Tuesday, September 15, 2009

الدولة الفلسطينية: بنيامين نتنياهو يخطط سلام فياض ينفذ


الدولة الفلسطينية: بنيامين نتنياهو يخطط سلام فياض ينفذ
علي زبيدات – سخنين

لعلكم تذكرون خطاب أوباما في القاهرة قبل 3 أشهر والذي ألقاه مخاطبا العالمين العربي والإسلامي والذي اعتبرته وسائل الإعلام العربية والدولية خطابا تاريخيا؟ ولعلكم تذكرون أيضا كيف طارت قلوب الزعماء العرب فرحا عندما تحدث اوباما في هذا الخطاب عن التزام الإدارة الأمريكية بإقامة الدولة الفلسطينية؟ هذا بالرغم من أنه بدأ كلامه بالإشادة بالعلاقات التاريخية المميزة التي تربط أمريكا بإسرائيل ودعوة الفلسطينيين إلى نبذ العنف مع إنه بالمقابل لم يتطرق بكلمة واحدة عن العنف الإسرائيلي.
بعد هذا الخطاب "التاريخي" بفترة وجيزة وقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو وأعلن للعالم عن قبوله لمبدأ قيام الدولة الفلسطينية وشرح بإسهاب تصوره لهذه الدولة الفريدة من نوعاها، التي لا يوجد لها مثيل في العالم أجمع. يجب أن تكون هذه الدولة أولا وقبل كل شيء منزوعة السلاح. السلاح الوحيد المسموح به هو سلاح الأجهزة الأمنية التي وظيفتها الوحيدة الحفاظ على الأمن الإسرائيلي. وعلى هذه الدولة أن تكون بلا حدود معترف بها، وذلك لكي لا تضطر دولة إسرائيل أن تعترف رسميا بتنازلها عن أجزاء من ارض إسرائيل هذا من جهة، ولكي تستطيع أن تدخل وتخرج إلى هذه الدولة متى تشاء من جهة أخرى، تقتل وتعتقل من تشاء وتهدم أين متى تشاء، كما تفعله حاليا. على هذه الدولة ألا تمارس أي شكل من أشكال السيادة على أرضها وجوها وبحرها. لن يدخل إليها أحد إلا بموافقتها ولن يغادرها أحد إلا من خلال حواجزها العسكرية. على هذه الدولة أن تعترف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي وبالمقابل يجب أن تنبذ كليا فكرة عودة اللاجئين، وأن تعترف بالقدس الموحدة كعاصمة أبدية لإسرائيل. بالمقابل تستطيع هذه الدولة ، إذا أرادت، أن تختار أية قرية صغيرة في المنطقة وتطلق عليها اسم القدس وتجعل منها عاصمتها. سوف تعمل إسرائيل، بمشاركة المجتمع الدولي وأموال النفط العربية، على أن تجعل من هذه الدولة " سنغافورة" الشرق الأوسط، من خلال الاستثمار المكثف في الاقتصاد، وبناء المناطق الصناعية المشتركة التي سوف تقام على الأراضي الفلسطينية واستخدام العمالة الفلسطينية الرخيصة (لمحاربة البطالة ورفع مستوى الحياة) ولكن يجب أن تكون تحت الإدارة الإسرائيلية لكي تؤمن نصيبها من الإرباح. وهذا ما يطلق عليه نتنياهو: السلام الاقتصادي.
ظن البعض أن تصورات نتنياهو هذه حول الدولة الفلسطينية مرفوضة جملة وتفصيلا دوليا وعربيا ولكن بالأساس فلسطينيا. وتعالت الأصوات المنددة بهذه التصريحات معتبرة إياها دليلا آخرا على تعنت إسرائيل وعرقلتها التوصل إلى تسوية سلام نهائية. غير أن هذه الأصوات بدأت تخفت تدريجيا حتى تلاشت نهائيا. فالإدارة الأمريكية وجدت في خطاب نتنياهو خطوة إلى الأمام فهو في نهاية المطاف قد وافق على مبدأ الدولتين. والدول الأوروبية سارت خلف السياسة الأمريكية كعادتها. أما الدول العربية فبقيت جثة هامدة لا تحرك ساكنا، تنتظر دورها في تحويل بعض استثماراتها إلى المنطقة.
المصيبة تكمن في الموقف الفلسطيني، الذي عبر عنه مؤخرا سلام فياض، رئيس حكومة السلطة الفلسطينية المستقيل، العائد، الانتقالي، الذي لا يتمتع بأية شرعية سوى رضا ومباركة إسرائيل وأمريكا ، من خلال الإعلان عن برنامج حكومته تحت عنوان:" وثيقة فلسطين، إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة". حيث صرح عن نية حكومته إعلان الدولة بعد عامين بغض النظر عن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل أو عدمه.
إذا تخطينا الشعارات الممجوجة الخالية من أي معنى حول إنهاء الاحتلال وحل عادل متفق عليه لقضية اللاجئين والقدس كعاصمة لهذه الدولة، نجد أنفسنا وجها لوجه أمام السلام الاقتصادي الذي يتكلم عنه نتنياهو. وهذا ليس غريبا بتاتا كما قد يظن البعض. ينتمي الشخصان إلى مدرسة اقتصادية واحدة فكلاهما نتاج للعولمة الاقتصادية ولسياسة البنك الدولي. بالنسبة لسلام فياض عدالة القضية الوطنية والحقوق المهضومة والتحرير كلمات مجردة لا تعني شيئا عمليا. وبالمناسبة، ارض إسرائيل الكاملة، والحق التاريخي لليهود في فلسطين وباقي الأساطير المؤسسة للصهيونية لا تعني شيئا بالنسبة لنتنياهو أيضا. كلاهما يستعمل هذه الشعارات للاستهلاك المحلي لا غير. الوطن بالنسبة لكليهما ليس أكثر من شركة اقتصادية تدر الإرباح.
عندما يتكلم فياض عن بناء المؤسسات التي سوف تقيم الدولة فهو يتكلم عن بناء مناطق صناعية مشتركة مع إسرائيل، عن إقامة مشاريع سياحية في أريحا والبحر الميت وأماكن أخرى، وربما عن زيادة عدد الكازينوهات أيضا. والكلام عن بناء مطار دولي في الأغوار ومد السكك الحديدية وشق الطرق وغيرها من وسائل الاتصال لن يكون تعبيرا عن سيادة الدولة، حيث ستبقى هذه السيادة بأيدي إسرائيل بشكل مطلق. هدفها الوحيد هو خدمة المشاريع الاقتصادية.
إننا أمام شكل من أسوأ أشكال الحكم الذاتي الذي يخلد الاحتلال. ولا مانع من أحد أن يسمى هذا الشكل بالدولة أو بالإمبراطورية إذا شئتم.
الكلام عن عامين لم يصدر بشكل اعتباطي، هذه هي الفترة التي يحتاجها الثنائي نتنياهو – فياض لفرض تصوراتهما على ارض الواقع ولكي يأخذ كل طرف دوره: تتكفل أمريكا وأوروبا والدول العربية بالتمويل والاستثمار وتوفير الدعم السياسي، ويتكفل نتناهو وفياض بالتخطيط والتنفيذ.
الصورة باختصار وبشكل مكثف: هناك عامان أمامهما لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا وهناك عامان أمامنا لإسقاطهما.

No comments: