هذه وثيقة חיפה وليست وثيقة حيفا
بينما كانت جماهير شعبنا في كافة أماكن شتاته تحيي الذكرى ال59 للنكبة التي لم تتوقف أبدا، وبينما كانت الطائرات والدبابات الإسرائيلية تقصف مدينة غزة وتحصد المزيد من الضحايا وتدمر المزيد من البيوت، وبينما كان جزء من المنكوبين يطلق النار على جزء آخر من المنكوبين بمباركة ومشاركة صانعة النكبة نفسها، في هذه الإثناء بالذات كانت مجموعة من المثقفين، الاكاديميين والناشطين "الفلسطينيين" تحت رعاية "مدى الكر مل" تعد لنا مفاجأة تحت اسم "وثيقة حيفا"، وذلك لكي تذكرنا أن نكبتنا الحقيقية هي منا وفينا.
حيفا، عروس البحر، زنبقة الكرمل، الجرح النازف الذي لا ولن يندمل، حيفا التي تعرضت لتطهير عرقي كامل عام النكبة الذي لم يطل الإنسان الفلسطيني المشرد في كافة إنحاء المعمورة فحسب، بل وطال كل بيت وكل شارع وكل حجر، تقول في هذه الوثيقة التعيسة لصانع نكبتها: " إننا نعترف بحق الشعب اليهودي الإسرائيلي بتقرير مصيره ......"
تلتقي هذه الوثيقة مع أخواتها الثلاث اللاتي سبقوها (مساواة، التصور المستقبلي ودستور عدالة الديمقراطي) لكي تشكل جوقة رديئة تعزف لحنا ناشزا هدفه إرسال رسالة واضحة لدولة إسرائيل: نحن نعترف بحضرة جنابك وبكل ما صنعتيه بنا ولكن أشفقي علينا وضمينا إلى أحضانك الدافئة واعتبرينا مواطنين متساوين عندك.
لكي تكتمل الصورة، وفي الوقت ذاته، قامت الدول العربية بإخراج وثيقة أخرى أكلها العث والفئران من أدراجها وقدمتها بالإجماع إلى دولة إسرائيل وأطلقت عليها اسم "مبادرة السلام العربية" عارضة عليها كل ما تريده من اعتراف وتطبيع علاقات وحتى انضمام إلى جامعة الدول العربية وإقامة حلف عسكري لمواجهة العدو المشترك الممثل بالمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، راجية من إسرائيل أن تتنازل ولو قليلا لحل (تصفية) القضية الفلسطينية. إلا إن لسان حال إسرائيل إزاء هذه المبادرة وهذه والوثائق والتصورات كان يقول: طز
لا يوجد جديد في هذه الوثيقة لم يذكر بشكل أو بآخر في الوثائق السابقة. وهذا ليس غريبا، إذ إن قائمة بعض أسماء الاكاديميين والناشطين تزين كافة الوثائق والتصورات. ولم لا؟، ما دام يوجد هناك من دفع، وما دام يوجد هناك صناديق أوروبية وأمريكية نزيهة تمول بسخاء هذه النشاطات، فلم لا يتنقل هؤلاء الأكاديميين والناشطين من جمعية إلى أخرى ويذيلوا توقيع أسمائهم المسبوقة بكلمة بروفيسور أو دكتور من وثيقة إلى أخرى سعيا وراء لقمة العيش؟؟
إن الكلام عن الهوية الوطنية وعن الحقوق الوطنية مهما كثر ومهما تعالت حدته والكلام عن مسؤولية المؤسسة الإسرائيلية عن النكبة ومطالبتها الاعتراف بهذه المسؤولية لا تستطيع أن تخفي الهدف الأساسي من هذه الوثيقة ومن الوثائق التي سبقتها إلى وهو: العمل على أسرلة الجماهير الفلسطينية في الداخل من غير كلل أو تعب.
جاء في كلمة إدارة المشروع إن احد أهداف هذه الوثيقة هو " إتاحة المجال لخلق نقاش عام مفتوح وحر بيننا كمجتمع، ومع الدولة والمواطنين اليهود، حول رؤيانا لمكاننا ومكانتنا في وطننا" ومدى الكرمل فخورة بإنجازاتها في هذا المجال مثل غيرها من جمعيات التطبيع والاسرلة، حيث نظمت الأيام الدراسية في الجامعات والمعاهد الإسرائيلية ودعوة الزملاء من الطرف الأخر، وذلك لأن مدى الكرمل يؤمن بأن هذا الحوار:" يمكننا من العمل معا على بناء مستقبل أفضل بين شعبينا، وأن يضع أسسا لإنشاء مجتمع يرتكز على العدل والمساواة لجميع مواطني دولة إسرائيل والمقيمين فيها"
بعد تكرار الاسطوانة المشروخة واجترار الشعارات الرنانة الخاوية حول:" تمسكنا بانتمائنا إلى وطننا وشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، لغة وتاريخا وحضارة وعلى حقنا في البقاء في وطننا والحفاظ عليه" ودفعها كضريبة كلامية للاستهلاك المحلي من أجل إضفاء صبغة وطنية مزيفة عليها، يتم نسيان الشعب الفلسطيني والأمة العربية ويبدأ الحديث بإسهاب عن المواطنة المسلوبة واستجداء المؤسسة الإسرائيلية لكي تمنحهم إياها حتى تتم المصالحة التاريخية بين الشعب اليهودي الإسرائيلي والشعب العربي الفلسطيني. هذه المصالحة التاريخية تتطلب اعتراف دولة إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة والاعتراف بحق شعبنا الفلسطيني بتقرير مصيره وبحق العودة. وبالمقابل يتطلب من الفلسطينيين والعرب: " الاعتراف بحق الشعب اليهودي الإسرائيلي بتقرير مصيره والعيش مع الشعب الفلسطيني وسائر شعوب المنطقة بسلام وكرامة وأمان" هكذا إذن يلقون بالضحية والمجرم في سلة واحدة.
تدعو هذه الوثيقة إلى تغيير تعريف دولة إسرائيل من دولة يهودية" إلى دولة ديمقراطية تتأسس على المساواة القومية والمدنية بين المجموعتين القوميتين" أي تنادي بدولة ثنائية القومية ولكن مع الاعتراف مسبقا بان الفلسطينيين هم أقلية وطن أما الشعب اليهودي الإسرائيلي فهو الأغلبية.
لو كان كاتبو هذه الوثيقة صادقين مع أنفسهم ومع شعبهم لاعترفوا بان الكلام عن أقلية قومية أو أقلية وطن لا تعني سوى الاعتراف بشرعية تخليد تشريد وتمزيق الشعب الفلسطيني ولن يجديهم نفعا الاختباء وراء شعار: إننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة العربية. العكس هو الصحيح: إن هذا يؤكد إننا جزء يتجزأ من الشعب الفلسطيني. وهذا ما أشار إليه الكاتب الإسرائيلي ميرون بنبنشتي في مقالة نشرتها جريدة هآرتس: لقد تبنت قيادة الجماهير العربية في إسرائيل خطاب المؤسسة الرسمية الإسرائيلية بالاهتمام بشؤونهم الخاصة وفصلها عن القضية الفلسطينية العامة وهذا ما تنضح به وثائق التصور المختلفة.
وأخيرا، نعود إلى وثيقة حيفا، وأناشد أهالي حيفا الباقون منهم في وادي النسناس والحليصة والمشردون في مخيمات اليرموك وبرج البراجنة وعين الحلوة وغيرها أن يتوجهوا إلى كاتبي هذه الوثيقة المخزية ويطلبوا منهم شطب كلمة حيفا منها. هذه الوثيقة تليق بالمتأسرلين على كافة أنواعهم وأنصحهم إن يتوجهوا إلى رئيس بلدية حيفا لكي يتبناهم ويتبنى وثيقتهم تأكيدا على صحة ادعاءاته بأن حيفا مدينة مختلطة وهي نموذج فريد من نوعه للتعايش السلمي المشترك بين جميع سكانها. لكنها لا تليق بحيفا المدينة الفلسطينية العربية التي كانت وما زالت ضحية لعملية تطهير عرقي. حيفا الفلسطينية المنكوبة لن تعترف بشرعية صانعي نكبتها التي يشهد عليها كل حجر في المدينة القديمة.
بينما كانت جماهير شعبنا في كافة أماكن شتاته تحيي الذكرى ال59 للنكبة التي لم تتوقف أبدا، وبينما كانت الطائرات والدبابات الإسرائيلية تقصف مدينة غزة وتحصد المزيد من الضحايا وتدمر المزيد من البيوت، وبينما كان جزء من المنكوبين يطلق النار على جزء آخر من المنكوبين بمباركة ومشاركة صانعة النكبة نفسها، في هذه الإثناء بالذات كانت مجموعة من المثقفين، الاكاديميين والناشطين "الفلسطينيين" تحت رعاية "مدى الكر مل" تعد لنا مفاجأة تحت اسم "وثيقة حيفا"، وذلك لكي تذكرنا أن نكبتنا الحقيقية هي منا وفينا.
حيفا، عروس البحر، زنبقة الكرمل، الجرح النازف الذي لا ولن يندمل، حيفا التي تعرضت لتطهير عرقي كامل عام النكبة الذي لم يطل الإنسان الفلسطيني المشرد في كافة إنحاء المعمورة فحسب، بل وطال كل بيت وكل شارع وكل حجر، تقول في هذه الوثيقة التعيسة لصانع نكبتها: " إننا نعترف بحق الشعب اليهودي الإسرائيلي بتقرير مصيره ......"
تلتقي هذه الوثيقة مع أخواتها الثلاث اللاتي سبقوها (مساواة، التصور المستقبلي ودستور عدالة الديمقراطي) لكي تشكل جوقة رديئة تعزف لحنا ناشزا هدفه إرسال رسالة واضحة لدولة إسرائيل: نحن نعترف بحضرة جنابك وبكل ما صنعتيه بنا ولكن أشفقي علينا وضمينا إلى أحضانك الدافئة واعتبرينا مواطنين متساوين عندك.
لكي تكتمل الصورة، وفي الوقت ذاته، قامت الدول العربية بإخراج وثيقة أخرى أكلها العث والفئران من أدراجها وقدمتها بالإجماع إلى دولة إسرائيل وأطلقت عليها اسم "مبادرة السلام العربية" عارضة عليها كل ما تريده من اعتراف وتطبيع علاقات وحتى انضمام إلى جامعة الدول العربية وإقامة حلف عسكري لمواجهة العدو المشترك الممثل بالمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، راجية من إسرائيل أن تتنازل ولو قليلا لحل (تصفية) القضية الفلسطينية. إلا إن لسان حال إسرائيل إزاء هذه المبادرة وهذه والوثائق والتصورات كان يقول: طز
لا يوجد جديد في هذه الوثيقة لم يذكر بشكل أو بآخر في الوثائق السابقة. وهذا ليس غريبا، إذ إن قائمة بعض أسماء الاكاديميين والناشطين تزين كافة الوثائق والتصورات. ولم لا؟، ما دام يوجد هناك من دفع، وما دام يوجد هناك صناديق أوروبية وأمريكية نزيهة تمول بسخاء هذه النشاطات، فلم لا يتنقل هؤلاء الأكاديميين والناشطين من جمعية إلى أخرى ويذيلوا توقيع أسمائهم المسبوقة بكلمة بروفيسور أو دكتور من وثيقة إلى أخرى سعيا وراء لقمة العيش؟؟
إن الكلام عن الهوية الوطنية وعن الحقوق الوطنية مهما كثر ومهما تعالت حدته والكلام عن مسؤولية المؤسسة الإسرائيلية عن النكبة ومطالبتها الاعتراف بهذه المسؤولية لا تستطيع أن تخفي الهدف الأساسي من هذه الوثيقة ومن الوثائق التي سبقتها إلى وهو: العمل على أسرلة الجماهير الفلسطينية في الداخل من غير كلل أو تعب.
جاء في كلمة إدارة المشروع إن احد أهداف هذه الوثيقة هو " إتاحة المجال لخلق نقاش عام مفتوح وحر بيننا كمجتمع، ومع الدولة والمواطنين اليهود، حول رؤيانا لمكاننا ومكانتنا في وطننا" ومدى الكرمل فخورة بإنجازاتها في هذا المجال مثل غيرها من جمعيات التطبيع والاسرلة، حيث نظمت الأيام الدراسية في الجامعات والمعاهد الإسرائيلية ودعوة الزملاء من الطرف الأخر، وذلك لأن مدى الكرمل يؤمن بأن هذا الحوار:" يمكننا من العمل معا على بناء مستقبل أفضل بين شعبينا، وأن يضع أسسا لإنشاء مجتمع يرتكز على العدل والمساواة لجميع مواطني دولة إسرائيل والمقيمين فيها"
بعد تكرار الاسطوانة المشروخة واجترار الشعارات الرنانة الخاوية حول:" تمسكنا بانتمائنا إلى وطننا وشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، لغة وتاريخا وحضارة وعلى حقنا في البقاء في وطننا والحفاظ عليه" ودفعها كضريبة كلامية للاستهلاك المحلي من أجل إضفاء صبغة وطنية مزيفة عليها، يتم نسيان الشعب الفلسطيني والأمة العربية ويبدأ الحديث بإسهاب عن المواطنة المسلوبة واستجداء المؤسسة الإسرائيلية لكي تمنحهم إياها حتى تتم المصالحة التاريخية بين الشعب اليهودي الإسرائيلي والشعب العربي الفلسطيني. هذه المصالحة التاريخية تتطلب اعتراف دولة إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة والاعتراف بحق شعبنا الفلسطيني بتقرير مصيره وبحق العودة. وبالمقابل يتطلب من الفلسطينيين والعرب: " الاعتراف بحق الشعب اليهودي الإسرائيلي بتقرير مصيره والعيش مع الشعب الفلسطيني وسائر شعوب المنطقة بسلام وكرامة وأمان" هكذا إذن يلقون بالضحية والمجرم في سلة واحدة.
تدعو هذه الوثيقة إلى تغيير تعريف دولة إسرائيل من دولة يهودية" إلى دولة ديمقراطية تتأسس على المساواة القومية والمدنية بين المجموعتين القوميتين" أي تنادي بدولة ثنائية القومية ولكن مع الاعتراف مسبقا بان الفلسطينيين هم أقلية وطن أما الشعب اليهودي الإسرائيلي فهو الأغلبية.
لو كان كاتبو هذه الوثيقة صادقين مع أنفسهم ومع شعبهم لاعترفوا بان الكلام عن أقلية قومية أو أقلية وطن لا تعني سوى الاعتراف بشرعية تخليد تشريد وتمزيق الشعب الفلسطيني ولن يجديهم نفعا الاختباء وراء شعار: إننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة العربية. العكس هو الصحيح: إن هذا يؤكد إننا جزء يتجزأ من الشعب الفلسطيني. وهذا ما أشار إليه الكاتب الإسرائيلي ميرون بنبنشتي في مقالة نشرتها جريدة هآرتس: لقد تبنت قيادة الجماهير العربية في إسرائيل خطاب المؤسسة الرسمية الإسرائيلية بالاهتمام بشؤونهم الخاصة وفصلها عن القضية الفلسطينية العامة وهذا ما تنضح به وثائق التصور المختلفة.
وأخيرا، نعود إلى وثيقة حيفا، وأناشد أهالي حيفا الباقون منهم في وادي النسناس والحليصة والمشردون في مخيمات اليرموك وبرج البراجنة وعين الحلوة وغيرها أن يتوجهوا إلى كاتبي هذه الوثيقة المخزية ويطلبوا منهم شطب كلمة حيفا منها. هذه الوثيقة تليق بالمتأسرلين على كافة أنواعهم وأنصحهم إن يتوجهوا إلى رئيس بلدية حيفا لكي يتبناهم ويتبنى وثيقتهم تأكيدا على صحة ادعاءاته بأن حيفا مدينة مختلطة وهي نموذج فريد من نوعه للتعايش السلمي المشترك بين جميع سكانها. لكنها لا تليق بحيفا المدينة الفلسطينية العربية التي كانت وما زالت ضحية لعملية تطهير عرقي. حيفا الفلسطينية المنكوبة لن تعترف بشرعية صانعي نكبتها التي يشهد عليها كل حجر في المدينة القديمة.