ثم الاستكانة والخضوع للأمر الواقع.
ما حدث هو أن لجنة المتابعة، التي من المفروض أن تقود النضال ضد سياسة هدم البيوت قد دعت إلى اجتماع لأعضائها على ارض العراقيب وأصدرت سلسلة من القرارات، منها ما يبدو كقرارات جيدة وضرورية مثل إعادة بناء البيوت المدمرة ولكن تجارب الماضي تقول أن مثل هذا القرار يبقى حبر على ورق. والسعي لتوفير الدعم المادي والمعنوي، لاحظوا كلمة السعي لتوفير الدعم، ومن يضمن أن هذا السعي سوف يتمخض عن نتائج ملموسة؟ لا ضمان. وهكذا نبقى في دائرة الاستنكار والإدانة ليس إلا. ولا أدري ما هي ضرورة تشكيل لجنة خاصة تبقى في حالة استنفار وانعقاد دائم لملاحقة مثل هذه القرارات.
لقد آن الأوان أن تقوم لجنة المتابعة بكافة مركباتها السياسية والأهلية بإعادة تقييم نشاطاتها والعمل من أجل الارتقاء إلى مستوى الإحداث وتطوير جاهزيتها لمواجهة هذه الإحداث. بهذا الصدد أطرح هنا بعض الأفكار التي قد تساهم في بلوغ هذه المهمة:
1) من الواضح أن مواجهة سياسة الهدم تحظى بتعاطف ودعم أوساط واسعة من جماهيرنا ولكن هذا التعاطف وهذا الدعم لا يحظيان بالتعبير العملي عنهما. لجنة المتابعة تكتفي بتواجد بعض أعضائها القادرين على التنقل والتواجد ولا تعمل بما فيه الكفاية لتعبئة وتجنيد الجماهير. مثلا، بدل تواجد بعض الاشخاص في قرية العراقيب أثناء الهدم والذي كان معروفا مسبقا، كان من الأفضل بما لا يقاس وصول الحافلات من شتى قرانا ومدننا العربية للوقوف إلى جانب أهلنا في النقب. ليس كل واحد منا يملك الإمكانية والوسيلة التي تنقله إلى مسافات بعيدة، وعلى لجنة المتابعة تأمين مثل هذه الإمكانية وهذه والوسيلة. يجب على لجنة المتابعة ألا تكون بديلا للعمل الجماهيري بل منظما له.
2) يجب العمل على إنشاء صندوق خاص يتكفل بتعويض الأضرار وإعادة بناء البيوت المدمرة، صندوق يستطيع مواجهة الصندوق القومي اليهودي، الكيرن كييمت، الذي يلعب دورا حاسما في سياسة الهدم والاقتلاع الإسرائيلية وتهويد المكان. بعد مرور 62 عاما من الهدم والتشريد ما زلنا نتكلم عن "السعي" لتوفير الدعم المادي. على كافة الجماهير العربية أن تساهم في تمويل هذا الصندوق من كل حسب طاقته.
3) منذ سنوات ونحن نتكلم عن ضرورة طرق أبواب الهيئات الدولية ولكننا حتى الآن لم نحرك ساكنا. ما المانع للتوجه إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية أو الأمم المتحدة وباقي المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان؟
4) الإعلام العربي متخلف في تغطية هذه الناحية أيضا. تصوروا لو أن دولة في العالم مهما كانت قامت بإخلاء عائلة يهودية من بيتها لمجرد كونها يهودية، ماذا سيحدث لهذه الدولة؟ سوف يقوم الإعلام الإسرائيلي والغربي المؤيد لها بشن حرب إعلامية عالمية عليها. أما نحن فلا يصل إعلامنا إلى أكثر من بعض المواقع الصفراء التي لا تخاطب سوانا. أين المؤسسات الإعلامية التي ترقد تحت مظلة لجنة المتابعة مثل إعلام، عدالة، مدى الكرمل وغيرها؟
5) يقول المثل: إذا أردت أن تدفن قضية معينة فأقم لها لجنة لمتابعتها. لقد أثبتت سياسة "تشكيل لجنة خاصة" لمتابعة قضايا الهدم فشلها. إننا بحاجة إلى خطة عمل مدروسة ومبرمجة حسب المعايير العلمية والعملية التي تضمن نجاحها. مشكلتنا أننا ما زلنا أسرى سياسة رد الفعل لا يوجد هناك أية بوادر للانتقال إلى العمل المخطط والمدروس.
أرجو أن تعلمنا قرية العراقيب درسا يخلصنا من أوهامنا ففي نهاية المطاف جميع قرانا ومدننا ليست بأفضل من قرية العقاريب ومصيرها ليس بأفضل من مصير قرية العقاريب.