أوقفوا نووي أمريكا وإسرائيل أولا
علي زبيدات - سخنين
هناك تسعة دول في العالم، من بين 195 دولة، تمتلك أسلحة نووية. الدولة الأكبر من حيث عدد السكان هي الصين الشعبية التي يبلغ عدد سكانها مليار و 379 مليون نسمة والدولة الاصغر هي دولة إسرائيل التي يبلغ عدد الساكنين فيها حوالي تسعة ملايين نسمة. أما الدول السبعة الاخرى فهي: الولايات المتحدة الامريكية وعدد سكانها 332 مليون نسمة. روسيا وعدد سكانها 144 مليون نسمة. بريطانيا وعدد سكانها 65 مليون نسمة. فرنسا وعدد سكانها 67 مليون نسمة. الهند وعدد سكانها مليار و324 مليون نسمة. الباكستان وعدد سكانها 193 مليون نسمة. كوريا الشمالية وعدد سكانها 25 مليون نسمة. الدولة العاشرة المرشحة لامتلاك اسلحة نووية، حسب الدعاية الامريكية - الاسرائيلية على الأقل، هي إيران وعدد سكانها 80 مليون نسمة. تشكل هذه الدول التسعة (أو العشرة) مجتمعة حوالي نصف سكان الكرة الأرضية.
كانت الولايات المتحدة الامريكية أول دولة صنعت القنبلة الذرية والوحيدة التي استعملتها حتى الآن. كان ذلك في نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث ألقتها على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين. نتائجها الوخيمة معروفة للجميع وهي تعد من ابشع جرائم الحرب التي اقترفت بحق السكان المدنيين والتي لم يقدم مقترفوها لأية محاكمة بل لم يتفوهوا حتى بكلمة إعتذار واحدة. لم تستعمل القنبلة الذرية لضرورات عسكرية. فاليابان كانت على حافة الاستسلام بدونها ولكن جاء استخدامها لغايات سياسية أهمها منع استسلام اليابان للاتحاد السوفياتي وفي الوقت نفسه توجيه تهديد شديد لهذه الاخيرة.
دفع هذا الواقع الجديد الاتحاد السوفياتي بقوة لامتلاك السلاح النووي وباسرع وقت. وهذا ما حصل بالفعل، فبعد أربع سنوات كان الاتحاد السوفياتي يمتلك قنبلته الذرية، وخيم على العالم نوع من الردع ومن توازن القوى المرعب. بعد سنوات قليلة لحقت بريطانيا وفرنسا، اللتان خرجتا منهكتي القوى من الحرب بالرغم من انتصارها، بركب الدول النووية. في تلك الفترة كانت الحرب الباردة قد وصلت إلى ذروتها، وكانت الصين الشعبية المستقلة حديثا حليفا للاتحاد السوفياتي، لذلك قام بمساعدتها على تطوير سلاحها النووي لكي تعيد التوازن الدولي الذي تعرض لبعض الخلل. حتى دب الخلاف بينهما فأكملت الصين برنامجها النووي بقواها الذاتية. في الفترة نفسها استقلت شبه الجزيرة الهندية التي وقعت لسنوات طويلة تحت الاستعمار الإنجليزي والذي زرع كعادته بذور النزاع الذي لم ينته حتى يومنا هذا بين الهندوس والمسلمين ونشأ عن هذا النزاع ولادة دولتين: الهند وباكستان التي انشقت عنها فيما بعد دولة بنغلاديش. ونتيجة لهذا النزاع سعت الهند ونجحت بامتلاك السلاح النووي ولم تتأخر باكستان طويلا لتمتلك هي الأخرى السلاح النووي. أما بالنسبة لكوريا الشمالية فهي تدعي وتصرح بأنها تمتلك السلاح النووي وذلك لمواجهة الاسلحة النووية الامريكية المنتشرة في كافة نواحي كوريا الجنوبية. ولكن ليس بمقدور أحد أن يؤكد أو ينفي صحة هذه الادعاءات والتصريحات، بالرغم من ذلك ما زال برنامج كوريا الشمالية النووي يستحوذ على السياسة الامريكية .
كانت دولة إسرائيل خامس دولة تنظم إلى النادي النووي، أي بعد أمريكا والاتحاد السوفياتي وانجلترا وفرنسا مباشرة، وذلك في أواخر سنوات الخمسين حيث قامت فرنسا ببناء المفاعل النووي في ديمونا وقامت ألمانيا بتموليه ومن ثم انهالت عليها بعد ذلك المساعدات من كل حدب وصوب. وبما أن مساحة البلاد الصغيرة لا تسمح بإجراء تجارب نووية فقد تكرمت فرنسا بتقديم الجزائر المحتلة آنذاك لتكون حقلا لهذه التجارب. بالاضافة للعلاقة الحميمة والتعاون مع نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. وبالرغم من مرور كل هذه السنوات ومن كثرة الادلة ما زالت إسرائيل تعتبر قدراتها النووية سرا وترفض الاعتراف بها علنا.
بعيدا عن الخوض بالتفاصيل الذي لا تتحمله مقالة صحفية، التفاصيل لمن يرغب موجودة بين صفحات مئات الكتب والمجلدات. سوف أكتفي هنا بالاشارة إلى بعض النقاط الهامة:
اولا، الاموال والميزانيات المخصصة لتطوير وحماية البرامج النووية كانت سببا مباشرا في تفاقم أزمات هذه الدول الاقتصادية والتي دفع ثمنها المواطنون البسطاء. ففي الولايات المتحدة الأمريكية وهي أغنى واقوى دولة في العالم يوجد ملايين الفقراء والمشردين. وكذلك الأمر في كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا. أما في الدول الفقيرة أصلا فإن الوضع يصل إلى حد الكارثة الانسانية وخصوصا في الهند وباكستان وكوريا الشمالية. الأمر يختلف بعض الشيء في دولة إسرائيل لكونها دولة طفيلية تعتمد من حيث الاساس على مصادر تمويل خارجية يتيح لها تجاوز أزماتها الاقتصادية.
ثانيا، قد يشكل السلاح النووي نوعا من توازن القوى أو من الردع ولكنه توازن مبني على الرعب والخوف مما يجلب التعاسة لغالبية البشرية.
ثالثا، السلاح النووي في العالم والذي يقدر ب 2000 سلاح قادر على تدمير الحضارة البشرية على وجه الكرة الارضية كافة عدة مرات وبالتالي يصبح أي سباق عديم المعنى.
رابعا، تبقى أمريكا وروسيا صاحبتا الترسانة الاكبر في العالم وبدلا من الكلام حول خطر انتشار السلاح النووي لدول أخرى في العالم، عليهما وقف السباق النووي فيما بينهما أولا ومن ثم العمل الجاد لنزع هذا السلاح وتدميره. وهنا لا بد من التنويه أن كافة الدول النووية رفضت التوقيع على معاهدة حظر الاسلحة النووية.
الخلاصة: يجب رفض السلاح النووي بشكل مطلق ومقاومته على كافة الاصعدة وفي جميع الاماكن وكافة الاوقات وبدون أية تبريرات. يجب عدم الاكتفاء بالمطالبة بمنع انتشار الاسلحة النووية بل يجب المطالبة بنزعها وتدميرها قبل أن تدمرنا. هذا إذا أردنا إنقاذ البشرية من مصير مظلم مجهول.