غزة أولا ولكن ليس أخيرا
لم ولن اذرف الدموع على تنظيف غزة من موبقات عصابات ما يسمى الأمن الوقائي التي شكلها دحلان بتمويل وتسليح وتدريب إسرائيلي-أمريكي لكي تسهر على أمن قوات الاحتلال الإسرائيلية زارعة في الأراضي الفلسطينية الموت والدمار والخوف.
لم ولن اذرف الدموع على انهيار اتفاق غزة وحكومة "الوحدة الوطنية" ومبادرة السلام العربية لأنها كانت كلها أكاذيب وكل كذبة كانت أكبر من التي سبقتها وكنا نصدقها ونتمسك بها كما يتمسك الغريق بريشة.
ولكن، وفي الوقت نفسه لم ولن أصفق لحماس ولانتصارها الباهر، هذا الانتصار الذي هو أشر من الهزيمة. لم ولن أوزع الحلوى وأشارك نسائهن الزغاريت وأطلق النار بالهواء واصرخ: الله أكبر، الله وأكبر وكأنهم حرروا تل أبيب.
فليذهب القاتل والمقتول إلى النار، وليرحل المنتصر والمهزوم إلى مزبلة التاريخ.
لم يكن الصراع في غزة مبدئيا ولا سياسيا كما يتوهم البعض. لم يكن صراعا بين نهجين: نهج المقاومة ونهج التسويات التصفوية كما يحلو للبعض تصويره. الصراع بكل بساطة على عظمة نتنة من مخلفات موائد أوسلو، على سلطة وهمية مزقت الشعب الفلسطيني كما أوغلت في تمزيق الأرض الممزقة أصلا.
لقد اختارت حركة فتح منذ زمن طويل طريق التسوية هذه الطريق التي نقلتها خلال 40 عام من محطة الكفاح المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين إلى محطة الانبطاح التام والاستسلام الكامل للخطط الصهيوني – الامبريالي. لن أعيد سرد التاريخ، فالحقائق تعبر عن ذاتها.
أما حماس التي جاءت لتشكل بديلا بعد إفلاس المشروع الوطني الذي تزعمته فتح، فعمرها اقل من نصف عمر حركة فتح، ولكنها بدل أن تشكل بديلا تقدميا لها، نراها تسير في الطريق ذاته. حركة المقاومة الإسلامية، هي ليست حركة مقاومة فحسب، بل هي حركة مساومة أيضا. فهي ترفض اتفاقيات أوسلو التفريطية ولكن هذا لم يمنعها أن تمتطي هذه الاتفاقيات حتى وصلت إلى اكتساح المجلس التشريعي والى رئاسة حكومة السلطة التي ترفضها. إنها ترفض الاتفاقيات الموقعة ولكنها تحترمها وسوف تلتزم بها. إنها ترفض الاعتراف بالدولة الصهيونية ولكنها تتبنى مبادرة السلام العربية التي تعترف بهذه الدولة وتدعو للتطبيع معها. هل هذا معقول؟ أن تأكل الكعكة وتبقيها سالمة في الوقت نفسه؟ هل هذا تكتيك أم إستراتيجية أم ماذا؟ على حركة حماس أن تقرر: هل تريد أن تكون حركة مقاومة أم تنظيم سلطة؟
قد يكون الحسم العسكري في غزة ضروريا، وقد ينتقل إلى الضفة الغربية والى الداخل الفلسطيني والى مخيمات اللجوء، وقد يشتعل الفتيل في المنطقة بأسرها خصوصا وأن المنطقة تجلس على كف عفريت بسبب الممارسات الصهيونية- الأمريكية. وفي الحقيقة هي مشتعلة منذ فترة في العراق ولبنان وفلسطين، ولكن مصر والسعودية والاردن وسوريا وغيرها ليست بمأمن من الاحتراق بناره. في مثل هذه الظروف الحروب الأهلية أمر لا مناص منه، هكذا علمتنا تجارب الشعوب الثائرة من ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 إلى الحرب الثورية في الصين وكوريا وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرها. الحرب الأهلية قد تكون الحرب الوحيدة العادلة إذا توفر شرطان: الأول، أن تشنها الجماهير الشعبية المضطهدة ضد الطغمة الحاكمة والثاني، أن تقودها قيادة ثورية تقدمية تكون حريصة على مصالح الجماهير. مأساتنا كشعب فلسطيني وكشعوب عربية هو غياب هذين العنصرين الأساسيين، لذلك كل اقتتال داخلي لا يعدو سوى الصراع بين النخب الاقتصادية والسياسية على الاستئثار بالسلطة واحتكارها.
