فضيحة جولدستون: لا حدود للنذالة
علي زبيدات – سخنين
ما زالت أوساط فلسطينية وعربية ودولية واسعة وخصوصا المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان تأبى أن تصدق وصول نذالة السلطة الفلسطينية إلى درجة المبادرة لسحب مناقشة تقرير جولدستون في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإرجاء التصويت عليه لمدة ستة أشهر.
ولكن ما الغريب في هذا الأمر؟ وهل تصرف السلطة الفلسطينية هو مجرد نذالة أم يتجاوزها إلى درجة الخيانة؟ حسب رأيي لا تناقض بين الصفتين بل إن إحداهما تكمل الأخرى: فالنذالة المنفلتة من عقالها تقود بخطوات سريعة إلى الخيانة، والخيانة بدورها لا يصدر عنها إلا تصرفات نذيلة إلى أبعد الحدود.
نحن لا نقف هنا أمام ظاهرة فريدة من نوعها تنفرد بها السلطة الفلسطينية. تشير تجارب الشعوب التي ناضلت وما زالت تناضل من أجل حريتها واستقلالها إلى ظواهر عديدة من هذا الصنف. لنأخذ فيتنام كمثل: بينما كانت جماهير الشعب الفيتنامي، وعلى رأسها محاربي الفيتكونغ والحزب الشيوعي الفيتنامي، تخوض نضالا مريرا ضد الغزاة الأمريكان (ومن قبلهم الفرنسيين) كانت أوساط واسعة من الفيتناميين تحارب إلى جانب الجيش الأمريكي المحتل. حتى تم التحرير والاستقلال وتكنيس الطرفين معا. الظاهرة نفسها نشهدها اليوم في العراق وأفغانستان،.إلى جانب المقاومة الشعبية ضد المحتلين الأجانب نمت وترعرعت سلطات عميلة بشكل مباشر. ولماذا نذهب بعيدا، فحتى سنوات قليلة مضت قامت سلطة من هذا النوع على حدودنا الشمالية ممثلة بقوات أنطون لحد العميلة في جنوب لبنان، حتى جاءت المقاومة اللبنانية سنة 2000 وكنست المحتل والعميل معا.
السلطة الفلسطينية لا تختلف من حيث الجوهر عن هذه الشوائب التي تلتصق بمسيرة الشعوب التحررية. أوجه الشبه بين كرزاي والمالكي ولحد ومحمود عباس أكثر من أن تحصى، يراها حتى مكفوفي البصر والبصيرة. كل شخص منهم يقوم بدوره الذي رسم وأعد من أجله. ولكن، كما يبدو لا أحد منهم يتعلم من تجارب غيره.
لنعود إلى موضوع تقرير جولدستون، ونسأل: ما المفاجئ في الموقف المخزي الذي اتخذته السلطة بزعامة عباس؟ بعد مرور سنة على حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تأكدت الأخبار التي عرفها الجميع عن تواطؤ السلطة في هذه الحرب القذرة. فقد صرح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان أن محمود عباس حث إسرائيل على شن الحرب على غزة، وعندما شنتها حثها على مواصلتها حتى الإطاحة بحركة حماس. تتناول وسائل الإعلام العالمية اليوم وجود وثائق مصورة تجمع عباس مع براك وليفني تؤكد ذلك. فإذا كانت إسرائيل قد اقترفت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فإن السلطة الفلسطينية تتحمل قسم كبير من المسؤولية عن هذه الجرائم. إذن ليست الضغوط الإسرائيلية والأمريكية وحدها كانت وراء الموقف الفلسطيني الرسمي، بل المشاركة في هذه الجرائم والخوف من فضح أبعادها هي التي حسمت الموقف.
أمام هذه الفضيحة حاولت السلطة البحث عن تبريرات لتنقذ جلدها من سخط الجماهير. فادعت أولا أن الدول العربية والإسلامية هي المبادرة إلى هذه الخطوة. الأمر الذي نفاه الطرفان. مع أنه لا يمكن غض الطرف عن تواطؤ هذين الطرفين أيضا. وبعد ذلك بدأت تبحث عن أعذار أقبح من ذنوبها. فمرة تقول أن إرجاء التصويت يمنح الدول المعنية دراسة التقرير دراسة عميقة والتوصل إلى قرار بالإجماع وتارة أخرى تدعي أن مناقشة التقرير والتصويت عليه الآن سوف يعرقل "العملية السلمية".
