وقفة وجودية أمام النصر والهزيمة
علي زبيدات - سخنين
تحيرنا معكم ولم نعد نفهم عليكم. هل نعيش أصعب أيام حياتنا وأحلك ليالينا؟ أم أن وضعنا على أحسن ما يرام بعد أن ولى زمن الهزائم من غير رجعة وأصبحنا نحقق الانتصارات كل نصر تلو الآخر؟ من أين نبدأ وماذا نقول؟ دعونا، بشكل عشوائي، نبدأ من إيران وهي كما هو معروف إحدى أعمدة جبهة المقاومة الأساسيين التي طالما رفعت معنوياتنا حتى السماء من كثرة ما بشرتنا به منذ سنوات بمحو دولة إسرائيل عن الخارطة وشكلت من أجل ذلك فيالق القدس التي بالفعل اتجهت غربا، وفي طريقها لتحرير القدس شاركت في تدمير بغداد ودمشق. ولكنها والحق يقال تابعت سيرها حتى وقفت أخيرا على مشارف فلسطين. عندها ظهرت على حقيقتها، حيث قامت دولة اسرائيل باستهداف مواقعها واصطياد جنودها من غير أن تحرك ساكنا. بعد ذلك سمحت لها، بوساطة روسية، أن تقيم مضاربها على بعد مائة كم من الحدود بشكل مؤقت حتى تنجز بعض المهام التي ما زالت معلقة ومن ثم تعود من حيث أتت. أما روسيا، زعيمة معسكر المقاومة والممانعة، والتي كان هدفها الوحيد محاربة الارهاب الداعشي ( لكي لا تظنوا خطأ أنها جاءت لمحاربة الإرهاب الصهيوني) والدفاع عن "الشرعية" في سوريا في وجه المؤامرة الكونية. وعندما تم لها ذلك ووصلت طائراتها وجنودها هي الأخرى إلى مشارف فلسطين، سارع الزعيم بوتين وبحضور ترامب وأمام العالم بالتعبير عن التزامه بأمن اسرائيل ووضعه في أولوية السياسة الروسية في المنطقة.
الطرف الاخر في جبهة الممانعة، النظام الاسدي، أرسل جنوده بعد انقطاع دام سبع سنوات لحراسة حدوده المحتلة لحساب وصالح إسرائيل وذلك بمباركة من نتنياهو وليبرمان. الكلام عن جبهة المقاومة والممانعة لا يكتمل من غير التطرق لموقف حزب الله وزعيمه حسن نصرالله. فهو منذ 12 عاما يقول لنا أن حزب الله خرج من حرب 2006 اقوى، وأن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، ولكنه في خطابه الاخير قد تفوق على نفسه عندما صرح على الملأ ليسمعه خصومه قبل مؤيديه بأن حزب الله اليوم اقوى من الجيش الاسرائيلي ليس بالسلاح والعتاد فحسب بل في الخبرات والتجارب أيضا تلك التي اكتسبها في محاربة الشعب السوري.
إذا كانت هذه هي حالة جبهة المقاومة والممانعة فما بالك بجبهة الخنوع والعمالة؟ ولنبدأ بالسعودية وحلفها العربي المكون من دول الخليج (ومن ضمنها قطر المتمردة) ومن نظام السيسي في مصر فقد انتقلت هذه الدول من مرحلة التطبيع الرسمي وغير الرسمي مع دولة إسرائيل إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي معها حتى اصبحت شريكة فعالة في تصفية القضية الفلسطينية وفرض السلام الاسرائيلي- الأمريكي على المنطقة.
أما حركة حماس الغادرة التي طعنت ظهر جبهة المقاومة من الخلف، على حد تعبير هذه الاخيرة، فقد خضعت لضغوط المخابرات المصرية والخليجية ومن ورائها أمريكا وإسرائيل ووافقت على هدنة طويلة الامد مقابل بعض الفتات الذي سيعود، من حيث الأساس، على الفئات المتنفذة ولن يغير من واقع البؤس والحصار الذي يرزح تحته معظم أهالي القطاع شيئا.
السلطة الفلسطينية التي فقد دوختنا وهي تدور فينا من المجلس الوطني إلى المجلس المركزي إلى المجلس التشريعي إلى اللجنة التنفيذية إلى المجلس الثوري، ودوختنا وهي تدور فينا في متاهات لعبة المصالحة، من وسيط إلى وسيط ومن اجتماع إلى اجتماع ومن قرار إلى قرار، ودوختنا وهي تتخذ القرار ونقيضه في آن واحد، نراها ف\من جهة تسعى لتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة ومن جهة أخرى تجاهر بالاعتراف بها بشرعيتها. تقول لنا بأنها سوف تقدم مجرمي الحرب الاسرائيليين للمحاكمة في محكمة الجنائيات الدولية، وفي الوقت نفسه إذا ما قامت لجنة دولية بإصدار تقرير يدين الجرائم الإسرائيلية عملت على اجهاضه وافشاله. تدين التطبيع العربي مع إسرائيل وتقف على راس المطبعين معها. هذا ناهيك عن التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي مع الكيان الصهيوني.
وأخيرا وليس آخرا، ها هم عربنا، الذين يطلقون على انفسهم عرب الداخل ويحلفون بأغلظ الأيمان بأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، يكاد يجن جنونهم من قانون القومية الاسرائيلي لأنه يسلبهم اسرائيليتهم المنقوصة ولكن الناعمة ويطالبون بمنحهم الفرصة لكي يكونوا اسرائيليين متساوين مع إخوانهم اليهود.
على ضوء ما تقدم وعلى ضوء ما تخبئه لنا الأيام القادمة، نعود للمربع الاول ونسأل: هل نعيش اوقات عصيبة لم يسبق أن عشناها من قبل أم أن حالتنا على أحسن ما يرام؟ أترك الإجابة لكم.