رسالة مفتوحة الى جمعية عدالة
تعرف جمعية عدالة التي تأسست عام 1996 نفسها على انها:"مركز قانوني عربي غير حزبي وغير ربحي، وكمنظمة حقوق إنسان، بهدف خدمة المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، الذي يشكل حوالي 20% من مجمل السكان في البلاد." (هذا التعريف مقتبس من موقع الجمعية نفسه)
لا اريد هنا أن أتطرق لا من بعيد ولا من قريب اذا كان هذا المركز بالفعل عربيا ام لا، حزبيا أم لا ربحيا أم لا. ليس لأن هذه المواضيع غير مهمة بحد ذاتها ولكن فقط لأنها ليست في سياق موضوع هذه الرسالة. بودي أن اتناول الشق الآخر من التعريف الا وهو ان هدف هذا المركز خدمة المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. هنا تقبع خطيئة عدالة الاولى وخطيئة كافة الجمعيات التي تسمي نفسها أهلية.
لقد أصبح مالوفا وطبيعيا إذا وجهت سؤالا الى شخصية مثقفة او غير مثقفة وطنية او غير وطنية عن تعريفه لهويته أن تسمع الجواب التالي: أنا عربي فلسطيني إسرائيلي أو انا عربي فلسطيني مواطن في اسرائيل. واضح انه لا يوجد خلاف جذري بين الاجابتين. قد يختلف ترتيب هذه الكلمات من شخص ال آخر او من جمعية الى أخرى. فكلما ارتفع منسوب الاسرلة تقدمت كلمة اسرائيل في الترتيب. عند هؤلاء المثقفين (وجميع العاملين في عدالة ينتمون الى النخبة المثقفة) وعند هذه الجمعيات لم يعد هناك ثمة تناقض جذري بين ان تكون عربيا فلسطينيا وأن تكون في الوقت نفسه إسرائيليا. ويحلو لهؤلاء الكلام عن الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل والتي تشكل حوالي 20% من مجمل سكان البلاد.
هذا التعريف يخبىء في ثناياه العديد من الاخطاء والأخطار المقصودة او غير المقصودة ولكنها تعود بأضرار كارثية على الجماهير الفلسطينية وعلى هويتها الوطنية. يتضمن هذا التعريف الاعتراف بشرعية دولة اسرائيل في هذا الجزء المحتل من فلسطين عام 1948 ويخلد تقسيم فلسطين التاريخية والجغرافية بناء على مقدرة دولة اسرائيل العسكرية في احتلال وضم أجزاء اخرى من فلسطين. هذا التعريف يخلد ايضا تقسيم الشعب الفلسطيني في اماكن تواجده المختلفة بالرغم من ان النضال لإعادة اللحمة لهذا الشعب لم تتوقف ابدا. وهو ايضا ينافي الحقيقة الموضوعية حيث من الواضح انه بعد أكثر من قرن على الهجرة الصهيونية وعلى حوالي 60 سنة من قيام هذه الدولة، ما زال الشعب الفلسطيني وبالرغم من كل ما تعرض له يشكل الأغلبية في هذه المنطقة.
الاستنتاج الذي اخرج منه في هذا السياق ان عدالة هي جمعية اسرائلية تعمل حسب القانون الاسرائيلي وتخضع في نهاية المطاف للمفاهيم السياسية الاسرائيلية. ويبدو هذا بوضوح أشد عندما نستمع منها الى دورها والى مهماتها:
"رفع قضايا وإلتماسات أمام المحاكم، تتعلق بالحقوق الجمعية للأقلية العربية الفلسطينية؛
العمل من أجل سن ودفع قوانين تضمن للأقلية العربية الفلسطينية المساواة والحقوق الجمعية؛
توفير إستشارة قانونية لتنظيمات غير حكومية ومؤسسات عربية؛
تنظيم أيام دراسية، ندوات وورشات عمل تثقيفية، بالاضافة إلى نشر تقارير عن مسائل قانونية تعنى بحقوق الأقلية العربية الفلسطينية، وذلك من خلال قسم الاصدارات والنشر في المركز؛
تدريب محامين عرب وشباب وطلاب حقوق في مجالات حقوق الانسان والأقليات القومية؛
المرافعة الدولية وتقديم تقارير للجان حقوق الانسان الدولية المختلفة حول وضع الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل". (مقتبس من الموقع ذاته)
من البديهي ان رفع القضايا والإلتماسات امام المحاكم الاسرائلية يتطلب مسبقا الاعتراف بشرعية هذه المحاكم وبعدالة القوانين الاسرائيلية مهما كانت مجحفة في حق جماهيرنا. اما العمل على سن ودفع قوانين "تضمن للأقلية العربية الفلسطينية المساواة ....." فمن المعروف ان هذه العملية تتم في الكنيست الصهيوني الذي سن كافة القوانين العنصرية في حق شعبنا ويضفي الشرعية على هذه المؤسسة العنصرية.
أما المرافعة الدولية التي تتكلم عنها جمعية عدالة فأنها لا تتعدى بعض التقارير المرسلة الى المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ولبعض المحافل الاوروبية. وحسب رأيي بما ان هذه الجهات بالاضافة الى صناديق مشبوهة في علاقاتها بإسرائيل هي التي تمول هذه الجمعية فمن الطبيعي أن لا تستطيع عدالة أختراق هذا السقف المفروض عليها من قبل الممولين.
اننا بحاجة الى مركز قانوني يقوم اولا وقبل كل شيء يقوم بجمع المعلومات وهي غزيرة جدا حول جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل منذ قيامها وحتى يومنا هذا وتقديم مجرمي الحرب القدامى والجدد امام جميع المحاكم الدولية. ولنبدأ بجرائم الحرب الاخيرة في غزة ولبنان.
اننا بحاجة الى مركز قانوني يثبت للعالم عدم شرعية دولة اسرائيل من وعد بلفور الى الانتداب البريطاني الى قرار التقسيم والاعلان عن قيام دولة اسرائيل وحتى اليوم.
هل تستطيع عدالة أو أي منظمة حقوقية القيام بمثل هذه المهمة؟
No comments:
Post a Comment