عندما نشرت لجنة المتابعة، قبل عدة أشهر، ورقة "التصور المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل" وعدتنا بتكثيف النشاطات والنقاشات على كافة المستويات والأصعدة وسوف تتوج بالدعوة إلى مؤتمر عام للجماهير العربية قبيل الذكرى ال31 ليوم الأرض وعلى شرف هذا اليوم للمصادقة على هذه الورقة وتبنيها رسميا.
في الأسبوع الماضي وبالتحديد يوم السبت، 17/3/2007، عقدت سكرتارية لجنة المتابعة اجتماعا بحثت خلاله كيفية إحياء ذكرى يوم الأرض.
من نافل القول أن ووعود لجنة المتابعة لم تكن سوى سراب سرعان ما تبدد وتلاشى. إذ لم تشهد الساحة لا نشاطات ولا نقاشات ولا يحزنون. أما القرارات التي تمخضت عن الاجتماع المذكور فلم تكن أفضل من تلك الوعود.
لقد كانت السنة الماضية حافلة بالإحداث الجسيمة. بدأت السنة الماضية بقيام الحكومة الإسرائيلية بفرض الحصار ألتجويعي على شعبنا لأنه تجرأ على انتخاب حكومة لا ترضى عنها، وقد ساهم في فرض هذا الحصار الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية وحتى بعض الأوساط الفلسطينية. لم تكتف الدولة بهذا الحصار فقامت بشن حرب تدميرية ما زالت مستمرة ضد شعبنا الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة. ومن ثم قامت بشن حرب فاشية لمدة 33 يوما ضد الشعب اللبناني. وفي هذه الإثناء تواصلت بل تصاعدت سياسة هدم البيوت ومصادرة الأراضي والاعتداء على الأماكن المقدسة في القدس ومحاولات التطهير العرقي لجماهيرنا في النقب.
إذن لم يكن غريبا أن نتوقع أن يرتقي إحياء الذكرى ال31 ليوم الأرض إلى مستوى هذه الإحداث، وأن نتوقع أن تتفوق لجنة المتابعة على نفسها وتتخذ (بناء على وعودها هي) قرارات جريئة ومميزة في هذه الذكرى.
غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، حيث جاءت هذه القرارات مخيبة للآمال، هزيلة إلى درجة أخذ المواطن العادي يتساءل: ماذا تبقى من يوم الأرض؟ ماذا تضمن بيان لجنة المتابعة سوى عبارات الشجب والاستنكار التي لا تؤمن من خوف ولا تغني من جوع؟ وتنظيم مهرجان في مدينة سخنين وآخر في الطيبة وزيارات إلى النقب؟
يقول بيان لجنة المتابعة:"هذه المناسبة تعتبر مناسبة وطنية كفاحية لا تقتصر على مجرد إحياء الذكرى بل تتجدد خلالها الجماهير العربية وتجدد انطلاق ومواصلة مسيرتها النضالية..." أبمثل هذه القرارات وهذه الناشطات تتواصل وتتجدد المسيرة الكفاحية لجماهير مضطهدة يمارس ضدها عدوان عنصري منهجي؟
كان باستطاعة لجنة المتابعة أن تتخذ قرارا بالإضراب العام. مثل هذا القرار يلاقي دعما وتشجيعا من قبل فئات واسعة من الجماهير العربية، الإضراب العام والشامل قادر على إن يعبر عن مدى احتجاج ورفض هذه الجماهير لمجمل الجرائم التي اقترفتها الحكومة الإسرائيلية في السنة الماضية. فلماذا هذا الخوف من إعلان الإضراب العام؟ ولماذا تقهقرت بعض مركبات لجنة المتابعة التي كانت في الماضي تطالب بالإعلان عن الإضراب العام في يوم الأرض كموقف ثابت؟ في المجتمع الإسرائيلي يعلنون الإضرابات العامة في أمور أقل أهمية مثل عدم دفع الرواتب لبعض مستخدمي السلطات المحلية أو المعلمين. فلماذا لا نجرؤ نحن في موضوع ذو أهمية وطنية قصوى الإعلان عن يوم إضراب واحد في السنة؟
أما بالنسبة للمسيرة المركزية ، فلماذا يجب أن تكون دائما في مدينة سخنين؟ من ناحية المنظمة، السبب واضح وهو ضمان نجاحها، حتى تستطيع بعد ذلك أن تقول: لقد كان عملا ناجحا، إذ يهب أهالي سخنين عادة عن بكرة أبيهم للمشاركة في مسيرة يوم الأرض. ولكن وليعذرني أهل بلدي، هل تستحق مدينة سخنين، في مثل هذه الظروف التي تعيشها، أن تحتضن العمل المركزي ليوم الأرض وفي كل سنة؟ يجب أن أقولها بكل جرأة وصراحة: لا، لا تستحق. إن البلدية التي استقبلت قبل أسبوع واحد فقط مجرم الحرب شاؤول موفاز بحفاوة لا تستطيع أن تستقبل الحشود الوافدة من باقي القرى والمدن لإحياء يوم الأرض. لم يكن استقبال موفاز استقبالا رسميا لوزير في بلدية لمناقشة أمور تتعلق بوزارته فحسب، بل عندما يشارك في هذا الاستقبال "وجهاء" المدينة الذين حرص رئيس البلدية على دعوتهم، فإن الزيارة تأخذ طابعا آخر. سوف ترون معظم هؤلاء "الوجهاء" يسيرون متكاتفين في الصف الأول من مسيرة يوم الأرض. أما رئيس البلدية الذي استقبل هذا المجرم بخطاب ودي سوف يلقي الخطاب المركزي في مهرجان يوم الأرض وسوف يكون هذا الخطاب مشبعا حتى الثمالة بالشعارات الرنانة الملتهبة.
يوم الأرض ليس ملكا لمدينة أو لقرية معينة، وهو ليس ملكا للجماهير الفلسطينية في الداخل، انه ملك للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
لماذا لا يكون العمل المركزي مثلا في القدس العربية؟ في رحاب المسجد الأقصى الذي يتعرض للعدوان المستمر؟ لكي نعبر عن سخطنا على الاعتداءات المتكررة على الأقصى واحتجاجا على سياسة تهويد القدس وتأكيدا على وحدة الشعب الفلسطيني؟
لماذا لا يكون العمل المركزي في مدينة نابلس التي تتعرض يوميا للدمار؟ هل من الصعب حشد مئات الحافلات والتوجه بها إلى نابلس؟
لماذا لا يكون العمل المركزي في بيت لحم احتجاجا على الجدار العنصري ومحاصرة الأماكن المقدسة هناك؟ ونقل معاناة أهالي بيت لحم إلى العالم؟
هل نحن شعب واحد على الورق فقط؟ وعلى صعيد الشعارات الفارغة والاستهلاك المحلي؟ هل يعقل أن يقود النضال ضد الجدار العنصري وضد اعتداءات قطعان الفاشية المستوطنون على أهلنا متضامنون من خارج البلاد وفوضويون ضد الجدار وغيرهم ونحن نقف متفرجين؟ لماذا لم تكلف لجنة المتابعة نفسها عناء تنظيم ولو مظاهرة واحدة فقط ضد الجدار وضد مصادرة الأراضي الفلسطينية؟
هل يعقل أن تجتاح العالم بأسره المظاهرات المناهضة للحرب الامبريالية في العراق بمناسبة الذكرى الرابعة لهذه الحرب ما عدا العالم العربي ومن ضمنه نحن بقينا صامتين صمت أهل القبور؟ لماذا لم تحرك لجنة المتابعة ساكنا من أجل تنظيم عمل ما يتيح لها الحفاظ على ماء الوجه على الأقل؟ وعندما أقول لجنة المتابعة أشمل أيضا جميع مركباتها من أحزاب وجمعيات وحركات وأشخاص.
نعم، من حق جماهيرنا أن تطرح السؤال الشرعي: ماذا تبقى من يوم الأرض؟ ومن هو المسئول عما آلت إليه هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا؟ وما هي الطرق الكفيلة بإعادة رونق هذا اليوم وروحه النضالية الحقيقية؟
من حق جماهيرنا ليس فقط أن تطرح هذا السؤال، بل من حقها أيضا أن تحصل على أجوبة شافية، وأن تقوم بتقييم عمل ونشاط ومسؤولية جميع الهيئات الفاعلة وعلى رأسها لجنة المتابعة.
No comments:
Post a Comment