Wednesday, March 11, 2015

القوة الثالثة ولكن الاخيرة



القوة الثالثة ولكن الاخيرة
علي زبيدات – سخنين

اقصى ما تطمح اليه القائمة المشتركة، حسب تصريحات ممثليها المعلنة والمتكررة، هو أن تصبح القوة الثالثة في الكنيست بانجاح خمسة عشر عضوا. هذا الطموح، نظريا على الاقل، غير مؤكد ولكنه قابل للتحقيق. هناك ثلاث قوائم اخرى تنافس لاحتلال هذا الموقع وهي:" البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بانيت، "يش عتيد" برئاسة يائير لبيد و"كولانو" برئاسة موشه كحلون. وقد تستطيع اكثر من قائمة ان تعلن عن نفسها القوة الثالثة وذلك بانجاح العدد نفسه من الاعضاء. اذا كان حزب الليكود هو القوة الاولى فسوف تشكل هذه القوائم مجتمعة وكل على حدة احتياطي استراتيجي له. واذا كان "المعسكر الصهيوني" هو القوة الاولى فاعلب الظن أن تنشق القوى الثالثة على نفسها.
لنفرض جدلا أن القائمة المشتركة قد اصبحت القوة الثالثة بدون منازع وكما قلت آنفا هذا ممكن نظرياولكنها حسب رأيي ستكون القوة الثالثة عدديا فقط والاخيرة أو اقرب ما تكون للاخيرة كيفيا وفعليا. لماذا أرى ذلك؟ هنا لا اتكلم كماقطع معلن لانتخابات الكنيست بل كمراقب يهتم بما يجري حوله من تطورات على الساحة السياسية. وعلى كل مراقب ان يتحلى بدرجة من الموضوعية بقدر ما تسمح به الظروف وهذا ما اصبو اليه في هذه المقالة.
سأبدأ مراقبتي أو تحليلي بنظرة متفائلة، من وجهة نظر القائمة المشتركة: ستحقق هذه القائمة طموحها كما اعلن عنه رئيسها في شوارع الناصرة وفي اماكن عديدة اخرى وتفوز ب١٥ مقعدا بل دعوني أكون سوبر متفائل ولتفز ب١٧ مقعدا ولتصبح القوة الثالثة عدديا بدون منازع، فما هو اقصى تأثير على السياسة الاسرائيلية ممكن أن تحققه؟ خصوصا وأن الهدف المعلن لهذه القائمة هو "أن نصبح مؤثرين في السياسة الاسرائيلية".سيكون الانجاز الاكبر لهذه القائمة، كما صرح جميع قادته،ا هو منع معسكر اليمين الصهيوني بزعامة نتنياهو من العودة للسلطة وذلك عن طريق منح "المعسكر الصهيوني" جسما مانعا، أي تأييده من غير الانضمام إلى إئتلافه (لأن ظروف الانضمام غير ناضجة بعد). المثل الاعلى في هذا السيناريو هو الجسم المانع الذي شكله خمسة نواب عرب(٣ للجبهة و٢ للحزب الديمقراطي العربي) لتمكين حكومة رابين، قبل اكثر من عشرين سنة، من تمرير اتفاقيات اوسلو مقابل بعض الوعود والميزانيات للوسط العربي. بالرغم من فشل اتفاقيات اوسلو وبالرغم من نتائجها السلبية التي ما زلنا نعاني منها، ما زالت الاحزاب العربية تشعر بنوستالجيا شديدة لتجربة الجسم المانع حيث شعرت للمرة الاولى بنوع من التأثير.
الانجاز الثاني الذي قد تحققه القائمة المشتركة في حالة فشل القوتان الاولى والثانية من تشكيل الحكومة واتفقتا على تشكيل حكومة وحدة وطنية فسوف تصبح القائمة المشتركة زعيمة المعارضة وسوف يصبح رئيسها رئيس المعارضة لاول مرة في تاريخ اسرائيل. هذه المكانة "المحترمة" تدغدغ منذ فترة خيال أيمن عودة الذي صرح بنوع من الكبرياء بانه قد يصبح رئيسا لمعارضة في الكنيست.
ولكن هناك سيناريوهات أخرى أقل تفاؤلا ولكن اكثر واقعية وفي جميعها نصيب القائمة المشتركة، القوة الثالثة هو التهميش. ففي جميع السيناريوهات ستكون القوى الرابعة فما تحت أقوى من القوة الثالثة بما يخالف جميع قوانين ارخميدس ونيوتن حول القوة. وهكذا سوف تتقلص وتتقهقر احلام وطموحات الفائمة المشتركة من الجسم المانع إلى تزعم المعارضة وتنتهي كالعادة الى كتلة هامشية تحترف الخطابات والوقوف امام الكاميرات تلعب دور البطولة في مسرحية شكسبير: "جعجعة كبيرة بلا طحن" “Much Ado About Nothing”.
كان امام القائمة المشتركة الفرصة لكي تصبح القوة الاولى ليس كما فحسب ولكن كيفا أيضا لو كان لديها الجرأة لتقول: سوف نغير قواعد اللعبة. هذه الكنيست ليست لنا فاسرحوا وامرحوا في باحاتها بيمينكم ووسطكم ويساركم كما يحلو لكم. لن نكون ورقة توت لستر عوراتكم ولن نكون شهود زور على ديمقراطيتكم المزيفة. سوف نغادر اسوار الكنيست وننطلق إلى الفضاء الرحب ونعمل على بناء مؤسساتنا الوطنية التقدمية التي سوف تتسع للجميع.
طبعا، نعرف جميعنا ان القائمة المشتركة غير مبينة لمثل هذا الخطاب ولا داعي للتماهي بالتمنيات الوهمية. هل كتب علينا ان نلعب ادوارا ثانوية في مسرحية: في انتظار غودو؟

No comments: