حاصروا حصاركم ولنحاصر حصارنا
علي زبيدات – سخنين
مخطئ من يظن أن دولة إسرائيل لوحدها تفرض الحصار على قطاع غزة. العالم بأسره يشارك في هذا الحصار بشكل أو بآخر. ما يجري اليوم أمام أنظار وسمع العالم في ملاحقة أسطول الحرية الثاني نزع القناع عن وجوه الكثيرين وكشف عورات الجميع. لم يعد كافيا أن نكيل الشتائم لدولة الاحتلال حتى نتبرأ من هذا الحصار بعد أن نسل أنفسنا كالشعرة من العجين، ننفض عن كاهلنا تحمل المسؤولية ونردد لا حول لنا ولا قوة أو لا حول ولا قوة إلا بالله.
الأمر لم يعد يتحمل هذا التملق والكذب والتزوير والخوف من المواجهة، لم يعد يتحمل الشعارات الرنانة ولا المجاملات ولا حتى الأحاديث الدبلوماسية الدبقة.
من هنا، أنا أتهم، وأظن أن معظم سكان قطاع غزة البسطاء يتهمون معي هذا العالم الجبان، الصامت، المتواطئ، الغادر بالمشاركة في هذا الحصار المجرم الذي يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء. لا أستثني أحدا.
أبدأ باتهام أنفسنا نحن في فلسطين المحتلة عام 1948، من مؤسسات رسمية وعلى رأسها لجنة المتابعة والأحزاب والحركات السياسية وهي معروفة، وأذكرها مرة أخرى بالاسم: الحركتان الإسلاميتان، الحزب الشيوعي وجبهته، التيار "الوطني" كما يحب أن يطلق على نفسه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وباقي أحزاب التهريج ذات الأسماء الرنانة "الديمقراطي العربي" و"القومي العربي" و"العربية للتغيير" وأبناء البلد بشقيها أو بثلاثة أو أربعة شقوقها، لا أدري، كذلك اتهم ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات التي تعيش على فضلات الأموال المستجداة من الصناديق والدول المانحة الامبريالية. كذلك لا استثني الأفراد من الجماهير، مثلي ومثل غيري الذين يتابعون ما يجري على شاشات التلفزيون وعلى شبكة الانترنت ويضربون كفا بكف بعدما أصابهم مرض اليأس والإحباط والشعور بالعجز. نعم، جميعنا مشاركون في حصار غزة وجميعنا نتحمل مسؤولية هذه الجريمة.
ماذا فعلنا من أجل كسر الحصار عن غزة؟ لماذا يجب أن ننتظر أصلا بعض النشطاء القادمين من عشرين دولة أو أكثر وبعض السفن الصغيرة أكثر لكي نعبر عن مشاعرنا؟ قد يقول البعض: إننا لا نملك سفنا لكسر الحصار، لذلك نكتفي بإرسال عشرة مندوبين من النخبة للمساهمة في الأسطول. ولكن هل الحصار على غزة من البحر فقط؟ ألا يوجد هناك حصار بري أيضا؟ كم "أسطولا" بريا نظمنا لكسر الحصار؟ أسطول؟؟ آسف أقصد كم شاحنة؟ ها هو شهر رمضان على الأبواب ويكفي ما يتبقى على موائدنا لإطعام جميع المحاصرين، هذا ناهيك عن ولائم الإفطار الجماعية التي يشارك فيها رموز من يفرضون الحصار من رئيس الدولة شمعون بيرس وحتى أصغر وزير وموظف.
صرح رئيس لجنة المتابعة، السيد محمد زيدان لوسائل الإعلام: لن نشارك بأسطول الحرية الثاني لأننا نخشى المضايقات الإسرائيلية". من يخشى المضايقات الإسرائيلية من المفضل أن يبحث لنفسه عن منصب آخر. بالمناسبة، أنصح رئيس هذه اللجنة حفاظا على ماء الوجه أن يقدم استقالته فورا.
لماذا لا ننظم أسبوعيا، كل يوم جمعة، أسطولا بريا لكسر الحصار؟ قد يقول البعض: لا نستطيع. وأنا أجيب: هل حاولتم؟
الفلسطينيون في المناطق المحتلة عام 1967، من أحزاب وتنظيمات وفصائل بغض النظر عن موقعها، في السلطة كانت أو في المعارضة، هم أيضا متورطون في فرض هذا الحصار.أليس من العار أن يكون الرئيس الفلسطيني أول من يؤيد اقتراح اليونان التي رضخت للضغط الإسرائيلي بأن يتم نقل المعونات إلى ميناء اشدود ومن ثم تقوم السلطات الإسرائيلية بنقله إلى غزة كما تراه مناسبا؟ على كل حال، دور هذا "الرئيس" ودور رئيس حكومته في حصار غزة منذ سنوات معروف للقاصي والداني. كل فلسطيني يقبل بسلطة أوسلو هو موضوعيا شريك في حصار غزة شاء ذلك أم أبى.
الدول العربية بدون استثناء شريكة في هذا الحصار الغاشم. أكتفي هنا بالإشارة إلى موقف مصر "الثورة" المخزي من هذا الحصار. بالرغم من الضجيج الإعلامي ما زال معبر رفح على حاله، فتحه لبضعة أيام في الأسبوع أو لبضعة ساعات في اليوم وشروط عبوره لا تخجل حتى نظام حسني مبارك البائد. يا حيف، كيف يستطيع نظام أن يتكلم عن كرامته القومية وهو لا يملك السيطرة على معبر في أرضه؟ هذا الواقع ليس من شيم الثوار بل من صفات العملاء والمتعاونين.
إذا كنا نحن، الفلسطينيون والعرب نشارك في حصار قطاع غزة، بدون أن يرجف لنا جفن، فبأي وازع أخلاقي نستطيع أن نلوم تركيا على موقفها الغادر؟ ونلوم اليونان على رضوخها، ونلوم الأمم المتحدة على تواطؤها والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على تعاونهما مع إسرائيل؟
الشعب الذي يرضى بالإهانة ويرضى بأن تداس كرامته فهو يستحق أن يعامل كالعبيد.
العالم يحاصر قطاع غزة عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ولكن في المقابل، قطاع غزة يحاصر العالم أخلاقيا. ولن يهزم الحصار إلا الحصار.
علي زبيدات – سخنين
مخطئ من يظن أن دولة إسرائيل لوحدها تفرض الحصار على قطاع غزة. العالم بأسره يشارك في هذا الحصار بشكل أو بآخر. ما يجري اليوم أمام أنظار وسمع العالم في ملاحقة أسطول الحرية الثاني نزع القناع عن وجوه الكثيرين وكشف عورات الجميع. لم يعد كافيا أن نكيل الشتائم لدولة الاحتلال حتى نتبرأ من هذا الحصار بعد أن نسل أنفسنا كالشعرة من العجين، ننفض عن كاهلنا تحمل المسؤولية ونردد لا حول لنا ولا قوة أو لا حول ولا قوة إلا بالله.
الأمر لم يعد يتحمل هذا التملق والكذب والتزوير والخوف من المواجهة، لم يعد يتحمل الشعارات الرنانة ولا المجاملات ولا حتى الأحاديث الدبلوماسية الدبقة.
من هنا، أنا أتهم، وأظن أن معظم سكان قطاع غزة البسطاء يتهمون معي هذا العالم الجبان، الصامت، المتواطئ، الغادر بالمشاركة في هذا الحصار المجرم الذي يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء. لا أستثني أحدا.
أبدأ باتهام أنفسنا نحن في فلسطين المحتلة عام 1948، من مؤسسات رسمية وعلى رأسها لجنة المتابعة والأحزاب والحركات السياسية وهي معروفة، وأذكرها مرة أخرى بالاسم: الحركتان الإسلاميتان، الحزب الشيوعي وجبهته، التيار "الوطني" كما يحب أن يطلق على نفسه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وباقي أحزاب التهريج ذات الأسماء الرنانة "الديمقراطي العربي" و"القومي العربي" و"العربية للتغيير" وأبناء البلد بشقيها أو بثلاثة أو أربعة شقوقها، لا أدري، كذلك اتهم ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات التي تعيش على فضلات الأموال المستجداة من الصناديق والدول المانحة الامبريالية. كذلك لا استثني الأفراد من الجماهير، مثلي ومثل غيري الذين يتابعون ما يجري على شاشات التلفزيون وعلى شبكة الانترنت ويضربون كفا بكف بعدما أصابهم مرض اليأس والإحباط والشعور بالعجز. نعم، جميعنا مشاركون في حصار غزة وجميعنا نتحمل مسؤولية هذه الجريمة.
ماذا فعلنا من أجل كسر الحصار عن غزة؟ لماذا يجب أن ننتظر أصلا بعض النشطاء القادمين من عشرين دولة أو أكثر وبعض السفن الصغيرة أكثر لكي نعبر عن مشاعرنا؟ قد يقول البعض: إننا لا نملك سفنا لكسر الحصار، لذلك نكتفي بإرسال عشرة مندوبين من النخبة للمساهمة في الأسطول. ولكن هل الحصار على غزة من البحر فقط؟ ألا يوجد هناك حصار بري أيضا؟ كم "أسطولا" بريا نظمنا لكسر الحصار؟ أسطول؟؟ آسف أقصد كم شاحنة؟ ها هو شهر رمضان على الأبواب ويكفي ما يتبقى على موائدنا لإطعام جميع المحاصرين، هذا ناهيك عن ولائم الإفطار الجماعية التي يشارك فيها رموز من يفرضون الحصار من رئيس الدولة شمعون بيرس وحتى أصغر وزير وموظف.
صرح رئيس لجنة المتابعة، السيد محمد زيدان لوسائل الإعلام: لن نشارك بأسطول الحرية الثاني لأننا نخشى المضايقات الإسرائيلية". من يخشى المضايقات الإسرائيلية من المفضل أن يبحث لنفسه عن منصب آخر. بالمناسبة، أنصح رئيس هذه اللجنة حفاظا على ماء الوجه أن يقدم استقالته فورا.
لماذا لا ننظم أسبوعيا، كل يوم جمعة، أسطولا بريا لكسر الحصار؟ قد يقول البعض: لا نستطيع. وأنا أجيب: هل حاولتم؟
الفلسطينيون في المناطق المحتلة عام 1967، من أحزاب وتنظيمات وفصائل بغض النظر عن موقعها، في السلطة كانت أو في المعارضة، هم أيضا متورطون في فرض هذا الحصار.أليس من العار أن يكون الرئيس الفلسطيني أول من يؤيد اقتراح اليونان التي رضخت للضغط الإسرائيلي بأن يتم نقل المعونات إلى ميناء اشدود ومن ثم تقوم السلطات الإسرائيلية بنقله إلى غزة كما تراه مناسبا؟ على كل حال، دور هذا "الرئيس" ودور رئيس حكومته في حصار غزة منذ سنوات معروف للقاصي والداني. كل فلسطيني يقبل بسلطة أوسلو هو موضوعيا شريك في حصار غزة شاء ذلك أم أبى.
الدول العربية بدون استثناء شريكة في هذا الحصار الغاشم. أكتفي هنا بالإشارة إلى موقف مصر "الثورة" المخزي من هذا الحصار. بالرغم من الضجيج الإعلامي ما زال معبر رفح على حاله، فتحه لبضعة أيام في الأسبوع أو لبضعة ساعات في اليوم وشروط عبوره لا تخجل حتى نظام حسني مبارك البائد. يا حيف، كيف يستطيع نظام أن يتكلم عن كرامته القومية وهو لا يملك السيطرة على معبر في أرضه؟ هذا الواقع ليس من شيم الثوار بل من صفات العملاء والمتعاونين.
إذا كنا نحن، الفلسطينيون والعرب نشارك في حصار قطاع غزة، بدون أن يرجف لنا جفن، فبأي وازع أخلاقي نستطيع أن نلوم تركيا على موقفها الغادر؟ ونلوم اليونان على رضوخها، ونلوم الأمم المتحدة على تواطؤها والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على تعاونهما مع إسرائيل؟
الشعب الذي يرضى بالإهانة ويرضى بأن تداس كرامته فهو يستحق أن يعامل كالعبيد.
العالم يحاصر قطاع غزة عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ولكن في المقابل، قطاع غزة يحاصر العالم أخلاقيا. ولن يهزم الحصار إلا الحصار.
1 comment:
hi Ali, oude strijder! Kifek? Helaas lukt het mij nog niet om je teksten om te zetten naar 't Engels of Nederlands. Alles okay met De Dames?
Hele Hart-elijke groeten, Leo
Post a Comment