Thursday, February 09, 2017

قانون تسوية الحساب مع الاستيطان

قانون تسوية الحساب مع الاستيطان
علي زبيدات - سخنين

الخبر الذي تصدر وسائل الإعلام المحلية وربما الدولية أيضا هذا الأسبوع كان مصادقة الكنيست على قانون أطلقت عليه اسم"تسوية الاستيطان في يهودا والسامرة" هو الاسم الصهيوني للضفة الغربية. يتيح هذا القانون للحكومة الإسرائيلية أن تستولي على الأراضي الفلسطينية الخاصة وتقيم عليها مستوطنات "شرعية"، وله مفعول رجعي أي أن المستوطنات التي أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة وكانت تعتبر حسب القانون الاسرائيلي مستوطنات غير شرعية يمكنها أن تصادر هذه الأراضي وتفاوض أصحابها لقبول التعويض ومن ثم تصبح هذه المستوطنات "شرعية".
كان الرد على هذا القانون محليا وعالميا ورفضه جارفا،  مع أنه لم يجرف سوى كميات هائلة من الإدانات الاستنكارات الخالية من أي مضمون عملي. فها هي الأمم المتحدة تصرح بأن هذا القانون تجاوز الخطوط الحمراء ويعتبر سابقة خطيرة. ولا أدري لماذا لم تعتبر هذه المنظمة عدم انصياع إسرائيل لقرار مجلس الأمن 2334 الذي اتخذ مؤخرا والذي يدين كافة أشكال الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية خطا أحمرا وسابقة خطيرة؟ فإذا لم تكترث دولة إسرائيل بقرار صادر عن مجلس الأمن فهل يا ترى سوف تكترث بتصريح صادر عن أحد موظفي الأمم المتحدة؟ وتوالت الإدانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية. فرنسا على لسان وزير خارجيتها تدين القانون لأنه يزيد التوترات ويصعد النزاعات، أما ألمانيا فقد أعلنت أن القانون يشكل عقبة بوجه حل الدولتين بينما عبرت بريطانيا عن قلقها. حتى جامعة الدول العربية المشلولة، على لسان رئيسها أبو الغيط الذي أراد تكسير عظام كل فلسطيني يدخل مصر عندما كان وزيرا للخارجية المصرية، أدلى بدلوه هو الآخر بعد أن اكتشف أن هذا القانون ليس سوى "غطاء لسرقة الأراضي الفلسطينية" . بينما اكتفت مصر والأردن  بالتصريح بأن القانون يقوض حل الدولتين وناشدتا إسرائيل بسحبه. أما محمود عباس فقد قام كعادته بالتهديد للمرة الألف بالتوجه للمحكمة الجنائية الدولية، ولوح كعادته أيضا باحتمال وقف التنسيق الأمني. حتى الرئيس الأمريكي الجديد الذي عولت عليه إسرائيل كثيرا تلعثم ولم يتخذ موقفا حاسما في انتظار قرار القضاء الاسرائيلي حول القانون.
ردود الفعل المحلية هي الأخرى كانت من طبيعة ردود الفعل الدولية ولم تتجاوز إطار الإدانات و الاستنكارات اللفظية. بينما كان العجز تاما وشاملا على الصعيد العملي، لا مظاهرة أو مهرجان أو مؤتمر أو إضراب، واكتفت كافة الأطراف باستعمال الفقاقيع الصاخبة.
يمكن تصنيف الذين هولوا من خطورة هذا القانون و افتعلوا هذا الضجيج إلى مجموعتين. الأولى: تشمل الإسرائيليين القلقين على مستقبل دولتهم من سياسة نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف التي تقودهم إلى عزلة دولية هم في غنى عنها. المجموعة الثانية: تشمل السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية والدول الأوروبية، من حيث الأساس، الذين يؤمنون بحل الدولتين (دولة عظمى، بالرغم من المساحة الجغرافية الضيقة إلى جانب دولة هزيلة ) ويرون بنجاح هذا القانون انهيار كامل لسياستهم لحل النزاع الطويل والدامي في المنطقة. لم اجد في كافة ردود الفعل تصريحا واحدا يعبر عن الحرص على أدنى الحقوق المتبقية للمواطن الفلسطيني العادي وهو حقه بالتمسك بأرضه وبناء بيته عليها، أو تخوفا من ردود فعل عنيفة من قبل الأنظمة والتنظيمات الفلسطينية والعربية التي تعاني من موت سريري وتعجز عن تحريك حتى اصبع واحد.
لست شريكا في هذه الجعجعة وهذا التهويل. بالرغم من عنصرية ودناءة هذا القانون، هناك عشرات القوانين الاخطر والاشد عنصرية سنتها هذه الدولة منذ تأسيسها وحتى اليوم ومرت بدون هذه الهيزعة الإعلامية. يكثرون من الثرثرة عن عمونا وأخواتها لصرف الأنظار عن الكتل الاستيطانية الكبيرة التي نهشت جسد الضفة الغربية من شمالها وحتى جنوبها ومن غربها وحتى شرقها وعن تهويد القدس. هكذا بدأ الاستيطان في مناطق الاحتلال الثاني لفلسطين، لصرف الأنظار عن الاستيطان في مناطق الاحتلال الأول واستيعاب ملايين المستوطنين. رأيي، ومن يريد أن يعتبره من باب المزايدة هو حر، ليس فقط أنه لا يوجد فرق جوهري بين عمونا والبؤر الاستيطانية "غير الشرعية" الأخرى وبين الكتل الاستيطانية "الشرعية"، بل لا يوجد فرق بين هذه المستوطنات جميعها وبين المستوطنات على الجانب الآخر مما يسمى بالخط الأخضر. أي لا يوجد فرق جوهري بين مستوطنة بيتح تيكفا التي أقيمت في عام 1878 وبين المستوطنات التي تقام في عام 2017. جميعها مداميك في عمارة واحدة واجزاء لا تتجزأ في المشروع الصهيوني العام.

الرد على هذا القانون وغيره من القوانين الاستيطانية العنصرية هو سن قانون نضالي مضاد نسميه: قانون تسوية الحساب مع الاستيطان. مثل هذا القانون لا يسن في الكنيست أو في أي برلمان آخر بل تسنه الجماهير في نضالها التحرري الطويل.

1 comment:

Anonymous said...

الفارق الجوهري ان اصحاب البلد يسمون بيتح تكفا "مدينة" بينما يصفون عمونا "مستوطنة". الفارق موجود عندهم ليس عند اسرائيل