هل نحن مصابون بمرض الزهايمر سياسي؟
علي زبيدات - سخنين
قد يظن البعض أن تشخيص حالتنا كمرض ألزهايمر فيه نوع من المبالغة والتجني. ويكفي أن نعترف بأننا نعاني من ضعف بسيط في الذاكرة أو باسوأ الحالات بحالة فقدان مؤقت للذاكرة إزاء بعض المسائل، ولكن الطريق إلى مرض ألزهايمر ما زال طويلا. وربما في المقابل سوف تجد من يقول: لماذا جلد الذات هذا كله فإن وضعنا مقبول وليس بهذا السوء.
أنا أميل للجزم بأننا نعاني من الزهايمر سياسي بمراحل متقدمة جدا اصبحت تشكل خطرا وجوديا. وإلا فليجبني أحدكم: ألم يعقد اجتماعا للمجلس المركزي الفلسطيني قبل ثلاثة أشهر فقط؟ ألم يتخذ "قرارات تاريخية"؟لاذكركم ببعضها: وقف التنسيق الامني "المقدس" بل تعليق الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل واعتبار فلسطين دولة تحت الاحتلال والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة إسرائيل على جرائمها. هل ما زلنا نذكر هذه الاجتماع؟ ونذكر تلك القرارات؟ وهل نذكر أصلا انه يوجد لدينا مؤسسة وطنية تسمى مجلس مركزي؟؟
ما الداعي إذن لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني في أواخر هذا الشهر؟ ما الذي ذكرنا فجأة بهذا المجلس بعد مرور 9 أعوام على آخر دورة غير إعتيادية له وبعد 22 عاما على آخر دوراته العادية؟ ماهي القرارات التي سوف يتخذها المجلس الوطني الفلسطيني ولم يتخذها المجلس المركزي المذكور؟ انه ليس الزهايمر فقط، وهو في نهاية المطاف مرض يكون الله في عون المصاب به، بل هو استهبال للذين لا يعانون منه أيضا. لست هنا بصدد الخوض في نقاشات لا أول لها ولا آخر بخصوص إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وكافة مؤسساتها وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني. ولكني أكتفي بأن اسأل نفسي أولا وأوجه السؤال نفسه لكل فلسطيني بحوزته ولو قدر ضئيل من الوعي الوطني: أين هو هذا المجلس الوطني؟ من هم أعضاؤه وماذا يفعلون؟ ومن هي هذه اللجنة التنفيذية التي دعت إلى عقد دورة جديدة لهذا المجلس؟
تصوروا أن الكونغرس الأمريكي بشقيه والذي يمثل أقوى دولة في العالم يتكون من 535 عضوا (مجلس الشيوخ: 100 سيناتور ومجلس النواب: 435 عضو) أما المجلس الوطني الفلسطيني الذي من المفروض أن يمثل شعبا مشردا أو يرزح تحت الاحتلال ولا تبلغ نسبته أكثر من 4% من الشعب الأمريكي، يبلغ عدد أعضائه 700 عضو. وإذا لم أكن مخطئا فإن المجلس الوطني الفلسطيني هو ثاني أكبر "برلمان" في العالم بعد الصين الشعبية.
وكأن هذه المهزلة لا تكفي، فهناك دائما الصراعات التي لا تنتهي بين الفصائل. فها هي حركة فتح تدفع بكل قواها لعقد اجتماع المجلس بأقرب فرصة وذلك لتجديد صلاحية رئيسها المنتهية صلاحيته منذ عشر سنوات الذي هو، بالصدفة أو بغير الصدفة، رئيسا للسلطة الفلسطينية في رام الله ولمنظمة التحرير الفلسطينية. من أجل ذلك جند ديناصورا منتهية صلاحيته هو الآخر يسمى سليم الزعنون بصفته رئيسا للمجلس الوطني. بينما تطالب حركة حماس بالتريث وتأجيل الاجتماع حتى تتحقق المصالحة فيما بينهما ويتم التوافق على عقد دورة المجلس. وقد استطاعت حركة فتح كالعادة كسب حزب الشعب وفدا إلى جانبها، بينما أعلنت الجبهة الشعبية والجهاد الاسلامي مقاطعة هذه الدورة وهددت بعقد اجتماع بديل في الوقت نفسه في بيروت وفي غزة. ولكنها لم تغلق الباب من خلفها فقد صرحت أنها ليست بصدد تأسيس كيان سياسي بديل.
لا يمكن وضع مصير الشعب الفلسطيني بين يدي هذه الزمرة التي تعاني من مرض الزهايمر سياسي.
يكفينا البكاء عند رأس جثث مؤسسات كنا نعتبرها وطنية. الخطوة الأولى ينبغي أن تكون التحضير والدعوة لانتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد يضم الحريصين على القضية الفلسطينية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني. سوف تعود إلينا ذاكرتنا كاملة فقط عندما يكون هناك مجلس وطني فلسطيني حقيقي ومنتخب.