كلنا نعرف الدور القذر الذي لعبته إسرائيل وأمريكا والدول العربية وجهات فلسطينية في خلق الظروف التي تفجرت مؤخرا في غزة. إسرائيل قامت بفرض الحصار على قطاع غزة حيث أغلقت البحر والبر والجو جاعلة منه أكبر سجن عرفه تاريخ البشرية يأوي حوالي مليون ونصف سجين. وقامت أمريكا والاتحاد الأوروبي بإكمال الحصار الإسرائيلي بفرض الحصار الاقتصادي. الانفجار في غزة كان مسألة وقت، والكل كان يعلم ذلك، والكل كان ينتظر الانفجار. وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها تناولت هذا الموضوع بإسهاب لفترة طويلة. وعندما حصل الانفجار أعلنت كافة الأطراف عن مفاجأتها وسارعت بالإدانة والشجب ولاستنكار.
للأسف الشديد حماس وفتح لم تكونا سوى الأداة التي نفذت المخطط. ولكن هذا المخطط تم إعداده منذ سنوات في تل ابيب وواشنطن والرياض والقاهرة. ومن الذي يدفع ثمن هذا كله؟ المواطن البسيط الذي لا حول ولا قوة له.
شن الحرب العالمية على الشعوب المسحوقة مستمر تحت مسميات شتى أهمها الحرب على الإرهاب. ومن يتوقع أن الحسم العسكري في غزة سيكون نهاية المطاف فهو مخطئ. بعد إعلان عباس عن تشكيل حكومة الطوارئ التي هدفها إنقاذ المشروع الإسرائيلي الأمريكي، أسرع اولمرت وبوش بالتصريح عن دعم هذه الحكومة ورفع الحصار الاقتصادي والسياسي عنها، وتقوية فلول قوتها العسكرية لكي تصمد بشكل أفضل في الضفة الغربية. وسارعت الدول العربية وفي مقدمتها مصر والسعودية بدعم هذه الحكومة والمساهمة في إنقاذ المخطط الصهيوني الامبريالي.
أننا نقف أمام تحالف صهيوني – امبريالي – رجعي عربي يحاول يائسا إخضاع المنطقة لهيمنته بشكل مطلق، وهذا ليس شعارا أكل الدهر عليه وشرب بل هو واقع ملموس يدركه الجميع. لمواجهة هذا التحالف لا بد من بناء تحالف أممي يضم كافة الشعوب والطبقات المضطهدة في العالم من أجل لجم انفلات العولمة الأمريكية التي تهدد السلام العالمي.
لم ولن اذرف الدموع على تنظيف غزة من موبقات عصابات ما يسمى الأمن الوقائي التي شكلها دحلان بتمويل وتسليح وتدريب إسرائيلي-أمريكي لكي تسهر على أمن قوات الاحتلال الإسرائيلية زارعة في الأراضي الفلسطينية الموت والدمار والخوف.
لم ولن اذرف الدموع على انهيار اتفاق غزة وحكومة "الوحدة الوطنية" ومبادرة السلام العربية لأنها كانت كلها أكاذيب وكل كذبة كانت أكبر من التي سبقتها وكنا نصدقها ونتمسك بها كما يتمسك الغريق بريشة.
ولكن، وفي الوقت نفسه لم ولن أصفق لحماس ولانتصارها الباهر، هذا الانتصار الذي هو أشر من الهزيمة. لم ولن أوزع الحلوى وأشارك نسائهن الزغاريت وأطلق النار بالهواء واصرخ: الله أكبر، الله وأكبر وكأنهم حرروا تل أبيب.
فليذهب القاتل والمقتول إلى النار، وليرحل المنتصر والمهزوم إلى مزبلة التاريخ.
لم يكن الصراع في غزة مبدئيا ولا سياسيا كما يتوهم البعض. لم يكن صراعا بين نهجين: نهج المقاومة ونهج التسويات التصفوية كما يحلو للبعض تصويره. الصراع بكل بساطة على عظمة نتنة من مخلفات موائد أوسلو، على سلطة وهمية مزقت الشعب الفلسطيني كما أوغلت في تمزيق الأرض الممزقة أصلا.
لقد اختارت حركة فتح منذ زمن طويل طريق التسوية هذه الطريق التي نقلتها خلال 40 عام من محطة الكفاح المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين إلى محطة الانبطاح التام والاستسلام الكامل للخطط الصهيوني – الامبريالي. لن أعيد سرد التاريخ، فالحقائق تعبر عن ذاتها.
أما حماس التي جاءت لتشكل بديلا بعد إفلاس المشروع الوطني الذي تزعمته فتح، فعمرها اقل من نصف عمر حركة فتح، ولكنها بدل أن تشكل بديلا تقدميا لها، نراها تسير في الطريق ذاته. حركة المقاومة الإسلامية، هي ليست حركة مقاومة فحسب، بل هي حركة مساومة أيضا. فهي ترفض اتفاقيات أوسلو التفريطية ولكن هذا لم يمنعها أن تمتطي هذه الاتفاقيات حتى وصلت إلى اكتساح المجلس التشريعي والى رئاسة حكومة السلطة التي ترفضها. إنها ترفض الاتفاقيات الموقعة ولكنها تحترمها وسوف تلتزم بها. إنها ترفض الاعتراف بالدولة الصهيونية ولكنها تتبنى مبادرة السلام العربية التي تعترف بهذه الدولة وتدعو للتطبيع معها. هل هذا معقول؟ أن تأكل الكعكة وتبقيها سالمة في الوقت نفسه؟ هل هذا تكتيك أم إستراتيجية أم ماذا؟ على حركة حماس أن تقرر: هل تريد أن تكون حركة مقاومة أم تنظيم سلطة؟
قد يكون الحسم العسكري في غزة ضروريا، وقد ينتقل إلى الضفة الغربية والى الداخل الفلسطيني والى مخيمات اللجوء، وقد يشتعل الفتيل في المنطقة بأسرها خصوصا وأن المنطقة تجلس على كف عفريت بسبب الممارسات الصهيونية- الأمريكية. وفي الحقيقة هي مشتعلة منذ فترة في العراق ولبنان وفلسطين، ولكن مصر والسعودية والاردن وسوريا وغيرها ليست بمأمن من الاحتراق بناره. في مثل هذه الظروف الحروب الأهلية أمر لا مناص منه، هكذا علمتنا تجارب الشعوب الثائرة من ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 إلى الحرب الثورية في الصين وكوريا وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرها. الحرب الأهلية قد تكون الحرب الوحيدة العادلة إذا توفر شرطان: الأول، أن تشنها الجماهير الشعبية المضطهدة ضد الطغمة الحاكمة والثاني، أن تقودها قيادة ثورية تقدمية تكون حريصة على مصالح الجماهير. مأساتنا كشعب فلسطيني وكشعوب عربية هو غياب هذين العنصرين الأساسيين، لذلك كل اقتتال داخلي لا يعدو سوى الصراع بين النخب الاقتصادية والسياسية على الاستئثار بالسلطة واحتكارها.
كلنا نعرف الدور القذر الذي لعبته إسرائيل وأمريكا والدول العربية وجهات فلسطينية في خلق الظروف التي تفجرت مؤخرا في غزة. إسرائيل قامت بفرض الحصار على قطاع غزة حيث أغلقت البحر والبر والجو جاعلة منه أكبر سجن عرفه تاريخ البشرية يأوي حوالي مليون ونصف سجين. وقامت أمريكا والاتحاد الأوروبي بإكمال الحصار الإسرائيلي بفرض الحصار الاقتصادي. الانفجار في غزة كان مسألة وقت، والكل كان يعلم ذلك، والكل كان ينتظر الانفجار. وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها تناولت هذا الموضوع بإسهاب لفترة طويلة. وعندما حصل الانفجار أعلنت كافة الأطراف عن مفاجأتها وسارعت بالإدانة والشجب ولاستنكار.
للأسف الشديد حماس وفتح لم تكونا سوى الأداة التي نفذت المخطط. ولكن هذا المخطط تم إعداده منذ سنوات في تل ابيب وواشنطن والرياض والقاهرة. ومن الذي يدفع ثمن هذا كله؟ المواطن البسيط الذي لا حول ولا قوة له.
شن الحرب العالمية على الشعوب المسحوقة مستمر تحت مسميات شتى أهمها الحرب على الإرهاب. ومن يتوقع أن الحسم العسكري في غزة سيكون نهاية المطاف فهو مخطئ. بعد إعلان عباس عن تشكيل حكومة الطوارئ التي هدفها إنقاذ المشروع الإسرائيلي الأمريكي، أسرع اولمرت وبوش بالتصريح عن دعم هذه الحكومة ورفع الحصار الاقتصادي والسياسي عنها، وتقوية فلول قوتها العسكرية لكي تصمد بشكل أفضل في الضفة الغربية. وسارعت الدول العربية وفي مقدمتها مصر والسعودية بدعم هذه الحكومة والمساهمة في إنقاذ المخطط الصهيوني الامبريالي.
أننا نقف أمام تحالف صهيوني – امبريالي – رجعي عربي يحاول يائسا إخضاع المنطقة لهيمنته بشكل مطلق، وهذا ليس شعارا أكل الدهر عليه وشرب بل هو واقع ملموس يدركه الجميع. لمواجهة هذا التحالف لا بد من بناء تحالف أممي يضم كافة الشعوب والطبقات المضطهدة في العالم من أجل لجم انفلات العولمة الأمريكية التي تهدد السلام العالمي.