يوم الأسير الفلسطيني: دمعة وابتسامة
علي زبيدات – سخنين
كل سنة، يداهمنا السابع عشر من نيسان. لا نستطيع أن نشطبه من تقويمنا حتى لو أردنا ذلك. ومهما فعلنا لا نستطيع أن نتجنبه. التقويم الفلسطيني مليء بالأيام، مليء بالأيام التي لا يحسدنا عليها أحد. غير أن السابع عشر من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني يبقى يوما فريدا من نوعه، يوما ينبع من الجرح الفلسطيني، يجري في الجرح الفلسطيني ويصب في الجرح الفلسطيني.
ماذا يمكن أن يكتب في هذا اليوم ولم يكتب بعد؟ وماذا يمكن أن يقال ولم يقال؟ كل شيء كتب وكل شيء قيل وبدل المرة عشرات المرات. هل نكتب عن الألم والمعاناة والتعذيب؟ أم نكتب عن التضحية والفخر والاعتزاز؟ هل نكتب عن التضامن والدعم والمشاركة؟ أم نكتب عن التقصير واللامبالاة والخذلان؟ هل نكتب إلى حكومات دول الجامعة العربية والأوروبية والأمم المتحدة؟ أم نكتب إلى السلطة لفلسطينية والفصائل التي دخل الأسير السجون الاسرائيلية باسمها؟ أم نكتب إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والعربية والدولية؟
وكيف سوف نحيي هذا اليوم؟ بالمهرجانات والخطابات والرقص الشعبي والأغاني الثورية الملتزمة؟ وهل تستطيع الخطابات مهما بلغت بلاغة ألفاظها وسمت شعاراتها أن تعيد للأسير جزءا من كرامته الإنسانية التي يجردها منه السجان الإسرائيلي يوميا؟ وهل تستطيع الأغاني الثورية الملتزمة، التي أصبح مجرد غنائها في هذا الزمن التعيس، زمن المفاوضات العبثية، مفارقة سريالية كبرى، هل تستطيع أن تلجم السجان الإسرائيلي وتمنعه من تعنته ويتوقف عن سياسة الإهمال الطبي والعزل ومنع الزيارات عن الأسير الفلسطيني؟ وهل يستطيع الرقص الشعبي مهما كان أصيلا أن يهدئ من روع الأمعاء الخاوية للأسرى المضربين عن الطعام؟ لا شيء من هذا القبيل إطلاقا.
لذلك، في هذا اليوم لن أكتب عن هذا اليوم. لن أطالب الحكومة الإسرائيلية أن تكف عن جرائمها وتعيد الحقوق الطبيعية للأسرى وتحترم كرامتهم الإنسانية. من لا يزال يؤمن بالمطالبة فليتفضل ويطالب. ولن أتوجه إلى أية مؤسسة رسمية كانت أو غير رسمية، فلسطينية أم عربية أم دولية لكي تقوم بواجبها اتجاه الأسرى. ولن أدعو ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من منظمات دفاع عن الأسرى ومنظمات حقوق إنسان وفصائل وأحزاب سياسية إلى تنظيم المهرجانات الخطابية.
في هذا اليوم لي دعوة واحدة، قد تبدو للوهلة الأولى متشائمة إلى ابعد حدود التشاؤم وقد لا يستسيغها الكثيرين، فليكن. في هذا اليوم، السابع عشر من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني أدعو الجماهير الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها أن تقعد مع نفسها وتبكي على نفسها قليلا. أن تتأمل داخل نفسها وتحاول أن تفهم: كيف وصلنا إلى هذه الحالة. في هذا اليوم أدعو ملايين الشعب الفلسطيني أن يجربوا ولو لمرة واحدة أن يضربوا عن الطعام لأنهم أحوج إلى مثل هذا الإضراب من الأسرى المضربين أنفسهم. إضراب الشيخ خضر عدنان، وهو شخص واحد، عن الطعام ل66 يوما وإضراب هناء شلبي، وهي أيضا شخص واحد، عن الطعام قد حرك فينا ما لم تحركه سنوات طويلة من المقاومة العقيمة، فتصوروا الزلزال الذي يمكن يحركه إضراب عشرة ملايين فلسطيني ليوم واحد فقط أي ما يساوي عشرة ملايين يوم؟
الأسير لا يملك سلاحا آخرا سوى أمعاءه الخاوية. وهو السلاح الوحيد الذي يستطيع أن يستعمله في دفاعه عن إنسانيته المسلوبة. وقد استعمله حتى الآن بشرف. نحن الذين نقبع خارج السجون الصغيرة المغلقة من المفروض أن نمتلك أسلحة أخرى ونستعمل إشكالا أخرى من النضال. ولكننا للأسف الشديد، على مدى الأجيال سلمنا جميع أسلحتنا بما فيها أمعاءنا . لأن الأمعاء المليئة المتخمة لا تصلح لأن تكون سلاحا.
كما يطالب البعض بأن يكون يوم الأرض من كل سنة يوم إضراب وأن تكون ذكرى هبة القدس والأقصى من كل سنة يوم إضراب على اعتبار أن كلا اليومين يوميين وطنيين ولا يتحملا النقاش المتكرر حول الإضراب أو عدمه فأنا أطالب منذ هذه السنة أن يكون يوم الأسير الفلسطيني من كل عام هو يوم إضراب عن الطعام.
علي زبيدات – سخنين
كل سنة، يداهمنا السابع عشر من نيسان. لا نستطيع أن نشطبه من تقويمنا حتى لو أردنا ذلك. ومهما فعلنا لا نستطيع أن نتجنبه. التقويم الفلسطيني مليء بالأيام، مليء بالأيام التي لا يحسدنا عليها أحد. غير أن السابع عشر من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني يبقى يوما فريدا من نوعه، يوما ينبع من الجرح الفلسطيني، يجري في الجرح الفلسطيني ويصب في الجرح الفلسطيني.
ماذا يمكن أن يكتب في هذا اليوم ولم يكتب بعد؟ وماذا يمكن أن يقال ولم يقال؟ كل شيء كتب وكل شيء قيل وبدل المرة عشرات المرات. هل نكتب عن الألم والمعاناة والتعذيب؟ أم نكتب عن التضحية والفخر والاعتزاز؟ هل نكتب عن التضامن والدعم والمشاركة؟ أم نكتب عن التقصير واللامبالاة والخذلان؟ هل نكتب إلى حكومات دول الجامعة العربية والأوروبية والأمم المتحدة؟ أم نكتب إلى السلطة لفلسطينية والفصائل التي دخل الأسير السجون الاسرائيلية باسمها؟ أم نكتب إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والعربية والدولية؟
وكيف سوف نحيي هذا اليوم؟ بالمهرجانات والخطابات والرقص الشعبي والأغاني الثورية الملتزمة؟ وهل تستطيع الخطابات مهما بلغت بلاغة ألفاظها وسمت شعاراتها أن تعيد للأسير جزءا من كرامته الإنسانية التي يجردها منه السجان الإسرائيلي يوميا؟ وهل تستطيع الأغاني الثورية الملتزمة، التي أصبح مجرد غنائها في هذا الزمن التعيس، زمن المفاوضات العبثية، مفارقة سريالية كبرى، هل تستطيع أن تلجم السجان الإسرائيلي وتمنعه من تعنته ويتوقف عن سياسة الإهمال الطبي والعزل ومنع الزيارات عن الأسير الفلسطيني؟ وهل يستطيع الرقص الشعبي مهما كان أصيلا أن يهدئ من روع الأمعاء الخاوية للأسرى المضربين عن الطعام؟ لا شيء من هذا القبيل إطلاقا.
لذلك، في هذا اليوم لن أكتب عن هذا اليوم. لن أطالب الحكومة الإسرائيلية أن تكف عن جرائمها وتعيد الحقوق الطبيعية للأسرى وتحترم كرامتهم الإنسانية. من لا يزال يؤمن بالمطالبة فليتفضل ويطالب. ولن أتوجه إلى أية مؤسسة رسمية كانت أو غير رسمية، فلسطينية أم عربية أم دولية لكي تقوم بواجبها اتجاه الأسرى. ولن أدعو ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من منظمات دفاع عن الأسرى ومنظمات حقوق إنسان وفصائل وأحزاب سياسية إلى تنظيم المهرجانات الخطابية.
في هذا اليوم لي دعوة واحدة، قد تبدو للوهلة الأولى متشائمة إلى ابعد حدود التشاؤم وقد لا يستسيغها الكثيرين، فليكن. في هذا اليوم، السابع عشر من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني أدعو الجماهير الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها أن تقعد مع نفسها وتبكي على نفسها قليلا. أن تتأمل داخل نفسها وتحاول أن تفهم: كيف وصلنا إلى هذه الحالة. في هذا اليوم أدعو ملايين الشعب الفلسطيني أن يجربوا ولو لمرة واحدة أن يضربوا عن الطعام لأنهم أحوج إلى مثل هذا الإضراب من الأسرى المضربين أنفسهم. إضراب الشيخ خضر عدنان، وهو شخص واحد، عن الطعام ل66 يوما وإضراب هناء شلبي، وهي أيضا شخص واحد، عن الطعام قد حرك فينا ما لم تحركه سنوات طويلة من المقاومة العقيمة، فتصوروا الزلزال الذي يمكن يحركه إضراب عشرة ملايين فلسطيني ليوم واحد فقط أي ما يساوي عشرة ملايين يوم؟
الأسير لا يملك سلاحا آخرا سوى أمعاءه الخاوية. وهو السلاح الوحيد الذي يستطيع أن يستعمله في دفاعه عن إنسانيته المسلوبة. وقد استعمله حتى الآن بشرف. نحن الذين نقبع خارج السجون الصغيرة المغلقة من المفروض أن نمتلك أسلحة أخرى ونستعمل إشكالا أخرى من النضال. ولكننا للأسف الشديد، على مدى الأجيال سلمنا جميع أسلحتنا بما فيها أمعاءنا . لأن الأمعاء المليئة المتخمة لا تصلح لأن تكون سلاحا.
كما يطالب البعض بأن يكون يوم الأرض من كل سنة يوم إضراب وأن تكون ذكرى هبة القدس والأقصى من كل سنة يوم إضراب على اعتبار أن كلا اليومين يوميين وطنيين ولا يتحملا النقاش المتكرر حول الإضراب أو عدمه فأنا أطالب منذ هذه السنة أن يكون يوم الأسير الفلسطيني من كل عام هو يوم إضراب عن الطعام.
2 comments:
الله يحمى بلادكم وسائر بلاد العرب والمسلميين
الله يحمى بلادكم وسائر بلاد العرب والمسلميين
Post a Comment