الحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه. انتهت الجولة الاولى من الانتخابات المحلية. فمنهم من فاز ومنهم من فشل ومنهم ما زال ينتظر حظه. لن أذرف الدمع على من لملم بضاعته الفاسدة وعاد الى بيته مكفهر الوجه بعد أن تحملناه خمس سنوات. ولن انثر الورد أمام الفائز الذي سوف يجثم على كاهلنا السنوات الخمس القادمة.
انتهت الانتخابات البلدية وليتها لم تبدأ. البعض يسميها المعركة الانتخابية، وإذا صحت هذه التسمية فهي معركة وهمية نشنها على انفسنا. والبعض يسميها "العرس الديموقراطي" وكان من الاحرى أن يسميها "البغاء الديموقراطي". هذه الانتخابات كشفت أكثر من غيرها عن عوراتنا، عن إفلاسنا الاخلاقي، عن وجهنا القبيح. وبالمقابل نحن لا نملك الجرأة حتى على النظر الى المرآة لكي لا نواجه قبحنا. بعض النعم التي جلبتها لنا هذه الانتخابات يخجل القلم من وصفها وتشمئز الصفحات البيضاء من أن تلطخ بها.
لا تكتفي الدعاية الانتخابية بتلويث شوراعنا بالملصقات والصور وبالمناشير الفارغة والكثير منها مناشير ساقطة، ولا تقتصر على "الاقناع" بما يرافقه من ضغوطات وأكاذيب ووعود عرقوبية ولكنها تتجاوزها الى الرشوات وشراء الذمم وعقد الصفقات المشبوهة في الدهاليز المظلمة. الصوت أصبح سلعة. وكما أن لكل سلعة ثمنها كذلك لكل صوت ثمنه. وقد علمت من مصادر موثوقة، وحسب رأيي كلكم يعلم ذلك، أن العديد من المرشحين قد دفع ما يلزم ثمنا لهذه الاصوات. وكانت الاسعار تتراوح من 100 شيكل الى بضعة آلاف من الشواكل. شيء مخز.
لقد وضع المرشحون الاقوياء نصب أعينهم، وبإعترافهم الواضح والصريح: تحقيق الفوز بكل ثمن. أي الغاية تبرر الوسيلة. هذه المكيافيلية الرخيصة قد نسفت جميع المقاييس الاخلاقية وجرتها الى الحضيض. يدعون الناس الى تحكيم ضمائرهم قبل التوجه الى صناديق الاقتراع وفي الوقت نفسه يدفنون ضمائرهم.
خمس سنوات والحفر تملأ الشوارع والمياه تنقطع كل أثنين وخميس والقمامة تصبح تلالا. ولكن بقدرة قادر تدب النخوة والحياة في عروق المسؤولين في الشهر الاخير قبل الانتخابات، فتمتلئ الشوارع بعمليات الترقيع والتعبيد، وتتناثر سيارات الكركار، وبناء الاسوار الواقية. يراهنون على قصر ذاكرة الناس وبساطتهم. قد تنطلي هذه الامور على البعض ولكن تبقى اللعبة مكشوفة امام الغالبية العظمى الذين يرفضون العبث الى هذه الدرجة بعقولهم ويقومون في نهاية المطاف بمعاقبة هؤلاء المسؤولين.
وصل الى يدي عدد لا يستهان به من المناشير الساقطة، التي كما قلت يخجل القلم من وصفها والتي تنضح بالكلام البذيء والشتائم الموجهة الى المرشح الآخر وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على الحضيض الاخلاقي الذي وصلنا اليه بسبب هذه الانتخابات. ومهما قام المرشحون الآخرون بإستنكارها والتنصل منها فإنها تبقى وصمة عار يلازم هذا "العرس الديموقراطي".
زعم اكبر حزبين في وسطنا العربي: الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، بأنهما حققا الانتصارات الباهرة. إنتصار آخر كهذا وعلى الدنيا ومن عليها السلام. أي إنتصار حققاه وقد سقطت آخر ورقة سياسية كانت تستر عوراتهما؟ أعطوني مثلا واحدا خاض به هذان الحزبان الانتخابات ببرنامج سياسي بعيدا عن الاستقطاب العائلي او الطائفي وإبرام الصفقات المشبوهة؟.
تتغنى الجبهة الديموقراطية بإنتصارها في الناصرة، عاصمة وسطنا العربي، العزيزة على قلوبنا جميعا. الجميع يعرف أن هذا الانتصار جاء نتيجة للإستقطاب الطائفي الخطير الذي نما وترعرع خلال سنوات طويلة. وبسب الخلافات الداخلية في المعسكر المنافس. فهل يوجد ما يفرح؟ والامثلة كثيرة.
ولكن الطامة الكبرى حسب رأيي تكمن في نسبة المنتخبين العالية التي وصلت في كثير من القرى والمدن الى 98%. وكأحد الذين نادوا بمقاطعة الاتخابات أعترف بالفشل الذريع وبعدم فهمي المطبق لنفسية وعقلية المنتخبين. إننا أمام حالة من الادمان المرضي، تماما كالادمان على المخدرات أو الكحول او التدخين. فكما لا ينفع أن تعظ المدمن على التدخين وتنصحه بالاقلاع عنه بسبب الاضرار الجسيمة التي يسببها، كذلك لا ينفع الوعظ بمقاطعة الانتخابات بسبب أضرارها. من أجل ذلك يوجد ضرورة لعلاج. نعم، التهافت على الانتخابات بهذه الصورة مرض. فالمواطن في سخنين، حيث وصلت نسبة التصويت الى 97% ليس أكثر وعيا من المواطن في تل أبيب حيث كانت النسبة 32% أو في القدس حيث بلغت النسبة 42%. وبما أنني لست معالجا نفسيا أكتفي بالقول: الله يشفينا.
كل ما أطلبه، حتى الانتخابات القادمة، أن يقوم المرشحون بتنظيف الاماكن العامة من صورهم وملصقاتهم وألا يتركونها حتى تزيلها امطار الشتاء القادم.
أرفق هذه القصيدة الرائعة للشاعر والمغني الامريكي التقدمي توم باكستون
We All Sound The Same
Words and Music by Tom Paxton
Words and Music by Tom Paxton
The candidates come and the candidates go, and we all sound the same
I'm Eeenie, I'm Meenie, I'm Minie, I'm Mo, and we all sound the same
We're having another election this year,
We're hiring the halls and we're pouring the beer
We'll tell you precisely what you long to hear,
And we all sound the same.
We're there every time you turn on your TV, and we all sound the same
Help stop unemployment, try voting for me! Yes, we all sound the same
We're kissing the babies and shaking the hands,
We're blowing balloons and we're leading the bands
We're hoping that nobody here understands
That we all sound the same.
[bridge]We'll fearlessly take our positions when we know how you feel
We've taken the polls, and we know it's the safe thing to do
We've studied the trends for the feelings that we're allowed to feel
We'll be out there leading, about two or three steps behind you
[that's off of the record]
(spoken*) Mr. Chairman, my close friend, Mr. Lincoln, has a ... we all sound the same
(spoken) Introducing our new economic plan for the future of America...and we all sound the same
(spoken) And I have come before this august gathering to promise you that if I am elected, I will further discover misbeliefs in institution, constitution, and prosperity...and we all sound the same
[bridge]We'll fearlessly take our positions when we know how you feel
We've taken our polls, and we know it's the safe thing to do
We've studied the trends for the feelings that we're about to feel
We'll be out there leading, about two or three steps behind you
[that's off of the record]
We're fast on our feet when the ball's in our court, and we all sound the same
We're earnestly hoping your memories are short, and we all sound the same
We've mastered the art of rhetorical curve,
We've practiced sincerity, screwed up our nerve
We're praying we don't get what we all deserve
And we all sound the same
We're praying we don't get what we all deserve
We're praying we don't get what we all deserve
And we all sound the same
5 comments:
أرادوها حربا مفتوحه,فلتكن حربا مفتوحه,الأنتخابات هرطقات
تروتسكست
لا تنسى انك شاركت في البغاء الديموقراطي قبل جولتين وفشلت فشلا ذريعا.
تروتسكست
بلاش تسلحن
نعم شاركت في هذا البغاء الديموقراطي قبل جولتين ولكن لمعلوماتك في فشلي حققت إنتصارا باهرا (حسب مقاييس للنجاح طبعا) اولا نزلت في قائمةاسمها التحدي وشعارها لا ،لا تعترف بشرعية الكيان الصهيوني وثانيا لم اقدم ادنى تنازل للعائلية والمصالح الشخصية والصفقات، وكانت حفنة الاصوات التي حصلت عليها لا تقدر بثمن. وأخيرا تعلمت درسا لا ينسى وكنت اتمنى أن يكون هناك من يتجرأ ويستخلص العبر
انتهت الانتخابات البلدية وليتها لم تبدأ. وكان من الاحرى أن يسميها "البغاء".نعم انها " أورغيا
Post a Comment