صفقة أو لا صفقة
علي زبيدات – سخنين
لا أقصد بهذا العنوان البرنامج الترفيهي الذي يحمل الاسم نفسه والذي اكتسح قنوات الترفيه المترفة قبل عدة سنوات كما لا اقصد الصفقات التجارية من بيع وشراء وتنفيذ مشاريع والتي تحصل يوميا بين الأفراد والشركات والدول. ولكني أقصد بالتحديد ما يسمى بصفقات الإدعاء بين النيابة الإسرائيلية في مختلف المحاكم وبين محامي الدفاع عن الأسرى في القضايا السياسية. لا أنكر أن هذا الموضوع حساس للغاية وقد ازدادت حساسيته إلى ابعد الحدود بعد صفقة الشيخ عدنان خضر والمناضلة هناء شلبي والتي لا نعرف إلا النزر القليل عن حيثياتها وخلفيتها وتفاصيلها التي تناولته وسائل الإعلام المختلفة.
ولكي لا يساء فهمي أقول مسبقا إن الإضراب الذي خاضه الشيخ عدنان لمدة 66 يوما والذي خاضته هناء لمدة 43 يوما بغض النظر عن نتائجه وعن تداعياته هو إضراب أسطوري يكاد لا يصدق. وهو بدون شك علامة فارقة وحاسمة في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة. لقد عرفت الحركة الأسيرة الفلسطينية العديد من الإضرابات عن الطعام الفردية والجماعية بعضها استمر لمدة شهر وأكثر من شهر مثل إضراب سجن عسقلان في منتصف سنوات السبعين، وفي بعضها استشهد بعض المناضلين مثلا في إضراب سجن نفحة الصحراوي عام 1980حيث استشهد 3 مناضلين هم راسم حلاوة وعلي الجعفري واسحق مراغة، ويشرفني أني شاركت في هذا الإضراب من سجن الرملة تضامنا مع المضربين كما ويشرفني أني شاطرت الرفيق اسحق مراغة الزنزانة نفسها لمدة طويلة. غير أن للإضرابين الأخيرين يبقى طعم خاص وذلك لحداثتهما الزمنية من جهة ولدخولهما إلى كل بيت فلسطيني بل وتجاوزهما إلى العالمية بفضل تطور وسائل الإعلام والاتصال. وأريد أن يكون واضحا كل الوضوح، مهما كان رأيي ورأي الكثيرين بالصفقتين اللتين وضعتا حدا للإضراب فإنه من التجني بل ومن النذالة، خصوصا من قبلنا نحن الذين نجلس أمام الحاسوب ونكتب، توجيه اللوم للشيخ عدنان أو للأخت هناء بأي شكل من الأشكال.
ولكن يوجد هناك الكثير الكثير من اللوم بل ومن الامتعاض والإدانة لأطراف عديدة لعبت وما زالت تلعب دورا حاسما في مجمل القضايا التي تتعلق بالحركة الفلسطينية الأسيرة.
المسئول الأول والمتهم الأول تبقى الدولة الإسرائيلية بكافة أجهزتها الأمنية من جيش وشرطة ومخابرات مرورا بالمعتقلات والسجون وإلى المحاكم العسكرية والمدنية. مخطئ من يظن أن المحاكم الإسرائيلية محايدة ونزيهة مهمتها تطبيق القانون والحكم بالعدل وإنصاف الأسرى. للمحاكم الإسرائيلية دور أسوأ وأقذر من دور كافة الأجهزة الأمنية مجتمعة. هدفها تبيض صورة إسرائيل أمام العالم وتسويقها كدولة قانون تدافع عن نفسها أمام إرهابيين وخارجين عن القانون لا يعرفون الرحمة. وقد نجحت المحاكم الإسرائيلية في تحقيق هدفها هذا إلى درجة كبيرة وللأسف الشديد في كثير من الأحيان بمساهمتنا نحن عن طريق سياسة الصفقات التي أصبحت خيارا استراتيجيا وليس تكتيكا.
