الحرب
التي يحاول الجميع أن ينساها
علي
زبيدات – سخنين
سنة
مرت على الحرب الاجرامية الاخيرة التي
شنتها دولة إسرائيل على قطاع غزة والتي
سمتها عملية عامود السحاب تيمنا بالاسطورة
التوراتية المعروفة والتي اطلقت عليها
حكومة حماس حجارة السجيل تيمنا باسطورة
دينية أخرى. وبغض
النظر عن التسميات وبدون الخوض فيما إذا
كانت هذه التسميات أساطير أم حقائق كل
حسب معتقداته، فالجريمة تبقى هي الجريمة:
أكثر من ١٦٠ شهيدا
معظمهم من المدنيين ومن بينهم ٤١ طفلا
ومئات الجرحى هذا بالاضافة الى الدمار
الرهيب في البنى التحتية من مساكن ومؤسسات
رسمية واهلية،كل ذلك في غضون ثمانية أيام.
يعود
اليوم المسؤول الاول عن هذه الجريمة،
رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين
نتنياهو، إلى موقع الجريمة و يصرح أمام
جنوده بأن دولة إسرائيل استطاعت في اعقاب
هذه العملية أن تعيد الردع في المنطقة
إلى نصابه وتقلص العمليات الهجومية على
الجيش الاسرائيلي وعلى المستوطنات
المتاخمة لقطاع غزة إلى ٩٨٪.
ولكنه لم يذكر من
قريب أو من بعيد أن هذا الانخفاض الذي
يتبجح فيه بالعمليات كان بفضل اتفاق
الهدنة المبرم مع حكومة حماس بوساطة
وكفالة مصر والولايات الامريكية المتحدة
وليس كنتيجة مباشرة للحرب الاجرامية أو
للردع الاسرائيلي. يبقى
المكسب الاساسي لرئيس الحكومة الاسرائيلية
ولشركائه في هذه الجريمة:
وزير الدفاع السابق
ايهود براك، وزير الخارجية السابق والحالي
افيغدور ليبرمان ورئيس أركان الجيش بني
غانتس، انهم وبالرغم من ارتكابهم جرائم
حرب وجرائم ضد الانسانية قد نجوا من أية
محاكمة أو حتى محاسبة، بل على العكس فقد
تمت مكافأتهم بالاوسمة والنياشين من قبل
العالم الرسمي مما يجعل هذا العالم شريكا
فعليا في الجريمة. فقد
نشرت امريكا حمايتها على هذا العدوان منذ
بدايته وحتى نهايته، اسوة بكافة الاعتداءات
الاسرائيلية السابقة. ولم
يكف المسؤولون الامريكان من رئيس الدولة
إلي وزيرة الخارجية إلى باقي الموظفين
الكبار عن الكلام حول "حق
اسرائيل بالدفاع عن نفسها"
وكأن للفلسطيني
حتى ولو كان طفلاصغيرا لا يوجد لديه نفس
يدافع عنها. الدول
الاوروبية هي الاخرى شاركت بهذه الجريمة
بترديدها للكذبة الاسرائيلية حول الدفاع
عن النفس ومنحها للمعتدين دعما غير محدود
في كافة المجالات. العالم
العربي الرسمي، بما فيه انظمة الربيع
العربي، هو الاخر شارك مشاركة فعالة في
هذه الجريمة بوقوفه موقف المتفرج وفي
أحسن الاحوال موقف الوسيط ولم تغير كافة
تصريحات الادانة والشجب اللفظية من هذا
الواقع شيئا. كذلك
لا ننسى الموقف الفلسطيني الرسمي فقد كان
هو الأخر أكثر من مخزي ولا أظن أن كلمة
تواطوء تكفي لإعطائه حقه.
نقطة
الضوء الوحيدة في هذا المشهد المظلم هو
الصمود الاسطوري الذي سطره كل فرد من
ابناء شعبنا الفلسطيني في غزة على مدى
أمثر من اسبوع من القصف والقتل والدمار
مدعوما بخروج الآلاف إن لم يكن الملايين
من الجماهير الشعبية في كافة انحاء العالم.
تحاول
دولة اسرائيل وكافة وسائل الاعلام المحلية
والدولية التي تدور في فلكها تجاهل ونسيان
الذكرى الاولى لهذه الحرب لكي لا تذكرها
بالجرائم المقترفة ولكنها في الوقت نفسه
تقف على اتم الاستعداد لتبرير أية جريمة
تقترفها دولة إسرائيل مستقبلا.
بالمقابل تحافظ
حكومة حماس في غزة هي الاخرى على بروفيل
منخفض في هذه الذكرى وتكاد لا تتطرق اليها.
فالتهدئة قد طالت
ولم تغيير قيد انمله في واقع الحصار
المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، بل ربما
ازداد هذا الحصار شراسة.
الوساطة المصرية
انتهت مع سقوط حكم الاخوان المسلمين في
مصر وتحولت الى انحياز كامل للموقف
الاسرائيلي. حيث
تم اغلاق المعابر بصورة لم يسبق لها مثيل
بل وأكثر مما كانت تتوقعه اسرائيل نفسها،
هذا بالاضافة للحرب التي تشنها السلطات
المصرية على الانفاق مما يجعل الحصار
شاملا.
على
خلاف كافة الهيئات الرسمية، الشعب
الفلسطيني في كافة اماكن تواجده لم ولن
ينسى جرائم عملية "عامود
السحاب" كما
لم ولن ينسى جرائم حرب "الرصاص
المصبوب" من
قبل وباقي الجرائم المرتكبة في حقه منذ
النكبة وحتى اليوم. وهو
لن يغفر لأية جريمة ما دام مسلسل الجرائم
مستمرا.
الحصار
الغاشم على غزة سوف يسقط مهما طال، ومهما
استعملت إسرائيل من اسلحة لفرضه واقترفت
من جرائم ومهما بلغ صمت العالم وتواطؤه.
لا يوجد هناك خيار
امام الشعب الفلسطيني سوى انتزاع حريتة
وتحقيق عودته واستقلاله.
No comments:
Post a Comment