السماسرة
قادمون السماسرة قادمون
علي
زبيدات – سخنين
هل
تؤمنون بطاقية الاخفاء؟ تلك الطاقية
السحرية التي اذا وضعها احدكم على رأسه
يصبح غير مرئي ويستطيع ان يذهب إلى احيث
يشاء ويعمل ما يشاء؟ اغلب الظن انه لا
احد منكم يؤمن بوجود مثل هذه الطاقية
ويعتبرها خرافة قدا تصلح لأن تكون قصة
ترويها جدة لاحفادها الصغار قبل أن يخلدوا
للنوم. أما
أنا، فبعد مظااهرة سخنين الاخيرة ضد
السماسرة فقد بدأت أؤمن بوجود بمثل هذه
الطاقية يعتمرها حصرا هؤلاء السماسرة
الذين سببوا الرعب والفزع لاهل البلد من
غير أن يلمحهم أحد. تعالت
الهتافات في هذه المظاهرة ضد السماسرة
داعية إلى مقاطعتهم بل الى طردهم من البلد
التي يقومون ببيع ارضها وحرمان ابناءها
من بناء بيت يأويهم. وقبل
المظاهرة تتالت البيانات المنددة بالسماسرة
من البلدية والمعارضة واللجنة الشعبية
ورجال الدين ومن الحراك الجديد الذي يطلق
على نفسه الحراك الشبابي حتى سببت
الاختناقات في أزقة مواقع التواصل
الاجتماعي وكل طرف يتهم الطرف الآخر
بالتقاعس أو التواطؤ أو التورط.
وعندما سألت احد
المنظمين القياديين الذي تكلم بانفعال
شديد لكافة وسائل الاعلام المتواجدة عن
خطر السماسرة: أين
هم هؤلاء السماسرة، اريد أن اتعرف على
احدهم، هل تعرف من هم؟ هل تعرف اين يسكنون؟
ولماذا كلامك دائما في صيغة المبني
للمجهول؟ فكان جوابه بكل بساطة:
لا اعرف، وسألت
آخر وآخرين ومن عدة اطراف ودائما اتلقى
نفس الجواب: لا
أعرف. وكررت
على مسمع من يريد أن يسمع ما كتبته في
اليوم السابق في احد مواقع التواصل
الاجتماعي: أعطوني
اعطوني معلومات اكيدة وموثوقة واسم سمسار
واحد وانا سوف افضحه في كل مكان وفي كل
زمان وسوف اتحمل مسؤولية عملي مهما كانت
العواقب وخيمة. ولكني
لم احصل على اسم واحد، وأمامي (لأني
مشيت في آخر المظاهرة)
تعالت الهتافات:
بدنا نحكي عالمكشوف
سماسرة ما بدنا نشوف. ومنذ
تلك اللحظة بدأت أؤمن بان هولاء السماسرة
الملاعين يلبسون طواقي الاخفاء.
بعد
انتهاء المظاهرة عدت إلى البيت وقررت
اولا أن اجري بحثا قصيرا في الشبكة
العنكبوتية لعلي اتوصل إلى تعريف مقنع
لما هي السمسرة ؟ومن هو السمسار؟ فوجدت
كما هائلا من التعريفات:
عرفت أن اصل الكلمة
فارسي ولكنها تعربت منذ زمن طويل وكانت
مستعملة حتى في زمن الجاهلية وفي زمن
الرسول الذي، حسب بعض المصادر، لم يحربها
بل تقبلها ونعت بعض سماسرة المدينة
بالتجار. وكدت
أقع في فخ علماء الدين والمفسرين الذين
كالعادة يختلفون حول كل مسألة:
فمنهم من اتاحها
ومنهم من حرمها ومنهم تحفظ منها واعتبرها
مكروهة. ولكن،
لغويا على الاقل، وجدت بعض التوافق،
فالسمسرة هي التوسط بين البائع والشاري
لتسهيل الصفقات التجارية والسمسار بكل
بساطة هو من يجعل من السمسرة مهنته.
وبما انه في عالمنا
الحديث كل شيء يباع ويشترى فقد استنتجت
أننا في الحقيقة جميعنا سماسرة بشكل أو
آخر، فبالاضافة لسمسارة الارض والعقارات
المتعارف عليهما يوجد هناك سمسارة البورصة
والتأمين والاسهم والسندات والشحن، واضيف
من عندي: سمسارة
الوطن والفكر والدين.
هكذا
لن اتقدم خطوة واحدة. تبا
لجميع التعريفات ولجميع القواميس، في
وضعنا الراهن، كلنا يعرف ما المقصود
بالسمسرة والسماسرة ولا حاجة لمزيد من
الفذلكة والتفلسف.
يوجد
هناك ستة أطراف التفاعل فيما بينها انتج
ظاهرة السمسرة بالمعنى الذي نفهمه جميعنا:
١-
وزارة البناء
والاسكان. ٢-
سلطة اراضي اسرائيل.
٣-
البلدية.
٤-
لجنة التنظيم
والبناء. ٥-
المواطنون.
٦-
السماسرة.
الطرف
الاول،الوزارة، هي المسؤولة عن رسم سياسة
حل مشاكل السكن وقد اتحفتنا في السنوات
الاخيرة بمصطلحات جديدة في هذا المجال
غريبة عن مجتمعنا مثل"سعر
للساكن"،
"بناء
مشبع" أي
بناء يصل إلى ٧-٨
طبقات، "بناء
ملتصق بالارض" مع
تحديد لوحدات السكن على الدونم الواحد.
والتي قد تلائم
البناء في المدن اليهودية ولكنها لم تأخذ
بعين الاعتبار البناء في المدن العربية.
الطرف الثاني،
سلطة الاراضي، هي التي تحدد مكان ومقدار
الارض المعدة للبناء.وبالتعاون
بين الطرفين يتم تنظيم مناقصات لتسويق
قسائم البناء المعروضة.
هذه المناقصات لا
تتم الا بالتعاون مع الطرف الثالث، ألا
وهو البلدية، لا تتم المناقصات بدون
موافقة البلدية. جاء
في موقع الوزارة ما يلي:”هناك
تعاون وثيق مع سلطة الاراضي وبلدية سخنين
في تسويق وتطوير الحي الجديد".
بناء على هذا
التعاون الذي شمل زيارات ولقاءات عديدة
على مستوى رفيع بين ممثلي الاطراف الثلاثة
تم تنظيم المناقصة الاولى لبناء ٢٠٩ وحدات
سكن تم تسويق ١٣٥ منها.
كان ذلك بتاريخ
١٩-٣-٢٠١٣.
وقد فاز في هذه
المناقصة : ٢٤
وحدة سكن لشركة ديكل التي يملكها رجل
الاعمال بسام شواهنة من سخنين.
٣٥ وحدة سكن لشركة
فكتور غريب من الناصرة.
٣٤ وحدة سكن لشركة
شتيت وصاحبها يهودي مقره في نيشر.
المجموع ٩٣ وحدة
سكن. (هذه
المعلومات من موقع وزارة البناء والاسكان).
وهذه حسب شروط
المناقصة من المفروض ان تكون ما يسمى
"وحدات
اشباع" أي
طوابق، ولكنها خلافا للشروط تم بيعها
كقسائم بعشرة اضعاف سعر شرائها على الاقل.
كما يبدو كانت هناك
مناقصات اخرى فاز بها مقاولون ،جمعيات
أو مبادرون عرفت منهم جمعية لراجح غاليه،
اخوان حنا، حسن سيد احمد ويوسف سيد احمد.
لم اجد في المواقع
الرسمية معلومات عن هذه المناقصات ولا
ادري كيف تم تسويق هذه القسائم التي فازوا
بها ولكن بما ان هؤلاء الاشخاص معروفين
في البلد كان من المفروض على اللجنة
الشعبية الاستفسار منهم مباشرة.
حسب رأيي البلدية
تعرف كل التفاصيل على الاقل من خلال الطرف
الرابع المشارك الا وهو لجنة التنظيم
والبناء والتي اصدرت ترخيصات لكل االعمارات
التي بنيت، ليس فقط من خلال تواجد ممثل
دائم للبلدية في اللجنة بل ايضا لان مهندس
البلدية يجب أن يوقع على كافة الخرائط.
لجنة التنظيم
والبناء تلعب في هذه الحالة دور مبيض
الاموال. يبقى
لغز السمسار مقاري من كفر كنا، لم اجد اي
معلومات في المواقع الرسمية او غير الرسمية
كيف حصل على الفسائم في سخنين، منهم من
يقول انه فاز بها هو الآخر في مناقصة،
والبعض يقول بل اشتراها من الشركة اليهودية
التي لم تواصل عملها، والبعض يقول تم
تبديلها مع اراضي كان قد سمسر عليها في
اماكن اخرى بدعم وتشجيع اوساط حكومية .
ولكن من المؤكد
انه يوجد هناك من يعرف التفاصيل ولا يريد
او لا يجرؤ على كشفها.
الطرف الاخير وهم
المواطنون، ما عدا بعض المتمكنين، فقد
خرجوا من المولد بلا حمص،
الخلاصة
الجميع متورطون. اذا
كانت البلدية تعلم ولم تتحرك كما يجب فهذه
مصيبة واذا كانت لا تعلم فالمصيبة اكبر.
المعارضة تتحمل
المسؤولية تماما كالبلدية فهي تشارك في
الاجتماعات ولها حق المساءلة، واصدار
بيان هنا وبيان هناك وغالبا بعد ان تنفضح
الامور لا يمنحها صك البراءة، خصوصا وان
هذه المعارضة كانت في الماضي غير البعيد
في السلطة وكانت متورطة بعدة فضائح تتعلق
بالارض. واخيرا
وليس آخرا، اقل ما يقال عن اللجنة الشعبية
انها كانت حاضر غائب على الهامش أو "شاهد
مشفش حاجة”.
اعتذر
سلفا اذا كانت بعض المعلومات الواردة هنا
غير دقيقة او خاطئة، ومجال التصحيح
والاضافة مفتوح امام الجميع.
تكلمت
ببعض الاسهاب عن الوضع في سخنين، ولكن
اليست هذه الظاهرة مشتركة في معظم قرانا
ومدننا مع بعض الاختلاف بالتفاصيل؟