Thursday, March 10, 2016

هذه التحالفات الغريبة مع الارهاب أم ضده؟



هذه التحالفات الغريبة مع الارهاب أم ضده؟
علي زبيدات – سخنين
عندما كانت الحياة بسيطة نوعا ما كان هناك الكثير من الصحة في المثل القائل:"قل لي من تصاحب اخبرك من أنت"، ليس على صعيد الافراد فحسب بل على صعيد الاحزاب والحركات السياسية والدول ايضا. في ذلك الوقت كان الوعظ، الديني وغير الديني، حول ضرورة مصاحبة الاخيار والابتعاد عن مخالطة الاشرار كان رائجا ولكن في الوقت نفسه كان لا يخلو من فائدة ومصداقية ايضا. اما اليوم في ظل هذا الكم الهائل من التحالفات الغريبة العجيبة حيث اختلط الحابل بالنابل والاخيار بالاشرار اصبح من العسير، ان لم يكن من المستحيل أن يميز الشخص بين يمينه وشماله.
لا تستطيع مقالة صحفية الالمام بكافة التحالفات الدولية، الاقليمية والمحلية التي ابتلينا بها في هذه المنطقة من العالم، في ظل التناقضات والتحولات السريعة التي تتعرض لها هذه التحالفات. لذلك لن اتطرق هنا بالتفصيل للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية لمحاربة الارهاب العالمي على حد زعمها ، ذلك الارهاب الذي صنعته بيديها خلال سنوات طويلة وتحاربه الان بوسائل ارهابية تفوق كل ارهاب. ولن اتطرق بالتفصيل للتحالف الموازي والمقابل الذي تقوده روسيا والتي تيحارب هي الاخرى على طريقتها الخاصة الارهاب العالمي بارهاب مضاد يليق بدولة عظمى تعود بقوة للمنافسة على مواقع الصدارة في كافة المجالات. كما لن اتناول هنا التحالف الذي لا يقل غرابة عن التحالفين السابقين وهو التحالف العربي – الاسلامي الذي تقوده المملكة السعودية ضد الارهاب. أي ارهاب؟؟ يا له من سؤال. وهناك تحالفات اقليمية ومحلية اخرى لا تعد ولا تحصى تسرح وتمرح في ربوع المنطقة منها ما تقوده دول مثل تركيا وايران ومنها ما تقوده حركات سياسية ( سياسية مجازا لانهافي الحقيقة اقرب لان تكون اجرامية مافياوية). طبعا غني عن القول ان جميع هذه التحالفات تتقاطع فيما بينها، تحركها ديناميكية داخلية نشطة جدا مليئة بالتناقضات فنرى اطرافها تنقل من تحالف لآخر فالتحالفات بطبيعتها نسبية، مشروطة ومؤقتة وبالتالي لا يمكن تناولها بنجاعة منعزلة عن بعضها البعض.
في هذه العجالة اود أن اتوقف عند تحالف غريب آخر له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية جرى تناوله مؤخرا وباسهاب من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية والذي سمته: التحالف الاسرائيلي – المصري – الاردني – الفلسطيني (سلطة اوسلو).نما هذا التحالف وترعرع كغيره تحت شعار مكافحة الارهاب. الارهاب، حسب هذا التحالف، بالنسبة لاسرائيل يعني من حيث الاساس حماس، وبالنسبة للنظام المصري يعني الاخوان المسلمين وبالنسبة للاردن يعني داعش والاسلام السياسي بشكل عام. اما بالنسبة لسلطة اوسلو فالارهاب لا يعني، كما قد يظن البعض، الاحتلال الاسرائيلي وممارساته خلال سنواته الطويلة بل ما تسميه انقلاب حماس وسيطرتها على قطاع غزة.
مياه كثيرة جرت في وادي النيل منذ أن كانت مصر زعيمة العالم العربي والحارس الامين وصمام الامان للقضية الفلسطينية وحتى اصبحت دولة تابعة تقدم خدماتها مقابل ثمن بخس وفي كثير من الاحيان مجانا لحماية اصالح امريكيا واسرائيل. بالرغم من السنوات الطويلة التي مرت على اتفاقيات كامب ديفيد التي سميت زورا وبهتانا باتفاقيات سلام الا ان هذه الاتفاقيات بقيت مرفوضة شعبيا وما زالت إلى يومنا هذا مرفوضة شعبيا إلى درجة كبيرة. اليوم وصل تغول الطغمة العسكرية الحاكمة إلى درجة عدم الاكقراث بمشاعر الشعب المصري اتجاه القضية الفلسطينية. بحجة محاربة الارهاب في سيناء يشارك النظام المصري الكيان الصهيوني في خنق قطاع غزة واحكام الحصار عليه وبحجة ان حماس تدعم وتدرب وتسلح ليس فقط المجموعات الارهابية في سيناء بل ايضا حركة الاخوان المسلمين في كافة ارجاء مصر.
عندما كانت الصواريخ الاسرائيلية تتساقط على رؤوس المواطنين في غزة ودباباتها تجتاح القطاع، كانت زمرة اوسلو تحرض اسرائيل لمواصلة عدوانها وتوسيعه حتى تتم الاطاحة بسلطة حماس لكي تضمن عودتها على ظهور الدبابات الاسرائيلية. هذا السيناريو قد تحطم على صخرة مقاومة اهلنا في غزة . غير ان المؤامرات لم تنته. وما زالت سلطة اوسلو تراهن على هذا التحالف ليس فقط لعودتها الى غزة بل لضمان وجودها نفسه ايضا. دور الاردن في هذا التحالف يحدده ضمان استمرارية النظام الملكي الهاشمي. وهذا الضمان بين يدي امريكا واسرائيل اللتان تسهران على استقرار الاردن ما دام الهدوء يسود حدودها الطويلة مع الكيان الصهيوني.
اذن، هذا التحالف الغريب والمتناقض للوهلة الاولى ليس غريبا وتناقضاته تولد انسجاما بين كافة الاطراف. غياب الافق الثوري التحرري في كل من فلسطين ومصر والاردن هو الذي يجعل من هذا التحالف الاكثر خطورة على القضية الفلسطينية ويهدد بتصفيتها نهائيا. مقاومة هذا التحالف حتى دحرة تماما هو شرط مسبق لتحرر واستقلال المنطقة باسرها.

No comments: