Tuesday, March 10, 2009

نعم، يجب محاكمة عمر البشير وجميع الرؤساء والملوك والامراء العرب


في خطوة غير مسبوقة توحد الشارع العربي بصعيديه الرسمي والشعبي وبمعسكريه المعتدل والممانع وبيساره ويمينه وبأحزابه القومية واليسارية وحركاته الدينية حول الموقف الرافض والمندد بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لإعتقال الرئيس السوداني عمر البشير. مثل هذا الموقف الموحد لم نشهده عندما قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتدمير العراق وإحتلاله أو عندما شنت اسرائيل مؤخرا حربين إجراميتين الاولى في لبنان والثانية في غزة. وكأن الدفاع عن عمر البشير أهم من الدفاع عن العراق ولبنان وفلسطين. أليست هذه الوحدة مشبوهة؟
سمعنا تبريرات المدافعين عن عمر البشير. ومن هي هذه المحكمة التي يكيل ميزان عدالتها بمكياليين والتي لا تجرؤ على تقديم مجرمي حرب معروفين، من الرئيس الامريكي السابق بوش الى شريكه رئيس الوزراء البريطاني السابق بلير الى مجرمي الحرب الاسرائيليين، بينما تتطاول على الرئيس"القومي" "الممانع" عمر البشير.
لست هنا بصدد الدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية ولا عن مدعيها العام الفاسد لويس مورينو اوكامبو بشكل خاص. إذ أن معظم ما قيل عنهما صحيح. فبالرغم من أن أمريكا وإسرائيل رفضتا التوقيع على قانون روما بخصوص إنشاء المحكمة إلا انهما تمارسان ضغوطا شديدة عليها حتى أصبحت وكأنها أداة طيعة تحت وصايتهما بالرغم من أنها من المفروض أن تكون مستقلة تماما حتى عن الامم المتحدة.
بعيدا عن العواطف الخادعة وبعيدا عن الشعارات الرنانة والديموغاغية، السؤال الذي يجب أن نطرحه على انفسنا: هل يستحق عمر البشير الاعتقال والمحاكمة أم لا؟ والجواب هو بدون تردد: نعم يستحق ذلك ومنذ وقت طويل. بل وأكثر من ذلك: جميع الرؤساء والملوك العرب يستحقون الاعتقال والمحاكمة من غير إستثناء. كنت أفضل بالطبع أن تتم محاكمتهم من قبل شعوبهم أو على الاقل من قبل محكمة دولية نزيهة. ولكن غياب ذلك ألا يكون ذريعة وتبريرا للدفاع عنهم.
عمر البشير متهم بإقتراف جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وربما جرائم الابادة الجماعية في دارفور. هل ثمة أحد من الملوك والرؤساء العرب غير متهم بمثل هذه الجرائم؟ هل نحن بحاجة الى واحد مثل اوكامبو أو غيره ليذكرنا بذلك؟ جرائم الحرب في السودان لم تبدء فقط في السنة الماضية فلماذا اصدر قرار الاعتقال الآن فقط؟ عمر البشير متواجد على رأس السلطة منذ 20 سنة. بدأها بإنقلاب عسكري على حلفائه ومرؤسيه السابقين. خلال هذه السنوات جلب الجوع والدمار الى السودان الذي يمتلك خيرات تستطيع أن تشبع القارة الافريقية بأكملها. عمل على تقطيع أوصال السودان وأعطى الذريعة للدول الاوروبية الطامعة ولأمريكا واسرائيل أن تتدخل لتأجيج الصراعات القبلية والأثنية والثقافية في جميع أرجاء السودان وخصوصا في الجنوب وفي إقليم دارفور. كل هذا جرى في البداية بدعم ومساندة الدول الاستعمارية التي انقلبت عليه الآن. إذن من أجل وحدة السودان، من أجل إنقاذ السودان يجب محاكمة البشير. وما زال هناك متسع من الوقت لكي يهب الشعب السوداني ويقدمه الى المحاكمة التي سوف تكون أعدل بما لا يقاس من المحكمة الجنائية الدولية.
يحاولون، من خلال ابواق الدعاية الرسمية، ايهامنا بأن الحملة على عمر البشير سببها مواقفه الرافضة للهيمنة الامريكية – الاسرائيلية ودعمه للمقاومة في العراق وفلسطين. هذه كذبة مفضوحة لا تنطلي على أحد. ليكشف لنا عمر البشير عن دوره وعن دور رئيسه "القومي" الاسبق جعفر النميري في هجرة يهود اثيبوبيا الى فلسطين المحتلة عن طريق السودان. ماذا كان ثمن هذه الصفقة؟ ليكشف لنا عمر البشير وحليفه القوي السابق حسن الترابي عن دوره في تسليم المناضل الاممي كارلوس الى فرنسا لكي يقبع مدى الحياة في السجون الامريكية. ليكشف لنا عن مواقفه المناهضة للهيمنة الامريكية- الاسرائيلية وعن دعمه للمقاومة. هؤلاء الرؤساء الذين يبيعون الوطن لكل من يدفع الثمن يتذكرون أن لهم وطن فقط عندما ينقلب حلفاؤهم الاجانب عليهم.
عمر البشير الذي إغتصب السلطة ودمر السودان خلال 20 سنة من الحكم لا يستحق الدفاع عنه. السودان الوطن والسودان الشعب هما اللذان يستحقان الدفاع عنهما، وأول الدفاع هو التخلص من هذا النظام الفاسد.
يظن الملوك والرؤساء العرب انهم يستطيعون إدراة بلدانهم وكأنها مزارع خاصة بهم ويعاملون شعوبهم كالعبيد ويرتمون في أحضان الطامعين الاجانب حيث يتوهمون انهم بذلك يؤمنون الحماية لكراسيهم وعروشهم، فإذا إنقلب هؤلاء الطامعون عليهم أخذوا يصرخون: انقذونا الوطن في خطر.
عودة الى المحكمة الجنائية الدولية. علينا أن نطالب أولا بأن تكون هذه المحكمة نزيهة ومستقلة تضع نصب اعينها العدالة والامانة. لأنه فقط محكمة كهذه تستطيع أن تحاكم مجرمي الحرب الاسرائيليين وغيرهم ممن اقترفوا جرائم ضد الانسانية. فحتى ذلك الحين يجب أن نحافظ على شعلة المقاومة الشعبية ملتهبة.

No comments: