مقاطعة إنتخابات الكنيست - الجولة الاخيرة
علي زبيدات - سخنين
دعونا نضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالانتخابات للكنيست الصهيوني، بعيدا عن الدعايات الانتخابية خصوصا وأن معظمنا يعرف ما تحتويه هذه الدعاية من فقدان للمصداقية والافتقار للثقة إلى جانب كم هائل من الكذب المكشوف وتشويه الحقائق وبكل جرأة وصراحة. السؤال الذي يطرح نفسه مرارا وتكرارا وفي كل حملة انتخابية بزخم متجدد هو: ما هو الموقف الوطني الصحيح: المشاركة في انتخابات الكنيست أم مقاطعتها؟
دعونا نتفق هنا أولا على أن الصراع بين معسكر المشاركة وبين المعسكر الذي يدعو للمقاطعة ليس وهميا وليس من باب الترف السياسي أو الفكري بل نابع من صلب الصراع المستمر على الارض منذ أكثر من قرن، أي أن خلفياته تتعدى وتتجاوز الموقف من الكنيست وتقع في جوهر القضية الفلسطينية نفسها. الأمر الذي يرفع هذا الصراع الى درجات عالية من التوتر تصل في بعض الاحيان الى درجة التصادم ناهيك عن سيل الاتهامات والشتائم التشكيك، هو أن كلا المعسكرين يعملان على وبين جمهور الهدف نفسه.
أنا، كواحد من المقاطعين، أتفهم جيدا مخاوف الأحزاب المشاركة وغضبها وحقدها على المقاطعين. حيث يشكل كل مواطن لا يصل الى صندوق الانتخابات بسبب المقاطعة خسارة لهذه الأحزاب. المعادلة واضحة في هذا الشأن واضحة لكلا الطرفين ولا يوجد مجال للتحايل عليها: كلما إزداد معسكر المقاطعين عددا وقوة كلما تراجعت الأحزاب المشاركة من حيث العدد وازدادت ضعفا. لسوء حظ هذه الأحزاب، هذا هو الواقع ولا يمكن تغييره. هدفي كمقاطع هو أن اقنع المواطنين حتى الذين ينتمون للأحزاب المشاركة بتغيير مواقفهم والانضمام إلى حركة المقاطعة، بل اكثر من ذلك، هدفي اقناع الاحزاب نفسها تبني موقف المقاطعة والخروج من الكنيست.
واتفهم أيضا أن ضعف الأحزاب العربية في الكنيست يؤثر سلبيا في تعاملها مع الاحزاب الاخرى ومن ضمنها الأحزاب اليمينية. ولكن الترويج للفرية وكأن المقاطعة تخدم الاحزاب اليمينية بعيدة كل البعد عن الحقيقة وتصل الى جريمة القذف والتشهير. أنا لا أعرف مقاطعا واحدا قد صوت للأحزاب الصهيونية (اليمينية وغير اليمينية) أو يدعو للتصويت لها. ولكني أعرف الكثيرين الذين يتنقلون ذهابا وايابا فيما بينهما. وبالعكس، الحقيقة تقول أن المقاطعين هم دائما رأس الحربة في التصدي لسياسة اليمين على ارض الواقع ويتعرضون للملاحقات واحيانا يدفعون ثمنا باهضا. المصدر الأول والأخير لقوة أو ضعف الاحزاب الصهيونية اليمينية وغير اليمينية هم المصوتون الصهاينة (والمتصهينين) وكيفية توزيعهم على الأحزاب الصهيونية.
بالرغم من أننا نعمل على نفس جمهور الهدف الذي هو جمهورنا إلا أن حملتنا ليست موجهة لا من بعيد ولا من قريب للأحزاب العربية المشاركة. بل هي موجهة حصريا ضد الكنيست الصهيوني وفقط ضد الكنيست كأهم وارفع مؤسسة في هذا الكيان.
تستطيع الأحزاب العربية المشاركة أن تستمر في دعايتها الانتخابية التي أشرفت على الإفلاس التام حتى في أعين مؤيديها، حول تعظيم وتبجيل الكنيست وكأنه افضل مكان لخدمة الجماهير والدفاع عن حقوقهم. وحول ضرورة عدم ترك الكنيست للأحزاب الصهيونية وضرورة مواجهتها في عقر دارها وفضح سياستها امام العالم وعدم الانسحاب من السياسة الى غير ذلك من الدعايات الانتخابية.
دعونا نلقي نظرة سريعة على هذه الدعاية التي تؤسس السياسة البرغماتية كما تمارسها الأحزاب العربية في الكنيست:
خدمة جماهيرنا العربية في الداخل:
ما هي الخدمات التي يقدمها الكنيست لمجتمعنا؟ مصادرة أراضيه، هدم بيوته، التمييز ضده في كافة المجالات، ضرب الحصار على مدننا وقرانا، ملاحقة مناضليه والزج بهم في السجون هذا من غير التطرق للجرائم المقترفة بحق شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. هل استطاعت الأحزاب العربية بعد سبعين عاما من "النضال" في الكنيست تغيير هذا الواقع ولو بقيد انملة؟. نحن نقول أن هذا الواقع لن يتغير حاشا وكلا بسبب كسل أو عدم اخلاص النواب العرب بل بسبب طبيعة الكنيست.
المطالبة والدفاع عن حقوقنا المشروعة:
نحن نطالب بحق شعبنا بالعودة الى وطنه، نطالب بعودة المهجرين في الداخل الى بيوتهم وقراهم. فما هو موقف الكنيست بكل أحزابها من هذا الحق؟ هل ما زلنا نعيش في عصر المعجزات وننتظر حتى تحصل معجزة وتغير الكنيست موقفها؟ من حقنا أن نسكن في بيت آمن غير مهدد بالهدم، ومن حقنا أن نتعلم لغتنا وتاريخنا وأدبنا بدون تدخل أصابع غريبة. هل تعترف الكنيست وتضمن لنا هذا الحق؟
فضح سياسة الحكومة العنصرية في المحافل الدولية:
حقا؟ هل من خلال الكنيست، نحن نفضح هذه السياسة العنصرية أم نتستر عليها ونجملها في أعين العالم؟
عدم ترك اليمين يسرح ويمرح في الكنيست لوحده. وهل من الوطنية بشيء أن تسرح وتمرح معه؟
انكم تدعون للانسحاب من السياسة!! كلا يا سادة اننا ندعو للانسحاب من الكنيست ومن سياسة الكنيست فقط. هناك سياسة بديلة من حولكم ولا ينقصكم سوى أن تفتحوا أعينكم لكي تتكحلوا بجمالها و افتحوا آذانكم لكي تصغوا الى انغامها ومن ثم الطريق مفتوحة لكي تنضموا إلى قوافلها.
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف وطني بامتياز. يحافظ على الهوية الوطنية وعلى وحدة الشعب الفلسطيني بالرغم من كل الظروف التي تجمعت لتقطيع اوصاله.
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف اخلاقي لأنه مع الحق والعدالة
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف إنساني، لأنه يدافع عن حرية وكرامة الإنسان.