لقد قلت من زمن بعيد، وأعود وأقولها مجددا أن سلطة أوسلو غير شرعية وهي من مخلفات اتفاقيات قد اندثرت أصلا. بناء على ذلك وباختصار شديد أضم صوتي إلى جميع الأصوات الوطنية الشريفة التي تنادي بتفكيك سلطة أوسلو وحلها نهائيا والعودة إلى طريق المقاومة والتشبث بالثوابت الوطنية. هذه السلطة غير الشرعية أحاطت نفسها بمؤسسات غير شرعية أيضا لتبرر وجودها واستمراريتها. ابتداء من مؤتمر فتح المزيف الذي عقد مؤخرا وأفرز قيادة تتماها مع الحلول التصفوية وانتهاء باللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير. الموقف اليوم لا يقتصر على نزع الشرعية عن هذه السلطة العميلة والعمل على حلها، بل يجب المطالبة الفورية باستقالة رئيسها ومقاضاته وطنيا هو والطغمة التي تحيط به.
لم نسمع أبدا عن حركة تحرر وطني تنسق أمنيا مع الجيش الذي يحتل أراضيها وتتعاون معه في ملاحقة المقاومين. لم نسمع أبدا عن حركة تحرر وطني يتنقل زعماءها تحت حماية مخابرات العدو. يجب على هذه المهزلة أن تتوقف.
الشعب الفلسطيني الذي قدم آلاف الشهداء خلال مسيرته الطويلة والشاقة من أجل استعادة حقوقه الطبيعية المسلوبة يستحق سلطة أفضل بما لا يقاس من هذه السلطة. لقد بلغ السيل الزبى وأصبح الصبر على هذا الوضع جريمة. على كافة الأوساط التي ما زالت الحياة تجري في أطرافها من الشعب الفلسطيني أن تتحد وتكنس هذه السلطة التي تشكل وصمة عار في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
علي زبيدات – سخنين
ما زالت أوساط فلسطينية وعربية ودولية واسعة وخصوصا المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان تأبى أن تصدق وصول نذالة السلطة الفلسطينية إلى درجة المبادرة لسحب مناقشة تقرير جولدستون في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإرجاء التصويت عليه لمدة ستة أشهر.
ولكن ما الغريب في هذا الأمر؟ وهل تصرف السلطة الفلسطينية هو مجرد نذالة أم يتجاوزها إلى درجة الخيانة؟ حسب رأيي لا تناقض بين الصفتين بل إن إحداهما تكمل الأخرى: فالنذالة المنفلتة من عقالها تقود بخطوات سريعة إلى الخيانة، والخيانة بدورها لا يصدر عنها إلا تصرفات نذيلة إلى أبعد الحدود.
نحن لا نقف هنا أمام ظاهرة فريدة من نوعها تنفرد بها السلطة الفلسطينية. تشير تجارب الشعوب التي ناضلت وما زالت تناضل من أجل حريتها واستقلالها إلى ظواهر عديدة من هذا الصنف. لنأخذ فيتنام كمثل: بينما كانت جماهير الشعب الفيتنامي، وعلى رأسها محاربي الفيتكونغ والحزب الشيوعي الفيتنامي، تخوض نضالا مريرا ضد الغزاة الأمريكان (ومن قبلهم الفرنسيين) كانت أوساط واسعة من الفيتناميين تحارب إلى جانب الجيش الأمريكي المحتل. حتى تم التحرير والاستقلال وتكنيس الطرفين معا. الظاهرة نفسها نشهدها اليوم في العراق وأفغانستان،.إلى جانب المقاومة الشعبية ضد المحتلين الأجانب نمت وترعرعت سلطات عميلة بشكل مباشر. ولماذا نذهب بعيدا، فحتى سنوات قليلة مضت قامت سلطة من هذا النوع على حدودنا الشمالية ممثلة بقوات أنطون لحد العميلة في جنوب لبنان، حتى جاءت المقاومة اللبنانية سنة 2000 وكنست المحتل والعميل معا.
السلطة الفلسطينية لا تختلف من حيث الجوهر عن هذه الشوائب التي تلتصق بمسيرة الشعوب التحررية. أوجه الشبه بين كرزاي والمالكي ولحد ومحمود عباس أكثر من أن تحصى، يراها حتى مكفوفي البصر والبصيرة. كل شخص منهم يقوم بدوره الذي رسم وأعد من أجله. ولكن، كما يبدو لا أحد منهم يتعلم من تجارب غيره.
لنعود إلى موضوع تقرير جولدستون، ونسأل: ما المفاجئ في الموقف المخزي الذي اتخذته السلطة بزعامة عباس؟ بعد مرور سنة على حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تأكدت الأخبار التي عرفها الجميع عن تواطؤ السلطة في هذه الحرب القذرة. فقد صرح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان أن محمود عباس حث إسرائيل على شن الحرب على غزة، وعندما شنتها حثها على مواصلتها حتى الإطاحة بحركة حماس. تتناول وسائل الإعلام العالمية اليوم وجود وثائق مصورة تجمع عباس مع براك وليفني تؤكد ذلك. فإذا كانت إسرائيل قد اقترفت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فإن السلطة الفلسطينية تتحمل قسم كبير من المسؤولية عن هذه الجرائم. إذن ليست الضغوط الإسرائيلية والأمريكية وحدها كانت وراء الموقف الفلسطيني الرسمي، بل المشاركة في هذه الجرائم والخوف من فضح أبعادها هي التي حسمت الموقف.
أمام هذه الفضيحة حاولت السلطة البحث عن تبريرات لتنقذ جلدها من سخط الجماهير. فادعت أولا أن الدول العربية والإسلامية هي المبادرة إلى هذه الخطوة. الأمر الذي نفاه الطرفان. مع أنه لا يمكن غض الطرف عن تواطؤ هذين الطرفين أيضا. وبعد ذلك بدأت تبحث عن أعذار أقبح من ذنوبها. فمرة تقول أن إرجاء التصويت يمنح الدول المعنية دراسة التقرير دراسة عميقة والتوصل إلى قرار بالإجماع وتارة أخرى تدعي أن مناقشة التقرير والتصويت عليه الآن سوف يعرقل "العملية السلمية".
لقد قلت من زمن بعيد، وأعود وأقولها مجددا أن سلطة أوسلو غير شرعية وهي من مخلفات اتفاقيات قد اندثرت أصلا. بناء على ذلك وباختصار شديد أضم صوتي إلى جميع الأصوات الوطنية الشريفة التي تنادي بتفكيك سلطة أوسلو وحلها نهائيا والعودة إلى طريق المقاومة والتشبث بالثوابت الوطنية. هذه السلطة غير الشرعية أحاطت نفسها بمؤسسات غير شرعية أيضا لتبرر وجودها واستمراريتها. ابتداء من مؤتمر فتح المزيف الذي عقد مؤخرا وأفرز قيادة تتماها مع الحلول التصفوية وانتهاء باللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير. الموقف اليوم لا يقتصر على نزع الشرعية عن هذه السلطة العميلة والعمل على حلها، بل يجب المطالبة الفورية باستقالة رئيسها ومقاضاته وطنيا هو والطغمة التي تحيط به.
لم نسمع أبدا عن حركة تحرر وطني تنسق أمنيا مع الجيش الذي يحتل أراضيها وتتعاون معه في ملاحقة المقاومين. لم نسمع أبدا عن حركة تحرر وطني يتنقل زعماءها تحت حماية مخابرات العدو. يجب على هذه المهزلة أن تتوقف.
الشعب الفلسطيني الذي قدم آلاف الشهداء خلال مسيرته الطويلة والشاقة من أجل استعادة حقوقه الطبيعية المسلوبة يستحق سلطة أفضل بما لا يقاس من هذه السلطة. لقد بلغ السيل الزبى وأصبح الصبر على هذا الوضع جريمة. على كافة الأوساط التي ما زالت الحياة تجري في أطرافها من الشعب الفلسطيني أن تتحد وتكنس هذه السلطة التي تشكل وصمة عار في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
No comments:
Post a Comment