المسئول الثاني والمتهم الثاني هو القيادة الفلسطينية بمختلف مستوياتها وأجهزتها من السلطة في رام الله إلى ووزارة الأسرى ونادي الأسير وحتى لجنة المتابعة العليا عندنا وأعضاء الكنيست العرب. دعونا لا ننخدع بالتصريحات التي تطلقها هذه القيادات دعما للأسرى وتنديدا بالسياسة الإسرائيلية. دولة إسرائيل لا تتأثر بالتنديدات والإدانات اللفظية. في الحقيقة لا أدري كيف يمكن التوفيق بين التنسيق الأمني وبين الدفاع عن الأسرى. هل يعلم أحد كم عدد الأسرى الذين كانوا ضحايا هذا التنسيق؟ كيف يعقل أن تكون ضد أعمال المقاومة وتعتبرها انفلات أمني ومن ثم تدعي الوقوف إلى جانب من قاموا بهذه الأعمال والدفاع عنهم؟. هل قبل الشيخ عدنان والأخت هناء بالصفقة بمحض إرادتهما أم تم إقناعهما بقبولها؟ لا أريد أن أجزم أنه كان هناك تواطؤ بين السلطتين فالمخفي أعظم، ولكني أومن بكل تأكيد بأنه كان هناك تقاعس، وكان من الممكن أن تقوم هذه المؤسسات المذكورة بدعم أكبر للإضرابين ولمجمل نضال الأسرى وتحريك الشارع الفلسطيني وممارسة الضغط على سلطات الاحتلال من خلال وقف التنسيق الأمني وخطوات أخرى عديدة. لقد آن الأوان لإعادة النظر في دور نادي الأسير وعلاقته بوزارة الأسرى وبسلطة أوسلو، يجب إعادة النظر في كيفية تعيين محامي الدفاع وبالتنسيق بين لجان الأسرى المختلفة.
المسئول الثالث والمتهم الثالث في تردي أوضاع الحركة الأسيرة هو التحرك الشعبي الجماهيري، لقد كان أقل من المطلوب. نشاطات الحركات الشبابية الدعامة للأسرى تستحق التشجيع والتقدير ولكنها لا تكفي. النشاط الشعبي الجارف إلى جانب صمود الأسرى هو الضمان الوحيد لتحقيق مطالب الحركة الأسيرة بالكرامة والحرية.
في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أصبحت الصفقات آفة حقيقية. معظم الملفات السياسية (الأمنية) تنتهي بصفقة. حيث يقوم المدعي الإسرائيلي بتقديم لائحة اتهام مضخمة، وتصبح التهمة البسيطة كمشاركة في مظاهرة غير مرخصة عشرة تهم. ويبدأ التفاوض بين النيابة والدفاع. وفي كثير من الأحيان يكون هدف النيابة مجرد الحصول على إدانة مهما كانت بسيطة وتتظاهر بالتنازل عن بعض البنود أو عن معظم البنود ويقوم بحامي الدفاع بعملية الإقناع. حتى تبدو الصفقة وكأنها الحل ألأمثل لجميع الأطراف. إذ يتم توفير وقت المحكمة وهذا يعني حكما مخففا، وتوفير وقت محامي الدفاع مما يقلل المشاوير والنفقات وتحصل النيابة على غايتها في ابتزاز إدانة. يتم ذلك في معظم الأحيان على حساب المتهم وقضيته بعد أنيتم إقناعه هو الآخر بأن الصفقة لصالحه. وكأن الخيار هو بين الحكم القاسي وبين الحكم المخفف. في سياسة الصفقات هذه لا يوجد خيار يسمى براءة المتهم.
أنا، من حيث المبدأ، ضد الصفقات وضد إضفاء الشرعية على المحاكم الإسرائيلية.
علي زبيدات – سخنين
لا أقصد بهذا العنوان البرنامج الترفيهي الذي يحمل الاسم نفسه والذي اكتسح قنوات الترفيه المترفة قبل عدة سنوات كما لا اقصد الصفقات التجارية من بيع وشراء وتنفيذ مشاريع والتي تحصل يوميا بين الأفراد والشركات والدول. ولكني أقصد بالتحديد ما يسمى بصفقات الإدعاء بين النيابة الإسرائيلية في مختلف المحاكم وبين محامي الدفاع عن الأسرى في القضايا السياسية. لا أنكر أن هذا الموضوع حساس للغاية وقد ازدادت حساسيته إلى ابعد الحدود بعد صفقة الشيخ عدنان خضر والمناضلة هناء شلبي والتي لا نعرف إلا النزر القليل عن حيثياتها وخلفيتها وتفاصيلها التي تناولته وسائل الإعلام المختلفة.
ولكي لا يساء فهمي أقول مسبقا إن الإضراب الذي خاضه الشيخ عدنان لمدة 66 يوما والذي خاضته هناء لمدة 43 يوما بغض النظر عن نتائجه وعن تداعياته هو إضراب أسطوري يكاد لا يصدق. وهو بدون شك علامة فارقة وحاسمة في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة. لقد عرفت الحركة الأسيرة الفلسطينية العديد من الإضرابات عن الطعام الفردية والجماعية بعضها استمر لمدة شهر وأكثر من شهر مثل إضراب سجن عسقلان في منتصف سنوات السبعين، وفي بعضها استشهد بعض المناضلين مثلا في إضراب سجن نفحة الصحراوي عام 1980حيث استشهد 3 مناضلين هم راسم حلاوة وعلي الجعفري واسحق مراغة، ويشرفني أني شاركت في هذا الإضراب من سجن الرملة تضامنا مع المضربين كما ويشرفني أني شاطرت الرفيق اسحق مراغة الزنزانة نفسها لمدة طويلة. غير أن للإضرابين الأخيرين يبقى طعم خاص وذلك لحداثتهما الزمنية من جهة ولدخولهما إلى كل بيت فلسطيني بل وتجاوزهما إلى العالمية بفضل تطور وسائل الإعلام والاتصال. وأريد أن يكون واضحا كل الوضوح، مهما كان رأيي ورأي الكثيرين بالصفقتين اللتين وضعتا حدا للإضراب فإنه من التجني بل ومن النذالة، خصوصا من قبلنا نحن الذين نجلس أمام الحاسوب ونكتب، توجيه اللوم للشيخ عدنان أو للأخت هناء بأي شكل من الأشكال.
ولكن يوجد هناك الكثير الكثير من اللوم بل ومن الامتعاض والإدانة لأطراف عديدة لعبت وما زالت تلعب دورا حاسما في مجمل القضايا التي تتعلق بالحركة الفلسطينية الأسيرة.
المسئول الأول والمتهم الأول تبقى الدولة الإسرائيلية بكافة أجهزتها الأمنية من جيش وشرطة ومخابرات مرورا بالمعتقلات والسجون وإلى المحاكم العسكرية والمدنية. مخطئ من يظن أن المحاكم الإسرائيلية محايدة ونزيهة مهمتها تطبيق القانون والحكم بالعدل وإنصاف الأسرى. للمحاكم الإسرائيلية دور أسوأ وأقذر من دور كافة الأجهزة الأمنية مجتمعة. هدفها تبيض صورة إسرائيل أمام العالم وتسويقها كدولة قانون تدافع عن نفسها أمام إرهابيين وخارجين عن القانون لا يعرفون الرحمة. وقد نجحت المحاكم الإسرائيلية في تحقيق هدفها هذا إلى درجة كبيرة وللأسف الشديد في كثير من الأحيان بمساهمتنا نحن عن طريق سياسة الصفقات التي أصبحت خيارا استراتيجيا وليس تكتيكا.
المسئول الثاني والمتهم الثاني هو القيادة الفلسطينية بمختلف مستوياتها وأجهزتها من السلطة في رام الله إلى ووزارة الأسرى ونادي الأسير وحتى لجنة المتابعة العليا عندنا وأعضاء الكنيست العرب. دعونا لا ننخدع بالتصريحات التي تطلقها هذه القيادات دعما للأسرى وتنديدا بالسياسة الإسرائيلية. دولة إسرائيل لا تتأثر بالتنديدات والإدانات اللفظية. في الحقيقة لا أدري كيف يمكن التوفيق بين التنسيق الأمني وبين الدفاع عن الأسرى. هل يعلم أحد كم عدد الأسرى الذين كانوا ضحايا هذا التنسيق؟ كيف يعقل أن تكون ضد أعمال المقاومة وتعتبرها انفلات أمني ومن ثم تدعي الوقوف إلى جانب من قاموا بهذه الأعمال والدفاع عنهم؟. هل قبل الشيخ عدنان والأخت هناء بالصفقة بمحض إرادتهما أم تم إقناعهما بقبولها؟ لا أريد أن أجزم أنه كان هناك تواطؤ بين السلطتين فالمخفي أعظم، ولكني أومن بكل تأكيد بأنه كان هناك تقاعس، وكان من الممكن أن تقوم هذه المؤسسات المذكورة بدعم أكبر للإضرابين ولمجمل نضال الأسرى وتحريك الشارع الفلسطيني وممارسة الضغط على سلطات الاحتلال من خلال وقف التنسيق الأمني وخطوات أخرى عديدة. لقد آن الأوان لإعادة النظر في دور نادي الأسير وعلاقته بوزارة الأسرى وبسلطة أوسلو، يجب إعادة النظر في كيفية تعيين محامي الدفاع وبالتنسيق بين لجان الأسرى المختلفة.
المسئول الثالث والمتهم الثالث في تردي أوضاع الحركة الأسيرة هو التحرك الشعبي الجماهيري، لقد كان أقل من المطلوب. نشاطات الحركات الشبابية الدعامة للأسرى تستحق التشجيع والتقدير ولكنها لا تكفي. النشاط الشعبي الجارف إلى جانب صمود الأسرى هو الضمان الوحيد لتحقيق مطالب الحركة الأسيرة بالكرامة والحرية.
في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أصبحت الصفقات آفة حقيقية. معظم الملفات السياسية (الأمنية) تنتهي بصفقة. حيث يقوم المدعي الإسرائيلي بتقديم لائحة اتهام مضخمة، وتصبح التهمة البسيطة كمشاركة في مظاهرة غير مرخصة عشرة تهم. ويبدأ التفاوض بين النيابة والدفاع. وفي كثير من الأحيان يكون هدف النيابة مجرد الحصول على إدانة مهما كانت بسيطة وتتظاهر بالتنازل عن بعض البنود أو عن معظم البنود ويقوم بحامي الدفاع بعملية الإقناع. حتى تبدو الصفقة وكأنها الحل ألأمثل لجميع الأطراف. إذ يتم توفير وقت المحكمة وهذا يعني حكما مخففا، وتوفير وقت محامي الدفاع مما يقلل المشاوير والنفقات وتحصل النيابة على غايتها في ابتزاز إدانة. يتم ذلك في معظم الأحيان على حساب المتهم وقضيته بعد أنيتم إقناعه هو الآخر بأن الصفقة لصالحه. وكأن الخيار هو بين الحكم القاسي وبين الحكم المخفف. في سياسة الصفقات هذه لا يوجد خيار يسمى براءة المتهم.
أنا، من حيث المبدأ، ضد الصفقات وضد إضفاء الشرعية على المحاكم الإسرائيلية.
1 comment:
الاثنين
صفعة وصفقة
Post a Comment