مرة
اخرى لندن مربط خيلنا
علىي
زبيدات – سخنين
اتفق
المراقيون على أن مؤتمر القمة العربية
الاخير في نواكشط عاصمة موريتنانيا هو
الأسوأ منذ سنوات طويلة.
ليس فقط لأن ستة
زعماء عرب (من
٢٢) حضروا
هذه القمة بينما اكتفى الاخرون بارسال
ممثلين أقل اهمية عنهم، بل ايضا، وبالرغم
من وفرة المواضيع الساخنة والمتفجرة التي
تجتاح العالم العربي من الصحراء الغربية
غربا إلى العراق شرقا ومن سوريا شمالا
إلى اليمن جنوبا، لم يناقش اي من هذه
المواضيع بشكل جدي ولم تتخذ أية قرارات
حتى من الصنف التي كنا نصفها بالقرارات
الهزيلة. لقد
اثبتت هذه المؤسسة، ولا ادري للمرة الكم،
انها ولدت مشوهة وتعاني من مرض بل امراض
مزمنة وها هي اليوم تغط في حالة من الموت
السريري حتى يقوم زعيم عربي حي ويعلن عن
وفاتها بشكل رسمي.
في
هذه الاجواء قام الرئيس الفلسطيني محمود
عباس ممثلا بوزير خارجيته رياض المالكي
بخطف الاضواء والفوز بالعناوين الرئيسية
عندما طالبا الزعماء العرب "بفتح
ملف الجرائم الدولية والمساعدة لرفع قضية
ضد الحكومة البريطانية لاصدارها وعد
بلفور ما تسبب بنكبة فلسطين".
ما هذا الاستهبال
والاستخفاف بعقولنا؟ والمصيبة ان عددا
من ابواق السلطة بدأت تروج لهذه السخافات
وتعتبرها فكرة رائدة ومتميزة وكل ما هنالك
ينبغي وضعها في موضع المتابعة والتنفيذ.
ويطالبوننا بتصديق
هذا الكلام. صحيح،
اننا نعاني على المستوى الفردي والجماعي،
من ضعف الذاكرة ولكننا لم نصل بعد الى
درجة فقدان الذاكرة نهائيا.
اليس هذا الثنائي،
عباس -المالكي،
من قام بعرقلة عرض تقرير غولدستون على
الامم المتحدة؟ هذا التقرير الذي اعترف
بخجل ببعض جرائم الحرب والجرائم ضد
الانسانية التي اقترفتها اسرائيل في حرب
الابادة التي شنتها على غزة في عامي
٢٠٠٨/٢٠٠٩
حتى تخلت عنه نهائيا مما دفع غولدستون
نفسه للتراجع عن تقريره، مما اتاح لاسرائيل
تحقيق نجاح سياسي مرموق عجزت عن تحقيقه
على ارض المعركة. ألم
يكن هذا الثنائي السبب في فلتان اسرائيل
من المسؤوليه بعد الحربين التاليتين في
٢٠١٢ و٢٠١٤ ؟ وحتى عندما بادرت المحكمة
الجنائية بتقديم اسرائيل للمحاكمة ألم
يرفض المالكي بتوجيه من عباس التوقيع على
نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية؟
وفيما بعد عندما انضمت سلطة اوسلو إلى
هذه المحكمة وبعض المؤسسسات الدولية
الاخرى ألم تتعهد هذه السلطة بعدم الشكوى
على اسرائيل مهما كانت الظروف والاسباب؟
والا لماذا لم تقدم حتى الآن شكوى واحدة
ضد الاعدامات بدم بارد التي تجري يوميا
تقريبا؟ ولماذا لم ترفع حتى ولا قضية
واحدة ضد البؤر الاستيطانية التي تنتشر
في الضفة الغربية؟
اصلا
كيف يعقل أن ترفع قضية ضد الحكومة البريطانية
لاصدارها وعد بلفور قبل قرن من الزمن وانت
توافق على ما هو العن واسوأ من وعد بلفور؟
ألم يكن قرار التفسيم اسوأ من وعد بلفور؟
أليست اتفاقيات اوسلو أسوأ من وعد بلفور؟
ومفاوضات "السلام"
في ربع القرن الاخير
وفي افضل حالاتها الا تطرح حلولا اسوأ
بما لا يقاس مما نص عليه وعد بلفور؟
اذن
ما الهدف من اطلاق فقاعات الصابون هذه من
على افشل منصة في العالم العربي؟ اولا
وقبل كل شيء: الهاء
الشعب الفلسطيني المنكوب بزعامته قبل ان
يكون منكوبا من قبل الكيان الصهيوني ومن
اوجدوه،بمواضيع تدغدغ عواطفه وتعمل على
تخديره ولكنها تبعده عن النضالات الحقيقية.
وثانيا، التستر
على الافلاس الشامل الذي وصلت اليه هذه
السلطة. وثالثا
وليس اخيرا، القيام بالدور الذي كلفت
به هذه السلطة من قبل اسرائيل وما يسمى
بالمجتمع الدولي على أحسن وجه للحفاظ على
امن الدولة الصهيونية وفي الوقت نفسه
الحفاظ على الفساد المستشري في هذه السلطة
والذي تستفيد منه بعض شرائح المجتمع
وتبديل النضال الحقيقي بنضال وهمي.
هذا
لا يعني ان الحكومة البريطانية لا تستحق
المحاكمة اولا، على اتفاقية سايكس بيكو
التي مزقت العالم العربي وثانيا، على وعد
بلفور الذي انتزع فلسطين من قلب الامة
العربية وثالثا، على سنوات الاحتلال تحت
اسم الانتداب لتمكين العصابات الصهيونية
من اقامة دولتها ورابعا، على سياستها
المعادية لاحلام وطموحات شعبنا حتى هذا
اليوم. مثل
هذه المحاكمة قادمة لا محالة ولكن من
سيرفعها هو الشعب الفلسطيني من خلال نضاله
لتحرير ارضه وعودة اللاجئين وليس من خلال
سلطة عاجزة، سقيمة وفاسدة.
الخطوة
الاولى لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية
وضد جميع الحكومات التي ساهمت في هضم
الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني تبدأ
بالتخلص من حكومة أوسلو.