ضد
الجيش و الشرطة
علي
زبيدات – سخنين
تقوم
المجتمعات الطبقية القديمة والحديثة،
بغض النظر عن انظمتها وبغض النظر عن درجة
تطور هاهذه، على تقديس مؤسستين اجراميتين
لا مكان لهما في عالم يحلم بالحرية والسلام
وهما الجيش والشرطة. تدعي
الايديولوجية المهيمنة والتي استطاعت
مسح ادمغة الغالبية العظمى من البشر بأنه
لا بد من الجيش لحماية الاوطان من الاعداء
الخارجيين ولا بد من الشرطة لحماية المواطن
والحفاظ على الامن الداخلي.
هذه الكذبة التي
تتكرر كل يوم منذ آلاف السنين وحتى يومنا
هذا اصبحت حقيقة عند الغالبية العظمى من
الناس. فالدعاية
التي تبثها هذه الايديولوجية تقول:
لو لم يكن هناك
جيوش لافترست الشعوب بعضها البعض وكدليل
على ذلك تشير إلى تاريخ الحروب منذ غابر
الازمنة وحتى عصرنا الراهن، هذا بالرغم
من ان هذه الكذبة مكشوفة سلفا، إذ لو لم
تكن هناك جيوش لما كانت هناك حروب اصلا
ولما هاجم شعب شعبا آخرا.
وتتابع هذه الدعاية
القول: ولولا
وجود الشرطة لقتل المواطنون بعضهم البعض
كالحيوانات المفترسة، بينما يؤكد الواقع
العكس من ذلك تماما فالشرطة هي المسؤول
الاول عن ارهاب وقتل المواطنين.
يوجد
للجيش، منذ أن اصبح مؤسسة قائمة بذاتها،
وظيفة مزدوجة: الدفاع
عن مصالح الطبقات الحاكمة امام اعدائها
الخارجيين من جهة وتوسيع هذه المصالح على
حساب هؤلاء الاعداء عن طريق شن الحروب
العدوانية من جهة اخرى.
اما وظيفة الشرطة
الازلية فهي الدفاع عن مصالح الطبقة
الحاكمة امام باقي الطبقات التي تركب
المجتمع. ومن
هنا تأتي ضرورة التنسيق والتعاون بين
هاتين المؤسستين وفي الوقت نفسه حتمية
الصراع فيما بينهما. لم
يطرأ أي تغيير جذري على وظيفة الجيش هذه
منذ ايام اسبارطة ومكدونيا وروما وفارس
والمغول والتتر والهون وحتى ايامنا هذه
حيث الجيوش المهنية الحديثة.
واذا كان هناك ثمة
تغيير فهو في نوعية وكمية الاسلحة التي
يدجج كل جيش نقسه بها.
فالاسلجة القديمة
كالسيف والرمح والدرع والمنجانيق وغيرها
من الاسلحة البدائية قد انقرضت وان وجدت
فهي موجودة في المتاحف وحلت محلها الصواريخ
المتطورة والقنابل الذكية والطائرات
الحربية واسلحة الدمار الشامل من بيولوجية
وكيماوية ونووية، الكفيلة بتدمير الكرة
الارضية عدة مرات.
محاولة
الانقلاب العسكرية الفاشلة في تركيا
مؤخرا اعادت هذه القضية من جديد ووضعتها
في واجهة الاحداث والاخبار وعلى طاولة
النقد والتحليل. مرة
اخرى وقع الجميع في فخ الايديولوجية
الطبقية، فخ الفصل بين المؤسسة العسكرية
والسياسية. رأينا
الصراع الظاهري بين المؤسستين غابت عنا
الوحدة العضوية بينهما.
الصراع السياسي
داخل الطبقة الحاكمة له انعكاس و امتداد
طبيعي في المؤسسة العسكرية.
هناك اوساط عسكرية
ايدت هذا الطرف السياسي واوساط اخرى ايدت
ذاك الطرف. في
الانظمة الرأسمالية الحديثة، كذبة الفصل
بين المؤسسة السياسية والعسكرية مثلها
مثل كذبة الفصل بين ما يسمى بالسلطات
التنفيذية والتشريعية والقضائية.
جميعها اجتهادات
الهدف منها واحد وهو: ايجاد
انجع الطرق للحفاظ على النظام الطبقي.
لا
نستطيع ان ننكر ان التاريخ البشري، في
بعض محطاته التي شكلت نقاط انعطاف تاريخي
اسفرت عن تغيير جذري في طبيعة النظام،
عرف جيوشا وقفت امام مهام تختلف عن مهامها
التقليدية، اذكر على سبيل المثال لا الحصر
من التاريخ الحديث: الجيش
الاحمر السوفياتي الذي قام بعد ثورة
اكتوبر الاشتراكية للدفاع عنها ضد فلول
جيش القيصر والتدخلات الامبريالية، ومن
ثم حربه ضد الوحش النازي، والجيش الاحمر
الصيني الذي حارب ضد الاقطاع والاحتلال
الياباني حتى انتزع استقلال الصين الشعبية،
وجيش الشعب الفيتنامي الذي خاض حربا
متواصلة لاكثر من ثلاثين سنة ضد الاستعمارين
الفرنسي والامريكي. ولكن
مثل هذه الامثلة كانت مؤقتة ونسبية وسرعان
ما تحولت إلى نقيضها.
اليوم، يرزح العالم
باسره تحت نير نظام رأسمالي عالمي واحد
بالرغم من تعدد اشكاله ودرجات تطوره من
مكان لآخر. لا
تصدقوا كذبة وجود جيوش وطنية هدفها حماية
الاوطان، لانه لم يعد هناك انظمة وطنية
اصلا. لم
يبق سوى شعارات ديماغوغية.
الجيش جهاز قمعي
فتاك يسعى إلى احتكار العنف ويستخدم مجرد
اداة في ايدي الطبقات الحاكمة للدفاع عن
مصالحها وسلطتها. نقطة.
الانظمة التي تدعي
الوطنية ستكون اول من يستدعي الجيوش
الاجنبيه لاجتياح بلادها اذا لزم الامر
لذلك.
خلاصة
هذا القول لا يعني انني اصبحت "مسالما"
أي "باسيفست"،
ادعو إلى نبذ كافة اشكال العنف.
ما زال العنف الثوري
الذي تخوضه الشعوب والطبقات المضطهدة من
اجل استقلالها وتحررها ضرورة موضوعية
وهو حق تكفله وتعترف به كافة الاعراف
والقوانين الدولية. ولكن
من أجل ذلك لا حاجة لهذا لجهاز المتوحش
المدجج بأعتى الاسلحة واشدها دمارا المسمى
بالجيش. الشعب
المسلح بالوعي اولا وبالتنظيم ثانيا ومن
ثم باسلحة دفاعية قادر على انتزاع حريته
والدفاع عن نفسه. على
النضال في المرحلة الراهنة ان يركز أولا،
على نزع الاسلحة النووية وكافة اانواع
اسلحة الدمار الشامل والاسلحة التقليدية
المتطورة ذات القدرة على الدمار، جمعها
وحجزها حتى تصبح اكواما معدنية يعلوها
الصدأ تباع في سوق الخرداوات.
ثانيا، دعوة الشباب
في جميع ارجاء العالم الى رفض الخدمة
العسكرية في اي جيش مهما كان.
ثالثا، دعوة
المجندين إلى ترك الجيش فورا.لكي
لا يكونوا قاتلين أو مقتولين.
واخيرا رفع شعار:
حل وتفكيك اجهزة
الجيش والشرطة الآن وفي كل مكان.
No comments:
Post a Comment