مفاجآت
سارة ومفاجآت غير سارة
علي
زبيدات – سخنين
وقع
بين يدي في الاسبوع الماضي عرض مغري جدا
لم استطع مقاومته طويلا وهو عبارة عن
تذكرة سفر رخيصة جدا إلى امستردام.
كانت التذكرة محددة
لاسبوع وكان يجب حجزها فورا يوما واحدا
قبل السفر. بالرغم
من سعر التذكرة المنخفض الا ان المبلغ لم
يكن متوفرا لذلك شعرت بالتردد خصوصا وانني
لم اخطط للسفر في هذا الوقت بالذات وكانت
لدي مشاريع اخرى، ولكن زوجتي شجعتني
قائلة: يمكن
تدبير المبلغ يجب ألا تترك هذه الفرصة
تفوتك. في
الحقيقة ، كنت بحاجة الى مثل هذا الاسبوع
اولا، للهروب من واقع لا مهرب منه.
فالشعور بالعجز
والاحباط أخذ يتملكني:
اضراب الاسرى
المتواصل عن الطعام وعجزنا عن الارتقاء
الى مستوى هذا الحدث والاكتفاء برفع
شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع هنا وهناك
في ظل التشرذم الحزبي، وتواصل سياسة
التمييز وهدم البيوت في ظل المناكافات
بين البلدية والمعارضة والاحزاب السياسية.
ناهيك عن الوضع
العربي المخزي الذي يحاصرنا في ظل انتخابات
الرئاسة المصرية وحالات التحرش الجنسي
حتى في احتفالات تنصيب الرئيس، والانتخابات
الرئاسية في سوريا قي ظل القتل العشوائي
والدمار الشامل. كل
ذلك شجعني على السفر، خصوصا وانني لا
اسافر من اجل المتعة والترفيه بل لزيارة
ابنتي التي اعتبرها لاجئة سياسية وضحية
لقوانين الجنسية الاسرائيلية العنصرية
ومعاقبتها لانها اختارت الزواج من شاب
غزاوي الامر الذي يعتبر بحد ذاته يعتبر
جريمة في العرف الاسرائيلي.
وكأن
كل ذلك لا يكفي فقد اتصلت لتوديع بنتي
الصغرى التي تعمل محامية في مؤسسة الضمير
في رام الله وتقضي جل وقتها في الدفاع عن
الاسرى السياسيين أمام المحاكم الاسرائيلية
وتزورهم في سجن عوفر والنفحة والرملة
وغيرها من السجون، وبادرتني بالقول:
أبي يجب أن تكتب
عن كأس العالم في كرة القدم وتدعو إلى
مقاطعته. ألم
تقرأ التقارير الواردة من البرازيل؟ حيث
يتم هدم مدن كاملة وتشريد أهلها لبناء
ملاعب جديدة لن تستعمل إلا لشهر واحد؟
وهل قرأت عن اطفال الشوارع الذين يتم
تصفيتهم جسديا لتنظيف الشوارع منهم حتى
يشعر السواح الاجانب بالامن؟ وهل قرأت
عن الفقر والجوع في هذا البلد؟ انا سوف
اقاطع هذه المباريات السخيفة.
فأجبتها طبعا قرأت
هذه التقارير واكثر من ذلك، كل ذلك يتم
في ظل حكومة عمالية تدعي الوقوف الى جانب
الفقراء. ولكن
لو دعوت الى مقاطعة هذه الالعاب فهل يكون
هناك من يسمعني؟ بل سينعتونني بالجنون
والمزايدة وهناك عشرات بل مئات الملايين
التي تشاهدهافي شتى ارجاء العالم.
كرة القدم اصبحت
افيون الشعوب في العصور الحديثة.
فالاغنياء يلعبون
وينظمون والفقراء يشاهدون.
ولعل مدينة بني
براك هي المدينة الوحيدة في العالم التي
لا تهتم بكأس العالم، فهل تريدين ان نصبح
مثل بني براك؟ ولكني اعدك انه في سنة ٢٠٢٢
إذا كنا عايشين وعندما يوظب معظم شعبنا
أغراضه للسفر نحو الشرق في اتجاه قطر سوف
ادعو الى مقاطعة مسيرة التطبيع هذه وليكن
ما يكون.
سافرت
إلى امستردام بدون أن اعلم ابنتي وزوجها
بقدومي. اردتها
ان تكون مفاجأة وبالفعل كانت مفاجأة سارة
بالنسبة لهما. في
اليوم التالي كان اللقاء بين المنتخب
الهولندي والاسباني. لم
يكن هذا اللقاء مجرد مبارة كرة قدم عادية
بل كان مشحونا بمشاعر الثأر والانتقام
لهزيمة المنتخب الهولندي قبل أربع سنوات
في كأس العالم السابق في جنوب افريفيا،
وفي الوقت نفسه كان مشحونا بالخوف والترقب
. اقترحت
مشاهدة هذه المباراة في البيت فعارضني
الجميع قائلين: لا
احد يشاهد هذه المبارة في البيت حيث يخرج
الجميع الى مركز المدينة لمشاهدتها هناك.
وبالفعل كانت مقاهي
مركز المدينة وساحاتها مليئة تماما.
وكان التجمع الرئيسي
في ساحة المتحف الوطني التي تتسع لعشرات
الآلاف. النتيجة
الان معروفة للجميع، وكانت مفاجأة سارة
لطرف ومفاجأة غير سارة للطرف الآخر.
ولكن المفاجأة
الحقيقية حسب رأيي كانت تلك المشاعر
الشوفينية المظلمة التي فجرتها هذه
المباراة والتي تتجاوز إلى ابعد الحدود
مجرد الفوز في مباراة كرة قدم.
الواقع
الذي لا مهرب منه لاحقني الى وسط امستردام
خصوصا بعد الكشف عن اختطاف المستوطنين
الثلاثة ورد فعل الاحتلال الهستيري من
اعتقالات عشوائية وتضييق الخناق على
الخليل وباقي المدن الفلسطينية وقصف غزة
إلى الادانات الصادرة عن الادارة الامريكية
والاتحاد الاوروبي ورئيس السلطة الفلسطينية.
وقد صدف أن نظمت
في اليوم نفسه بعض منظمات حقوق الانسان
الغربية يوما دراسيا حول التغييرات في
العالم العربي هيمن عليه التباكي على
حقوق الانسان المهدورة في مصر وسوريا
والعراق واليمن وغيرها مع غياب صارخ
للقضية الفلسطينية. وقد
حاولت فضح نفاق هذه المنظمات من خلال
مواقفها الجبانة والمرتعبة من التطرق
لحقوق الانسان الفلسطيني التي تخترق كل
لحظة وذلك لعدم اغاظة دولة الكيان الصهيوني.
ولكن ذلك لم يقلل
من أهمية بعض الشهادات التي ادلى بها بعض
المشاركين العرب بغض النظر عن انتماءاتهم
السياسية. من
الشهادات الجديرة بالذكر شهادة المذيعة
سابقا في تلفزيون أون تي في ريم ماجد التي
تحدثت عن عهد أربعة روؤساء في فترة لا
تتجاوز الثلاث سنوات.
وشهادة الكاتب
والصحفي السوري المعارض ياسين الحاج صالح
الذي تكلم بالاضافة عن الوضع العام في
سوريا عن اختطاف زوجته سميرة الخليل
وثلاثة آخرين بينهم الناشطة المعروفة
رزان زيتونه وعن التحالف الغريب بين
النظام وبعض المجموعات السلفية، اهمية
هذه الشهادة في نظري تفنيد نظرية:
النظام القومي
المقاوم الذي يحارب مجموعة من العملاء
الارهابيين . المفاجأة
الاخيرة التي صادفتنى هذا الاسبوع واعتبرها
من المفاجآت السارة كانت الاستماع الى
مطربة سورية لم أسمع عنها من قبل ألقت بها
الامواج في فرنسا اسمها وعد ابو حسون،
انصح محبي الطرب العربي الاصيل البحث
عنها في الانترنت والاستماع لصوتها
المميز.
No comments:
Post a Comment