تسييس
الانتخابات المحلية أم تتييسها؟ – مدينة
سخنين نموذجا
علي
زبيدات – سخنين
لفت
نظري تقرير صادر عن مجلس الجبهة القطري
يدعو الى تسييس الانتخابات المحلية تم
نشره على الموقع الرسمي للجبهة.
عندما قرأت هذا
التقرير تذكرت قول كارل ماركس الذي يحذر
من الحكم على شخص (أو
على حزب) من
خلال اقواله أو من خلال نظرته إلي نفسه
بل من خلال ممارساته العملية.
من الطبيعي ان تكون
هناك فجوة بين النظرية والتطبيق عند جميع
الاحزاب ولكن أن تكون هناك قطيعة تامة
فيما بينهما أو حتى أن يكونا على طرفي
نقيض فهذه مسألة آخرى.
لن
أدعو في هذه المفالة الى مقاطعة الانتخابات
المحلية كما أدعو دائما الى مقاطعة
انتخابات الكنيست لسبب واحد فقط وهو ان
أكثر من ٩٥٪ من ابناء شعبنا يشاركون في
هذه الانتخابات والمطروح هنا ليس تسجيل
موقف أو المزاودة على أحد.
قد يأتي يوم من
الأيام ويكون موضوع مقاطعة الانتخابات
المحلية موقفا عمليا لا بد منه وذلك كجزء
من عملية تغيير جذري تمر على المنطقة.
فحتى ذلك الحين
أكتفي بالاشارة الى بعض مساوئ الانتخابات
المحلية التي يجب الحذر منها والحد بقدر
الامكان من اضرارها على مجتمعنا.
تنجم
مساوئ الانتخابات المحلية عن ظروف موضوعية
وأخرى ذاتية. الظروف
الموضوعية نابعة من طبيعة الحكم المحلي
في هذه الدولة ومن علاقته بالحكم المركزي.
حكم مركزي يقوم
على العنصرية والتمييز والاقصاء لا يمكن
أن يفرز حكما محليا لصالح الجماهير التي
تتعرض للعنصرية والتمييز والاقصاء.
الحكم المحلي في
دولة اسرائيل هو اداة ادارية وتنفيذية
بين يدي الحكم المركزي.
رئيس البلدية او
المجلس المحلي هو في نهاية المطاف موظف
عند وزير الداخلية وتقع على عاتقه مهمة
تنفيذ السياسة الحكومية على الصعيد المحلي
واذا فشل في مهمته هذه بغض النظر عن الاسباب
تتم اقالته وتعيين رئيس آخر ولا يشفع له
انه تم انتخابه (ديمقراطيا)
ويتم ارسال الاعضاء
المنتخبين الي بيوتهم.
لذلك يفضل رئيس
السلطة المحلية أن يختار طريق الاستجداء
والخضوع وليس المواجهة.
في الدول الحديثة،
التي تزعم دولة اسرائيل انها تنتمي اليها،
يتمتع الحكم المحلي بصلاحيات اوسع
واستقلالالية اكثر. هذه
العلاقة المشوهة بين الحكم المركزي والحكم
المحلي تعاني منه البلدات اليهودية ايضا
ولكن بسبب الطبيعة العنصرية للدولة تتحاشى
كافة الاحزاب الصهيونية الخوض فيها.
نعود
الى الظروف الذاتية لمساوئ الانتخابات
والتي نتحمل نحن المسؤولية الحصرية عنها،
ونعود الى تقرير الجبهة كما قرأه النائب
محمد بركة: "الجبهة
هي الجسم السياسي الوحيد في البلاد الذي
يخوض الانتخابات المحلية في كل البلاد،
على اساس برنامج سياسي واحد واستراتيجية
شمولية واحدة، تطمح الى خدمة الناس في
قضاياها اليومية وتتصدى لسياسة التمييز
العنصري".
لنأخذ
سخنين مثلا (وأظن
لا يختلف الوضع في المدن والقرى العربية
الاخرى من حيث الجوهر)
يوجد بالاضافة
للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
ثمانية أجسام أخرى تسمي نفسها أحزاب
سياسية: حركتان
اسلاميتان جنوبية وشمالية، حركتان لابناء
البلد، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة
العربية للتغيير، الحزب الديمقراطي
العربي والحزب القومي العربي.
المجموع تسعة
أحزاب. لا
يوجد أي حزب يشارك في هذه الانتخابات
بصفته الحزبية ويطرح اي برنامج سياسي.
احد اصدقائي من
الجبهة الديمقراطية قال لي بمزيج من
المرارة والتهكم: "هذه
المرة تخوض الجبهة الانتخابات بدون
جبهويين". فقد
تم اقصاء المرشح الجبهوي (بشكل
ديمقراطي طبعا) بعد
التآمر عليه من قبل الجبهويين لصالح وافد
جديد ينتمي لعائلة أكبر.
ولمواجهة الطرف
الآخر "العائلي"
قامت الجبهة
بالاتصال بالعائلات الرئيسية وتحالفت
مع اوساط منها لدعمها. حتى
ان احدى العائلات اختارت مرشحها ليتبوأ
المكان الثاني في قائمة الجبهة قبل أن
يتم اختيار المرشح الاول بشهور.
وهكذا ترجمت جبهة
سخنين الاستراتيجية الشمولية التي تكلم
عنها محمد بركة بضرورة بناء قائمة عائلية
في جميع العائلات التي لديها قائمة عائلية
تدعم منافسها العائلي التاريخي.
وهكذا استفقنا في
الصباح لنجد قائمتين عائلتين عند عائلة
خلايلة وطربية وابو صالح و زبيدات، واحدة
تابعة للجبهة واخرى للمرشح الآخر.
أما المرشح الآخر
الذي يدغم بالعائلية لم يعد كذلك بالمفهوم
الانتخابي المحلي، إذ يتمتع بدعم سبعة
من الاحزاب المذكورة آنفا على الاقل وعلى
رأسها التجمع الوطني الديمقراطي واحد
شقي ابناء البلد. اما
الحركة الاسلامية ومن اجل الحفاظ على
وحدتها لانتخابات الكنيست فقد اعلنت عدم
خوض الانتخابات المحلية ومنحت افرادها
حرية التصويت لمن يشاؤون وهكذا تحللت الى
عناصرها العائلية. أحد
رفاقي القدامى في أبناء البلد همس في
أذني: للأسف
الشديد المبادئ لا تتحول إلى أصوات في
الصناديق، سوف أصوت للعضوية فقط لأني
ملتزم ولكني لن أصوت للرئاسة.
طبعا هذه المسرحية
الرديئة تجري تحت شعار:
الحفاظ على
النسيج الاجتماعي.
هل
هذا ما قصده سكرتير الجبهة عندما قال في
اجتماع مجلس الجبهة المذكور:
"الشين
بيت أراد من الانتخابات المحلية أن تمزق
النسيج الاجتماعي في قرانا"؟
مع مثل هذه الاحزاب التي تشمئز من مجرد
الجلوس مع بعضها البعض فما الحاجة إلى
الشين بيت؟
لم
يعد هناك مجال في هذه المقالة لطرح باقي
العوامل الذاتية التي تجعل من الانتخابات
المحلية آفة اجتماعية واخلاقية مثل الفساد
بكافة اشكاله وعلى رأسها الرشوات وشراء
الذمم والمصالح الشخصية والعائلية، والتي
اصبحت من تقاليدنا المتعارف عليها:
ننكرها
ونستنكرها ولكننا نمارسها.
آسف،
أنا شخصيا لن أصوت في هذه الانتخابات لا
للرئاسة ولا للعضوية.