شعب واحد … ولكن
علي زبيدات سخنين
نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده… ولكن
نحن جزء حي وفعال من الشعب الفلسطيني… ولكن
قضيتنا واحدة ومصيرنا واحد… ولكن
من منا لم يسمع ولم يردد هذه الشعارات وما شابهها مرات لا تحصى ولا تعد؟ من أعضاء الكنيست العرب، من رؤساء البلديات والمجالس المحلية، من قيادات الاحزاب السياسية الاسلامية والقومية والعلمانية، من الناشطين في الجمعيات والمؤسسات المدنية وحتى الناس البسطاء في الشارع والبيوت.
ولكن ما قصة هذه الـ "لكن" التي تتكرر؟ حتى أن البعض يسميها "لكن كبيرة".
لغويا (حسب معجم المعاني الجامع) هي حرف عطف واستدراك يثبت لما بعده حكما مخالفا لما قبله. كمن يقول: الطقس جميل لكن الجو ملبد بالغيوم. فعندما تقول: نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وتتبعها بكلمة لكن.. فهذا يعني انه لديك تحفظ ما، يختلف عما قلته سابقا. وفي سياق هنا المقصود اننا جزء يختلف عن باقي الاجزاء وتميزنا عنها.ل دينا ظروفنا الخاصة.
نحن جزء حي وفعال من الشعب الفلسطيني ولكن... لدينا ظروفنا الخاصة.
صحيح، قضيتنا واحدة ومصيرنا واحد ولكن... لدينا ظروفنا الخاصة.
وبالتالي إذا جمعنا كافة هذه "اللكنات" لتبين اننا في الواقع جزء يتجزأ من الشعب الفلسطيني وان قضيتنا ليست واحدة ومصيرنا ليس واحدا. على سبيل المثال لا الحصر: نطالب الشعب الفلسطيني بعدم التطبيع مع إسرائيل ولكن بسبب ظروفنا الخاصة نطالب بالاندماج معها ونطالبها بمنحنا المساواة مع مستوطنيها. نطالب العالم بمقاطعة إسرائيل ولكن بسبب ظروفنا الخاصة نحن معفيين من هذه المقاطعة. مشاركة أهالي القدس في الانتخابات البلدية تعتبر خيانة بينما في الناصرة تعتبر موقفا وطنيا. لأن القدس محتلة وكأن الناصرة "محررة". لا بأس في أن تدير بلدية القدس الصهيونية شؤون الفلسطينيين. إذ حسب القانون الدولي على المحتل أن يوفر المتطلبات الاساسية لمن يقع تحت الاحتلال. ولكن في الوقت نفسه مرفوض رفضا باتا أن تعين الحكومة لجنة تدير شؤون أية بلدية عربية لأن مثل هذه اللجنة لن تكون حريصة على مصالح البلد. لو شارك أهالي القدس بالانتخابات المحلية لاستطاعوا التأثير أكثر من تأثير من يشارك من العرب في انتخابات تل ابيب أو حيفا أو أي مدينة أخرى مما تسمى بالمدن المختلطة. طبعا أنا هنا لا اعمل دعاية بضرورة مشاركة أهل القدس بالانتخابات البلدية أو أية انتخابات أخرى، العكس تماما هو الصحيح، أنا أعمل دعاية لمقاطعة فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 لمقاطعة هذه الانتخابات. فنحن شعب واحد أليس كذلك؟ وجميعنا تحت الاحتلال والفرق بين الاحتلالين أقل من عشرين سنة، وعلى الاحتلال حسب القانون الدولي أن يوفر الظروف المعيشية الاساسية لجميع يرزحون تحت نير الاحتلال. ولن تكون آخر الدنيا أذا عينت الحكومة لجان لتدير كافة البلديات والمجالس العربية.
هذه يعني اننا شعب واحد وهذا يعني اننا جزء لا يتجزأ من هذا الشعب وغير ذلك ليس سوى كذب وغش وخداع. إذا كانت قضيتنا واحدة فحلها يجب أن يكون واحدا. الاعتراف بنا كأقلية قومية، منح الباقين دولة العوبة والمساومة على عودة الآخرين، هذا لا يعني قضية واحدة ولا يعني حلا واحدا. هل مصيرنا واحد أم لكل جزء فينا مصيره وعليه يسعى إليه ويتقبله؟
إذا أردنا حقا أن نكون شعبا واحدا يتكون من أجزاء لا تتجزأ وإذا أردنا أن تكون لنا قضية واحدة ومصير واحد، وليس من باب الشعارات والخطابات فحسب، علينا أن نمحى هذه الكلمة "لكن" بهذا المعنى من قاموسنا.
من هذا المنطلق ارفض شرعية السلطة الفلسطينية لأنها في أحسن الأحوال تستفرد بجزء واحد من الشعب الفلسطيني. وارفض سلطة حماس في غزة من المنطلق نفسه. وارفض أوهام الاقلية القومية التي تحيط بها غالبية عنصرية والتي تروج لها لجنة المتابعة. قد يقول البعض: ولكن ماذا عن الظروف الخاصة التي تميزنا وتفصل فيما بيننا موضوعيا ولا يمكن بأي حال من الاحوال تجاهلها أو إنكارها؟ ماذا يعني التمرد إذا لم يكن يعني التمرد على الظروف؟ ماذا يعني النضال إذا لم يكن ضد هذه الظروف؟ وماذا تعني الثورة إذا لم يكن هدفها قلب الواقع رأسا على عقب. فالظروف ليست أمرا منزلا حتى ولو آمن بذلك الكثيرون.
لنتذكر مقولة كارل ماركس الشهيرة: "إذا كانت الظروف هي التي تصنع الإنسان فعلينا أن نصنع ظروفا إنسانية"
No comments:
Post a Comment