Monday, December 10, 2007

الدولة اليهودية من وعد بلفور الى آنا بوليس



قبيل إفتتاح مؤتمر انابوليس طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت الفلسطينيين والعرب الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية. ومن تابع ردود الفعل الفلسطينية والعربية المتشنجة على هذا المطلب ظن للوهلة الاولى وكأن دولة اسرائيل كانت حتى هذه اللحظة دولة شقيقة، عربية أو اسلامية. وتسابق المسؤولون الفلسطينيون والعرب لرفض مطالب أولمرت الغريبة العجيبة في هذا التوقيت بالذات. حتى أن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية عقدت جلسة خاصة رفضت فيها الاعتراف بيهودية الدولة وأعتبرته تشجعيا لسياسة الترانسفير للجماهير الفلسطينية مواطني الدولة، وكأن قبل ذلك لم يكن هناك ترانسفير لا فكرا ولا ممارسة. بينما أعتبرت وسائل الاعلام الفلسطينية في الطرف الآخر تصريحات أولمرت هذه جاءت لتلغي حق العودة للاجئين حتى قبل بدء المفاوضات للحل النهائي. وكأنها لا تعلم أن جميع الاحزاب والتنظيمات الاسرائلية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار موحدة في رفض حق العودة.
من أجل تذكير هؤلاء المنافقين والمهرولين الذين يريدون ذر الرماد في العيون والتستر على تساقطهم المريع وتفريطهم بكافة الثوابت الوطنية وهم يضعون الان قناعا مزيفا من الوطنية المهترئة، بتسابقهم الاعلان عن دهشتهم من مطالب أولمرت ورفضهم ليهودية الدولة، أورد هنا المحطات الرئيسية في العصر الحديث والتي ورد فيها مصطلح "الدولة اليهودية" باشكاله المختلفة:
1- جاء في وعد بلفور 29 نوفمبر 1917 ما يلي: "... ان حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"
2- صك الانتداب البريطاني على فلسطين والذي صادقت عليه عصبة الامم المتحدة في 24 تموز 1922 ينص بصريح العبارة أن أحد أهدافه هو تحقيق ما ورد في وعد بلفور من إقامة "وطن قومي للشعب اليهودي"
3- قرار التقسيم في 29 نوفمبر 1947 والذي وافق عليه معظم المنضوين في لجنة المتابعة ويذرفون الان دموع التماسيح، ينص على إقامة دولة يهودية وأخرى عربية في فلسطين التاريخية. ونذكر هؤلاء الذين ما زالوا يصرخون في كل مناسبة ومن غير مناسبة ويرفعون شعار " دولتين لشعبين" هل ترددون هذا الشعار كالببغاوات؟ الا تقولون في ادبياتكم الموثقة أن دولة اسرائيل هي تعبير " لحق الشعب اليهودي" في تقرير مصيره؟
4- وثيقة الاستقلال الاسرائيلية التي أعلنت في 14 مايو 1948 تدعو الى ".. إقامة دولة يهودية في ارض اسرائيل" هذه الوثيقة التي اعترفتم بها وبفضلها دخلتم الى الكنيست وكافة المؤسسات الاسرائلية.
5- واخيرا وليس آخرا، خطاب بوش في مؤتمر أنا بوليس أمام رئيس السلطة الفلسطينية وأمام مندوبين عن 16 دولة عربية وامام كاميرات ومايكرفونات العالم كرر: "التزام الولايات المتحدة الامريكية الحفاظ على أمن اسرائيل كدولة يهودية ووطن للشعب اليهودي"

إذن ما المفاجئ في تصريحات أولمرت الاخيرة؟ ولماذا انتفخت الزعامة الفلسطينية والعربية بهذا الشكل؟ وسرعان ما نفست، وانكتمت جميع الاصوات بعد أن حقق هذا الانتفاخ غايته من استهلاك محلي للتستر على هذا التساقط المخيف كتساقط اوراق الخريف في مؤتمر الخريف.
الم يكن الاعتراف الذي نصت عليه اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقيات أوسلو، إعترافا بيهودية الدولة؟
ألم تدعي اسرائيل دوما انها دولة "يهودية ديموقراطية" وكنا دائما نشير الى التناقض الداخلي في هذا التعريف؟
إننا لا نحكم على الدول من خلال تعريفها لنفسها أو من خلال نظرتها الى نفسها بل من خلال افكارها وممارساتها. ومنذ نشوء الحركة الصهيونية كحركة قومية رجعية ومحاولتها جعل اليهودية قومية وممارساتها العملية على مدى قرن وربع أثبتت انها اقامت دولة عنصرية استعمارية، ولا يغير شيئا الاسم الذي تطلقته على نفسها. هل يتغير جوهر الدولة اذا غيرت اسمها؟ هل يعود اللاجؤون؟ هل تعود الاراضي المصادرة؟ هل تعمر 518 قرية دمرت عام 1948؟ وبالمناسبة فقط أسقط يهود العالم أنفسهم هذه التسمية عندما رفض معظمهم القدوم الى هذا "الوطن القومي" وجل ما صنعته الحركة الصهيونية هو بناء جيتو كبير زجت به شريحة من اليهود وغيرهم.
إن ما تمارسه الدولة في حق الشعب الفلسطيني يوميا يؤكد في كل لحظة الحقيقة التي يحاول المتعنتون على اشكالهم نكرانها: هذه الارض هي ارضنا، هذا الوطن هو وطننا ولكن هذه الدولة هي ليست دولتنا.
الموقف المطلوب هو ليس رفض يهودية الدولة بل رفض الدولة
علي زبيدات - سخنين

No comments: