Monday, December 14, 2009

القدس الواحدة هي العاصمة الابدية لفلسطين


علي زبيدات – سخنين

المعادلة بسيطة: من قبل في الماضي ومن يقبل في الحاضر تقسيم فلسطين فلن يكون غريبا عليه أن يقبل تقسيم القدس. ومن وجد ألف تبرير لماذا يجب القبول بتقسيم فلسطين فلن يعجز عن إيجاد ألف تبرير آخر لماذا يجب تقسيم القدس والرضا بما تتنازل لنا عنه إسرائيل لتقوم عليها عاصمة الدولة الفلسطينية. منذ أن تناولت وسائل الإعلام خبرا مشكوك بمصداقيته يفيد بأن السويد تقود تحركا أوروبيا غير مسبوق بصدد اعتراف الاتحاد الأوروبي بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والمسئولين الفلسطينيين في السلطة من الرئيس إلى اصغر موظف في مكاتب المنظمة في أوروبا يكادون أن يشقوا ثيابهم طربا وفرحا.
لكن كالعادة، تمخض الجبل فولد فأرا. حيث تبين أن بيان الاتحاد الأوروبي لا يتناول لا من قريب ولا من بعيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو بالقدس المحتلة كعاصمتها، بل يجتر المواقف المعروفة للإتحاد الأوروبي منذ عقود والتي تدعو: "إسرائيل والفلسطينيين إلى تسوية وضع القدس على أنها عاصمة الدولتين في المستقبل" كيف تتم تسوية وضع القدس ومتى يأتي هذا المستقبل؟ يبقى ذلك في عالم الغيب.
في خضم هذا الجدل الملتهب على الساحة المحلية والإقليمية والدولية أرى من الواجب أن يقوم شخص واحد على الأقل، وأتطوع أن أكون هذا الشخص، ليقول للاهثين وراء سراب الدولة والعاصمة على الساحة الفلسطينية أولا وللإجماع القومي الإسرائيلي ثانيا من ثم للإتحاد الأوروبي وللعالم أجمع: أن القدس بشرقها وغربها، بجنوبها وشمالها، بقديمها وحديثها هي مدينة واحدة، مدينة عربية فلسطينية، سواء كانت عاصمة لدولة أو لدولتين أو لم تكن، سواء كانت مقدسة للأديان السماوية الثلاثة أم لم تكن. هذه المدينة مثلها مثل الوطن بأسره غير قابلة للقسمة مهما نهشتها الكلاب البشرية ومزقت أشلاءها قوى الظلم في هذه المرحلة التاريخية أو تلك.
لقد روجت دولة إسرائيل، منذ قيامها على الأقل، لكذبة راجت على جميع الأصعدة حتى أصبحت بمثابة بديهية مفروغ منها لا تحتاج لأي برهان تقول: أن القدس الغربية أو القدس الجديدة هي مدينة يهودية إسرائيلية. وقد ساهم النظام العربي والفلسطيني الرسمي في ترويج هذه الكذبة وأقتصر كلامهما على القدس القديمة أو الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 وقامت بضمها.
أهالي القدس يعرفون جيدا أن "القدس الجديدة" بنيت على أنقاض ما لا يقل عن 15 حيا فلسطينيا أصيلا وأن جميع مؤسسات الدولة الصهيونية من كنيست إلى المحكمة العليا إلى مقر رئيس الدولة إلى متحف "يد وشم" وغيرها قائمة على أنقاض هذه الأحياء. وأن الأحياء الجديدة الأخرى التي بنتها الدولة بعد عام النكبة قامت على أراض فلسطينية مغتصبة ومحتلة. حسب علمي، لم يحضر المستوطنون الصهاينة الذين غزوا فلسطين بأعداد متزايدة في أعقاب الانتداب البريطاني الأرض في جيوبهم أو على ظهور السفن التي نقلتهم بل استولوا عليها بواسطة كافة أساليب الغش والسرقة ومن ثم بواسطة القوة العسكرية.
طبعا لم تكتف إسرائيل بسلب واحتلال الأراضي الفلسطينية التي قامت عليها القدس الغربية بل واصلت سياسة التطهير العرقي المنهجية لتهويد كامل مدينة القدس بعد إكمال احتلالها وضمها عام 1967. كانت سياستها هذه واضحة منذ البداية ولم تحاول حتى التستر عليها، فقط المكفوفين في السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية لا يبصرون ذلك، وهي أن مصير القدس لن يكون أفضل من مصير يافا وحيفا وعكا واللد والرملة. التهويد يجب أن يصل إلى كل مكان وكل مجال. هكذا بدأت بإفراغ القدس القديمة من سكانها العرب بدءا بما يسمى بالحي اليهودي وهو حي فلسطيني أصيل وجلب المستوطنين إليه ومن ثم انتشار البؤر الاستيطانية السرطانية في كافة أرجا القدس من جبل الطور إلى جبل المكبر ومن سلوان إلى حي رأس العامود إلى حي الثوري والشيخ جراح. هذا بالإضافة إلى المستوطنات التي ألحقت بالقدس مثل معاليه ادوميم، بسغات زئيف، التلة الفرنسية جبل أبو غنيم وغيرها من ضواحي القدس وأراضيها.
إذن، عن أية عاصمة يتحدثون؟ ولا يغرنك الشعارات، ففي سياق هذا المزاد العلني المعروض حاليا فلن تكون مفاجأة أن تصبح أبو ديس هي مدينة القدس وهي العاصمة. المفاوضون الفلسطينيون يتبعون المثل البدائي الذي يقول: أطلب الكثير لكي تحصل على القليل. لم ننس بعد تصريح الناطق باسم رئاسة السلطة نبيل أبو ردينة وهو يقول:"قد نتنازل عن السيادة في الحرم القدسي لمصلحة طرف ثالث".
إذا كانت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي احتلت وألحقت القدس بصورة غير شرعية حسب كافة القوانين الدولية والأخلاقية، تكرر ليل نهار وأمام كل من يريد أن يسمع، بأن القدس "الموحدة" هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، فلماذا نجبن نحن أصحاب الحق والأرض ولا نقول لكل من يريد أن يسمع: أن القدس الواحدة هي عاصمة فلسطين الأبدية؟

No comments: